كلهم أولادي - محمود قاسم - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 10:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كلهم أولادي

نشر فى : الثلاثاء 26 ديسمبر 2023 - 6:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 ديسمبر 2023 - 6:55 م

لا توجد قاعدة بعينها يمكن بها التعرف على فريد شوقى ككاتب للسيناريو، سواء للسينما أو التليفزيون، فمن النظرة العامة إلى مسيرته سوف نجده قد كتب أفلاما قام ببطولتها وصنع لنفسه الشخصيات التى تناسبه مثلما حدث فى فيلم (جعلونى مجرما). ولكن بالنظر إلى فيلم كلهم أولادى إخراج أحمد ضياء الدين عام 1962 قد نجد أن قصة الفيلم ليست فيها شخصية تناسب فريد شوقى فى تلك الفترة، باعتبار أننا أمام أسرة تتكون من ثلاثة أشقاء شباب وهم أمين وسالم ومتعب، بالإضافة إلى أن سن فريد شوقى فى تلك الفترة لا تناسب أن يقوم بدور الأب الذى جسده عبدالخالق صالح هذا الممثل الذى جاء من عالم الشرطة ليملأ علينا سينما بداية الستينيات فى أدوار الأب القاسى أحيانا والخارج عن القانون أحيانا أخرى، هو هنا أب موجود فى جميع الأسر، يقسو على ابنه الأصغر مدحت بهدف تقويمه، باعتبار أن لديه اثنين آخرين ناجحين، سالم كضابط شرطة وأمين كموظف خجول يحب ابنة عمه التى تعيش فيما بينهما، على كل فإن فريد شوقى قد وقع على موضوع مثير للجدل، فهو باختصار حول الصراع بين الشقيقين وبين مدحت، تتدخل فيه الأم أمينة رزق لحماية ابنها الذى لم تتحكم أبدا فى سلوكه، يعنى أننا أمام ثالوث خاص يتضح فى المشاهد الأخيرة من الفيلم، والشاب مدحت قد لوث أغلب المحيط الذى عمل به حيث انتهك جسد ابنة العم، وهرب من المنزل كى يعمل فى سرقة السيارات فى شوارع مدينة القاهرة وصارت له عشيقة، وعلى الناحية الأخرى فإن الضابط سالم كلف بالبحث عن سارق السيارات الذى لم يتمكن أحد من القبض عليه، ويكتشف أن أخاه الذى فى بيته هو المجرم المطلوب، مدحت هذا يصدم أخاه أمين الذى يدافع عنه دوما حين تعترف له عروسه ابنة العم ليلة زفافه أنها قد أخطأت، ويحاول الزوج معرفة الفاعل بدون جدوى، مهارة فريد شوقى تتمثل فى التناقضات، فالأم حائرة بين أولادها أحدهم مغتصب والآخر مجروح والثالث يؤدى مهمته كضابط يسعى إلى أن يتم القبض على المجرم أيا كانت هويته وبين صراخ الأم التى يموت ابنها فى النهاية وبين جراح أمين الذى لن يغفر أبدا لزوجته التى منحت جسدها لابن عمها، يحاول السيناريو الذى كتبه فريد شوقى وكمال إسماعيل أن يصدمنا.

تلك الفترة من عمر السينما كان حسن يوسف يؤدى دور الشاب الملىء بالنزق الخارج عن القانون، وقد فعل ذلك فى الفيلم التالى المعنون سجين الليل قبل أن يتجه إلى الأدوار المرحة، وقد جمع الفيلم بين ثالوث من الممثلين المتميزين الشباب، وكانت أمينة رزق على سبيل المثال هى الأم التى انفردت بأدوار البكائيات بعد رحيل فردوس محمد، ولا شك أن هذا النوع يثير رغبة المتفرج فى رؤية التفاصيل، ابتداء من عنوان الفيلم المأخوذ عن إحدى مسرحيات الكاتب الأمريكى آرثر ميلر.

لكن الفيلم بأكمله مصرى الهوية باعتبار أن الأسرة هى عمود الحياة عند المصريين، ولا شك أن فساد عضو واحد فيها سوف يؤثر على الجميع بدون استثناء، فهذه الأسرة سوف تتفكك أوصالها بما فعله مدحت، وقد بدأ الفيلم مع هذا الشاب منذ أن تعرف على رجل العصابة الذى أوحى له بسرقة السيارات، ما جعل مدحت يفخر بأنه صار رجل أعمال، الغريب أن هناك مزيجا بين الشخصيتين اللتين جسدهما كل من حسن يوسف وزيزى البدراوى وأفلام أخرى شاهدناها فى تلك الفترة حيث وقعت الفتاة فى الخطيئة مع شاب وصار عليها أن تدفع الثمن ومن هذه الأفلام (شفيقة القبطية، امراة على الهامش، آخر شقاوة، وغيرها) وفى فيلمنا اليوم فإن أحمد ضياء الدين يستكمل اهتمامه بما يدور فى البيوت المصرية من منظور مختلف مثلما فعل من قبل فى أفلام منها (أين عمرى، المراهقات، مع الأيام، وغيرها).

التعليقات