مؤتمر حزب النهضة.. غلبة الشكل على المضمون - امال قرامى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مؤتمر حزب النهضة.. غلبة الشكل على المضمون

نشر فى : الإثنين 23 مايو 2016 - 10:00 م | آخر تحديث : الإثنين 23 مايو 2016 - 10:00 م

مؤتمر حزب النهضة: أطلق عليه البعض «مؤتمر الاستعراض»، «مؤتمر الأبهة»، «مؤتمر الإبهار».. فى إشارة واضحة إلى الميزانية التى رصدها حزب النهضة لعقد مؤتمره العاشر ولا يخفى أن هذه النعوت تنمّ عن استياء فئة من التونسيين من «هدر» هذه الأموال فى سبيل «تلميع» صورة الحزب فى الخارج ثم فى الداخل، والحال أن البلاد تمر بأزمة اقتصادية حادة، يضاف إلى ذلك استغلال عدد من المتملّقين لهذه المناسبة للتبرع بهبات للنهضة. ومهما يكن من أمر فإن «الإبهار» هو شكل من أشكال التموقع السياسى فى سياق عاد فيه الاستقطاب بين أبناء المجتمع كما أن «الإبهار» يعكس رغبة القيادات النهضاوية فى صناعة صورة الحزب «القوى» و«المتمكن» حزب «الحمامة تحلّق عاليا» فى مقابل ضعف حزب النداء وتشتت أتباعه.


وبالرغم من كثرة الأحداث الاجتماعية والإرهابية التى شغلت التونسيين خلال هذا الأسبوع فإن حزب النهضة استطاع أن يحتل الصدارة وأن يكون فى مركز اهتمام وسائل الإعلام المحلية والغربية باعتبار أنه سوَّق لهذا المؤتمر منذ أسابيع بالإعلان عن شعار «فصل السياسى عن الدينى». ولكن إلى أى مدى سيكون هذا المؤتمر مفصليّا ومحددا لسياسات الحزب ولمستقبل البلاد؟


***


يكتشف المُطَّلِع على تصريحات القيادات النهضاوية وتعليقات الأتباع على شبكات التواصل الاجتماعى وجود فجوة بين القيادات والقاعدة، فبينما تنظر القيادات إلى التحولات التى أقدمت عليها الحركة بعين الرضا والاستحسان بل هى مفخرة تميّز الحزب عن حركة الإخوان، تنتقد القواعد تنازل النهضة عن عدّة مسائل وإقدامها على تغيير مواقفها بما يتعارض مع المرجعية الإسلامية والمبادئ التى تأسس عليها الحزب، وهو أمر يجعل «التغيير» محدودا ونخبويا ولا يلزم إلا الفاعلين السياسيين البراجماتيين. أمّا القاعدة المُشَكِّلة لحزب النهضة فإنّها تظل وفيَّة لثوابتها مؤمنة بشمولية الإسلام والعلاقة العضوية بين الدينى والسياسى ومن ثم لا سبيل «للتخصص فى الدعوى». ويتضح من خلال هذا التباين بين وجهات نظر أبناء الحركة أن مشروع «الفصل بين السياسى والدينى» ليس وليد إجماع بل هو قرار فوقى وهو ما قد يجعل الحركة تسير «بجناحين» وبخطابين وبتحركات قد تكون متقابلة.


أما المتابعون للشأن السياسى فإنهم يرون أن لوائح المؤتمر لا ترقى إلى المأمول إذ لم يقدم حزب النهضة على القيام بالمراجعات الفكرية العميقة التى تجعل من رؤيته السياسية ذات جدوى وفاعلية. ويرجع ضمور المراجعات بالأساس إلى غياب المفكرين داخل النهضة واتكال الأتباع على الغنوشى باعتباره المُنَظِّر الوحيد. ثم إن مسألة تقييم أداء القيادات وتحديد مسئولياتهم أثناء فترة الحكم لم تنل حظها من العناية إذ عسر على «مهندسى» وثائق المؤتمر الاعتراف بالفشل والعجز عن قيادة البلاد إلى بر الأمان، كما بدا لهم من غير المقبول الاعتراف بمسئوليتهم السياسية عن استشراء الجماعات المتشددة التى تحوّلت بعد ذلك إلى العمل الإرهابى. ولعلّ ما يسترعى الانتباه فى هذه اللوائح التركيز على الشكل (تونسة النهضة، تغيير اسمها....) وعلى مضامين فضفاضة هى أقرب إلى الشعارات والأعمومات منها إلى الخطاب السياسى المستند إلى تصور دقيق وخطاب فكرى وسياسى مقنع.


***


ومهما يكن الأمر فإننا نعتبر أن ما أقدمت عليه النهضة من خيارات (بإعداد هذا المؤتمر وانتقاء المحاور التى تستحق النظر وتأجيل القضايا الخلافية واختيار الضيوف وشكل المؤتمر الذى بدا احتفاليا...) موصول إلى مشهدية النشاط السياسى، ومعنى ذلك أن الاهتمام بالشكل طغى على التعمّق فى صياغة التصوّرات، وتحليل المضامين، وإنتاج الخطابات المتماسكة التى بإمكانها أن تكون وظيفية. ويمكن أن يفسر تغليب الشكل على المضمون باستغلال النهضة السياق السياسى الحالى إذ أضحت الفاعل السياسى الرئيسى فلا غرو أن تعكس الاحتفالية عودة الحزب إلى المركز من جديد ولكن بأية تصورات؟

التعليقات