ما بين خطة الحل النهائي النازية إلى خطة الحسم الصهيونية - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 2:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما بين خطة الحل النهائي النازية إلى خطة الحسم الصهيونية

نشر فى : الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 7:50 م | آخر تحديث : الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 7:50 م
نشرت وكالة صدى نيوز الفلسطينية مقالا للكاتب إبراهيم أبراش، تناول فيه أوجه التشابه بين خطة «الحل النهائى» النازية للتخلص من اليهود وخطة «الحسم» الصهيونية للتخلص من الشعب الفلسطينى، إذ أضحى الضحية جلادا ينتهج نفس منطق التعذيب والاستعلاء... نعرض من المقال ما يلى.
لسنا فى وارد نبش تاريخ اليهود فى أوروبا والعالم ولا الدخول فى جدل حول معاناة اليهود واضطهادهم فى ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن ما لفت انتباهنا ظاهرة سبق أن تطرق لها ابن خلدون فى مقدمته المعروفة وهى أن: «الأمم المغلوبة تتشبه بالأمم الغالبة»، وما أكده علماء النفس لاحقا بأن الضحية تتشبه بالجلاد من حيث إعجابها بقوته وجبروته مما يدفعها لاحقا وبالرغم مما عانته على يد الجلاد إلى تقليد أسلوبه فى تعاملها مع الآخرين وتتحول هى بحد ذاتها إلى جلاد يمارس نفس منطق الاستعلاء والجبروت وصنوف التعذيب مع الآخرين ممن يقعون تحت سلطتهم وحكمهم.
هذا ما نشاهده اليوم فى طريقة تعامل الصهاينة ضحايا (الهولوكست) مع الشعب الفلسطينى، وفى هذا السياق لاحظنا التشابه الكبير ما بين (خطة الحل النهائى) التى وضعها النازيون إبان الحرب العالمية الثانية للتخلص من اليهود فى ألمانيا و(خطة الحسم) التى وضعها اليمين الصهيونى المتطرف سموترتش للتخلص من الفلسطينيين وإنهاء الصراع، وقبل المقارنة وتبيان أوجه الشبه الكبيرة دعونا نتعرف باختصار على الخطتين العنصريتين.
أولا: خطة (الحل النهائى) للمسألة اليهودية
مع أن العلاقة بين اليهود والمجتمعات الأوروبية التى يعيشون فيها كانت دائما متوترة حيث كان لليهود نمط حياتهم الخاصة التى لم تكن تنسجم مع الثقافة الأوروبية ونمط الاقتصاد الأوروبى، وفى هذه المجتمعات ظهر مصطلح (معاداة السامية) فى دول أوروبية حتى قبل ظهور النازية، إلا أن الأمر وصل لدرجة التصادم والعداء المطلق عندما وصل أدولف هتلر للسلطة فى ألمانيا عام 1933، فى ذلك التاريخ لم تكن المسألة اليهودية على سلم اهتمام النازيين بل كان شغلهم الشاغل إعلاء شأن الوطنية الألمانية التى تعرضت للإهانة فى الحرب العالمية الأولى وما بعدها، ولكن خلال ذلك بدأت تظهر أفكار ونظريات عنصرية تميز بين الأعراق وتقول بأن البشر غير متساوين فى قدراتهم العقلية واستغل النازيون هذه النظريات لتمجد العرق الجرمانى واعتبار الشعب الألمانى أسمى الشعوب وبقية الشعوب الأخرى أدنى درجة وفى أدنى السلم يأتى اليهود، ولكن العداء لليهود لم يكن لهذا السبب فقط بل أيضا بسبب سلوك اليهود الاقتصادى الذى لم يكن فى خدمة الشعب والاقتصاد الألمانى.
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية 1939 تعاظمت النزعة النازية العنصرية وتم فتح ملف اليهود فى ألمانيا، ووضع خطة الحل النهائى النازى المتطرف أدولف ايخمان رئيس الجهاز السرى (جيستابو)، وعقد القادة الألمان اجتماعا حكوميا فى برلين فى 20 يناير 1942 لبحث الخطة، ودعت الخطة إلى إيجاد حل نهائى للمسألة اليهودية من خلال عمليات متعددة من الترحيل القسرى لليهود إلى مناطق خارج ألمانيا أو إلى معتقلات جماعية تمارس فيها الأعمال الشاقة، وعمليات القتل المتعمد إلخ، وكان (الهلوكست) أو المحرقة التى يزعم الصهاينة أن ضحاياها وصل إلى 6 ملايين يهودى إحدى أهم أدوات الخطة أو الوصف المفضل عند اليهود لما تعرضوا له فى ألمانيا.
كان الهدف من هذه الخطة الوصول لدولة ألمانيا نقية العرق وخالية من اليهود ومن الأعراق الأخرى وتسخير هذه الأخيرة المتواجدة على أراضى ألمانيا أو فى الدول التى تم احتلالها لخدمة الشعب الألمانى، وهذا يتطلب ممارسة سياسة التطهير العرقى.
ثانيا: خطة الحسم العنصرية الصهيونية
بما هو نظير أدولف ايخمان وخطة الحل النهائى أعلن بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية فى سنة 2017 عن خطة لحل الصراع مع الفلسطينيين وإنهاء المسألة الفلسطينية وليس مجرد إدارة الصراع معهم كما كانت تفعل الحكومات السابقة؛ أطلق عليها مسمى «خطة الحسم»، وتم اعتمدها لاحقا فى المؤتمر العام للحزب.
ينطلق سموتريتش فى خطته من نفس منطلق النازيين وهو أنه لا يمكن التعايش مع الفلسطينيين فى دولة واحدة لأن الفلسطينيين دخلاء وإرهابيون ولا حقوق سياسية لهم فى الدولة اليهودية، ووضع خطة الحسم للتطبيق أساسا فى الضفة الغربية التى يسميها يهودا والسامرة أرض اليهود التاريخية، وبالتالى يطالب بالانتقال من سياسة إدارة الصراع مع الفلسطينيين إلى حسم الصراع باستعمال عدة وسائل وحتى يتحقق هذا القرار لا بدّ من ترسيخ قاعدة للانطلاق؛ وهى توعية الجمهور الإسرائيلى، بأنه لا مكان فى «أرض إسرائيل» لحركتين وطنيتين متناقضتين.
كثيرة تفاصيل الخطتين ولكننا اختصرنا الموضوع لاستخلاص بعض أوجه الشبه بين الخطتين فى المنطلقات الفكرية التى انطلقت منها كلا الخطتين حيث كانت فى الأولى نظرية التفوق العرقى وفى الثانية فكرة شعب الله المختار والعنصرية الدينية، فى الأولى دولة ألمانية خالصة للشعب الألمانى والتطهير العرقى لغير الألمان وفى الثانية الدولة اليهودية والتطهير العرقى لغير اليهود، فى الأولى رفض الشرعية الدولية والقانون الدولى العام حيث لم تعترف الدولة النازية بعصبة الأمم ولم تحترم قراراتها ولا سيادة الدول الأخرى، والثانية ترفض الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية حول الصراع العربى الإسرائيلى ولا بحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره كما تقوم بانتهاك سيادة الدول الأخرى كسوريا ولبنان، أيضا فى النهج والسلوك ففى الحالة الأولى لجأ النازيون لاضطهاد اليهود والتضييق عليهم فى العمل والتنقل وعزلهم فى (جيتوات) ومعتقلات تمهيدا لطردهم خارج البلاد أو قتلهم، نفس الأمر يجرى فى الحكومة اليمينية اليهودية المتطرفة حيث تبدأ خطة الحسم بنفى وجود شعب فلسطينى ورفض اعترافها بأى حقوق سياسية وحتى مدنية والتضييق عليهم فى السكن وفرص العمل والاستيلاء على أراضيهم وتهويد أماكنهم المقدسة ومحاولة حصرهم فى (كانتونات) تمهيدا لمرحلة الحسم النهائى بترحيله خارج البلاد أو يعيشوا عيشة العبيد فى دولة عنصرية ومن لا يقبل بذلك فالموت مصيره كما قال ذلك بوضوح الوزير الصهيونى المتطرف سموترتش.
سياسة ألمانيا النازية العنصرية أثارت عليها دول العالم خصوصا بعد أن بدأت باحتلال الدول الأوروبية المحيطة بل وفتحت جبهة مع الاتحاد السوفيتى، واليوم السياسة العنصرية والإرهابية لليمين الصهيونى أخذت تستفز العالم الحر وتتعالى الأصوات تتهم دولة الكيان الصهيونى بالعنصرية وتطالب بمقاطعته أو فرض عقوبات عليه، ولكن للأسف فالغرب متحيز كليا للعدو والأمم المتحدة عاجزة والعرب منشغلون بمصالحهم الخاصة بل ولا يمانعون بالتطبيع مع الحكومة اليمينية العنصرية التى تبنت خطة الحسم مع شعب ومع قضية كان العرب يعتبرونها قضيتهم الأولى، حتى الفلسطينيون ليس عندهم خطة استراتيجية لمواجهة خطة «الحسم».

النص الأصلي

التعليقات