لماذا التضارب والغموض فى مشروع دمياط «اللوجستى»؟ - صفوت قابل - بوابة الشروق
الأحد 27 أبريل 2025 7:28 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

لماذا التضارب والغموض فى مشروع دمياط «اللوجستى»؟

نشر فى : الثلاثاء 23 ديسمبر 2014 - 8:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 23 ديسمبر 2014 - 8:20 ص

أصبح من العادى أن نقرأ كل عدة أيام عن مشروع إنشاء مدينة جديدة، فمن العاصمة الجديدة إلى العلمين الجديدة ثم مدينة حول المطار ثم المدن والتجمعات الجديدة فى الجنوب وضمن مناطق استصلاح المليون فدان ومنها توشكى، ثم خرج علينا وزير التموين بمشروع إنشاء منطقة لوجستية عالمية لتداول الحبوب وأيضا مشروع إنشاء مدينة للتسوق، وبغض النظر عن السؤال هل يدخل إنشاء المدن الجديدة فى مهام واختصاصات وزارة التموين، فإن هناك مجموعة من الاستفسارات حول مشروع دمياط اللوجستى ومنها:

• بعد أن دشن رئيس الوزراء مشروع دمياط اللوجستى فى 28 أكتوبر 2014 تم الإعلان عن قيام الرئيس السيسى بافتتاح المشروع فى ديسمبر قبل أن يعلن السيسى أنه طلب تأجيل افتتاح العمل بالمشروع حتى تصل المعدات، ورغم غرابة هذه الافتتاحات، ذات المستويات المتعددة، فإن الأكثر أهمية هو تحديد طبيعة هذا المشروع، ففى البداية أعلن وزير التموين أن المشروع يهدف إلى إنشاء بورصة عالمية للحبوب ثم تحول الهدف إلى إنشاء مناطق تخزين وبعض الصناعات المرتبطة بالحبوب، ومما يزيد الحيرة فيما يريد وزير التموين فعله أن تجده يصرح فى أول أكتوبر بإقامة ثلاثة مراكز لوجستية عالمية للغلال والسلع الغذائية فى ثلاث مناطق هى دمياط وشرق بورسعيد وسفاجا، وأن إنشاء هذه المناطق بالتعاون مع وزارتى النقل والإسكان باستثمارات تقدر بنحو 13 مليار جنيه، ومن خلال هذه التصريحات المتضاربة لا نعرف هل مشروع دمياط سيكون بديلا عن شرق بورسعيد وسفاجا، وما علاقة هذا المشروع بتطوير الشون الترابية والتمويل الإماراتى لإنشاء بعض الشون فى المحافظات، وهل هناك حاجة لكل هذه الشون والصوامع فى وقت نعانى فيه من نقص الاستثمارات؟

• هناك غموض فى مصادر تمويل المشروع، فوفقا لتصريحات وزير التموين فإن هذا المشروع سيتكلف 15 مليار جنيه، ثم أعلن عن تخفيض المبلغ إلى 13 مليار جنيه وهو ما يوضح عدم وجود دراسات جدوى موثوق بها، كذلك أعلن الوزير أن تمويل المشروع سيكون خارج الموازنة ولكن الغريب أنه يرفض تحديد الجهات التى ستتولى التمويل رغم البدء فى المشروع، وهناك العديد من التصريحات عن جهات متعددة ستشارك، فوفقًا لبيان لوزارة التموين فى 3 ديسمبر أنه تم الاتفاق مبدئيًا مع شركة صينية على المشاركة والاستثمار فى المركز اللوجستى العالمى للحبوب، وأكد الوزير أن العروض لإقامة تحالفات استراتيجية للمشاركة والاستثمار فى المركز اللوجستى العالمى للحبوب والغلال والسلع الغذائية بلغت أكثر من 30 عرضًا من مستثمرين وشركات عالمية من معظم الدول العربية والأجنبية منها الإمارات، والسعودية، والكويت، والسودان، وأوغندا، ومن أمريكا، وكندا، وإيطاليا، وفرنسا، وروسيا، وسلوفينيا، وهولندا، وبنوك دولية، ومنظمات عالمية، وغيرها، ولكن ورغم كل هذه التصريحات عن عروض كل هذه الجهات، فلم يتم توقيع أية اتفاقية نهائية للمشاركة، وهو ما يثير الشك فى خطورة البدء دون تحديد مصادر التمويل.

• لماذا دائما يُعلن عن مثل هذه المشروعات دون طرح دراسات الجدوى الخاصة بها وما هو الهدف من إنشائها، فعندما تتابع تصريحات وزير التموين عن هذه المشروعات ستخرج بقناعة أنه لا توجد دراسات قبل التصريحات، ومثالا على ذلك أن الإعلان عن المنطقة اللوجستية بدأ فى زيارة وزير التموين لأمريكا فى أغسطس 2014 وعقب اجتماعه مع رئيس وأعضاء البورصة السلعية بولاية شيكاغو الأمريكية، أعلن أنه سيتم إقامة مركز لتجميع الأقماح وبورصة سلعية ومراكز تجارية عالمية فى منطقة القناة، ثم بعد أسابيع تحولت الدفة إلى إنشاء المنطقة فى دمياط وبدلا من التعاون مع الأمريكيين بدأ الحديث عن التعاون مع الروس، وكل يوم يخرج الوزير ليبشرنا بانضمام مستثمرين جدد يهرعون لطلب المشاركة فى هذا المشروع اللوجستى، وآخرهم منظمة الغذاء العالمية، رغم ان هذه المنظمة لا تقوم بالاستثمار المباشر.

• ثم هل يكفى أننا أكبر مستورد للقمح لكى يعتقدوا بإمكانية إنشاء بورصة سلعية للقمح ومن سيشارك بها من المنتجين الرئيسيين، وأين هى علامات موافقتهم على ذلك؟ وقبل كل ذلك من سيمول هذا المشروع؟ أم سنكرر ما سبق بمنح الأراضى لكبار رجال الأعمال بهدف إنشاء الصوامع للتخزين ثم عندما لا يحضر أحد من منتجى المحاصيل الرئيسية تتحول الأراضى إلى مشروعات تجارية تجلب المزيد من الأرباح لرجال الأعمال، ففى تجارة القمح معروف كبار المنتجين والدول المستوردة ومعروف طرق النقل ومواقيتها وكلها لا تحتاج لإنشاء منطقة لوجستية لذلك.

• ودليلا على عدم الدراسة العلمية لمثل هذه المشروعات وأنها مجرد أمنيات يتحدث بها المسئولون مع بعض المستثمرين ثم تطوى الأيام هذه الاتفاقيات غير المدروسة، انه فى سبتمبر وقع وزير التموين مع نائب مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبى وهو أيضا رئيس المنظمة العربية الإفريقية للاستثمار والتطوير العقارى وممثل مجموعة من المستثمرين العرب، على مذكرة تفاهم تتضمن مشروعات مشتركة فى مجالات إنشاء المدن التجارية والسياحية، واستيراد وتصدير السكر للمنطقة العربية والإفريقية والآسيوية، وإقامة مناطق لوجستية وسلاسل تجارية ومراكز وبورصات سلعية وتخزين وتداول الحبوب، ثم اختفى الحديث عن هذا الاتفاق لنقرأ تصريحا كل عدة أيام عن جهات متعددة أعلنت نيتها المشاركة فى هذه المشروعات دون أن تتحول هذه النية إلى أفعال، كذلك من هذه التصريحات التى لا تنفذ، تصريح وزير التموين فى زيارته لأمريكا بأن شركة بلومبرج العالمية بولاية تكساس سوف تقوم بتنفيذ 3 مشروعات كبرى فى مصر وإقامة شون حديثة ولوجيستيات بتكاليف 3 مليارات و206ملايين جنيه، ثم اختفى الحديث عن هذه الاستثمارات ليحل محلها الحديث عن الاستثمارات الروسية ثم الصينية.

• هناك سيل من المبالغات حول ما ستوفره هذه المشروعات من فرص عمل وذلك لكسب التأييد لها ولمن يطلق هذه التصريحات، فوفقا لتصريحات وزير التموين ستوفر مدينة التسوق نصف مليون فرصة عمل ومنطقة اللوجستيات 20 فرصة عمل، وهى أرقام مبالغ فيها بافتراض تنفيذ هذه المخططات.

• كذلك الحديث عن إنشاء مصانع للسكر والمكرونة ومطاحن دون دراسة أوضاع المصانع القائمة بالفعل والتى تعانى من مشاكل وهل السوق المصرية تحتاج كل هذه المشروعات فى نفس المجال وإذا قيل ان هذه الصناعات للتصدير فهل درسوا تجارب الشركات القائمة وأوضاعها التصديرية وهل ستكون الشركات الجديدة منافسا للشركات القائمة وهل هذا فى الصالح العام؟

•••

الأوضاع فى مصر لا تتحمل مثل هذه المشروعات غير المدروسة وأعتقد أننا نحن المواطنين قد أصابنا الضجر والإحباط من كل هذه التصريحات، فهل يعرف السادة المسئولون ومنهم وزير التموين، أن هناك ما يسمى الأولويات وأن المجتمع لم تعد لديه رفاهية التجارب لمشروعات دون دراسة ولن تساهم فى تقليل المشكلات التى نعانيها بل قد تزيد المشكلات نتيجة ما قد ينفق عليها من أموال بلا عائد يتناسب مع ما تم إنفاقه.

صفوت قابل أستاذ الاقتصاد عميد تجارة المنوفية السابق
التعليقات