نظرية فك البقف! - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نظرية فك البقف!

نشر فى : السبت 29 سبتمبر 2018 - 10:45 م | آخر تحديث : السبت 29 سبتمبر 2018 - 10:45 م

- معقول؟!.. اسمها كده؟! نظرية فك البأف؟
- يا سيدي لأ. اسمها نظرية فك البلف.
- طب وسميتها كده ليه؟
- وأنا شاب كنت باحاول افسر ليه أنا مش قابل إن البنت تشرب شيشة أو سجاير في حين إني ما باحسش باستنكار لو شفت شاب أو راجل كبير بيدخن. كان رأيي إن المرأة أو البنت وضعها خاص ولا يسمح بقيامها بفعل التدخين الفاضح الذي يكتسب عندها معاني ودلالات مختلفة.
- وده علاقته إيه بالبقف.
- تاني؟! البلف يا سيدي، اللي هو الصمام بتاع كاوتش العجلة (الدراجة). لو فتحته شوية بيفرغ الإطار المطاطي من الهواء ويتسبب في عطل العجلة تماما.
- إيه التهريج ده؟!! هي البنت لما بتشرب شيشة بتتفرغ من الهوا والا بتسحب هوا؟
- ما تاخدش الكلام حرفي. ده مثال لشرح فكرة إن البنت لو شربت شيشة أو سجاير تبقى في بداية منحدر السقوط. سلوك التدخين عند الفتاة مرتبط بمجموعة سلوكيات سلبية هتظهر واحدة ورا التانية: النهاردة سجاير، بكرة بيرة، بعده الله أعلم وربنا يستر على ولايانا. البلف اتفتح والهوا بندفع شوية شوية والانهيار قادم.
- طب ما هو كلام معقول برضه.
- لأ مش معقول. انا كنت مظبط الفكرة على تحيز موجود عندي. كنت باعمل قاعدة عامة من رد فعل عاطفي اتبنى على تحيز غير منطقي.
- هو انت يا تجعلص الكلام يا تقول لي بقف؟!
- بلف يا عزيزي.. بلف.. اسمع.. بتشوف في الصحف صور الكتاب والصحفيين بيشربوا سجاير؟
- يا خبر.. كتير جدا.. سجاير وسيجار وحياتك. الكاتب من دول يبقى متصور بيعصر دماغه وهو بيفكر ويتأمل في دخان السيجارة كده.
- يعني تدخين الراجل مربوط بالفكر والإبداع والمعاناة. طيب في السينما والتليفزيون شفت رجالة بيشربوا سجاير؟
- طبعا. الراجل دايما يشرب سيجارة أو ياخد له كاس لما يبقى زعلان ومصدوم وبيعاني.
- طب شفت أي جرنال أو مجلة فيها صورة لصحفية أو كاتبة عمود وهي بتدخن؟ شفت واحدة ست "محترمة" في أي فيلم وهي بتدخن أو بتاخد كاس علشان مهمومة وبتفكر؟
- الصراحة لأ. الست اللي بتطلع في السينما وهي بتدخن بتبقى ست بطالة. بتتشخلع وتقول هيء هيء وهي بتنفخ السيجارة في الهوا أو بتلعب بعشاقها.
- بالضبط. ده رسخ صورة مجتمعية متناقضة عن شخصين بيعملوا نفس الفعل في نفس المجتمع بس واحد منهم ذكر والتاني أنثى.
- ودي حاجة وحشة يعني؟
ـ وحشة جدا؟ ده بيأسس لأنماط سلوكية عنصرية.
- يا خبر.. انت بتبالغ.. صح؟
- إطلاقا. فكر في اللي بييجي يقولك "أنا باقرف من أي شخص لونه اسود، بس عادي يعني طالما مش بأذي حد. دي مشاعري ومادام في قلبي خلاص."
ده أكيد مش هيتعامل مع سود أو يشغلهم عنده أو معاه. وبيعتقد إن الشعور العنصري ده مشروع ويبرره لإنه في رأيه مجرد إحساس.
- أومال عايزه يعمل إيه. على الأقل صادق مع نفسه.
- المفروض يكون فيه مساءلة للمشاعر. ربنا ادانا عقل علشان نفكر مش علشان نكيف الحياة ونعمل قواعد ونظريات ترسخ تحيزاتنا ضد بعض. لما نلاقي نفسنا قرفانين من إنسان علشان لونه أو عرقه، أو بنعامل نص سكان الكرة الأرضية بشكل مناقض للنص التاني يبقى لازم نسأل نفسنا الأسئلة الصح. لازم نوزن الكلام بالعقل ونعرف اننا بنكيل بمكيالين فنراجع أحاسيسنا ونعرف مصدرها ونجتهد في تهذيب نفوسنا.
- وده يفرق في إيه؟
- يفرق كتير. ساعتها تعرف انك بتصدر أحكام متحيزة بدون سبب منطقي. بتشوف شاب شعره طويل تقول انه مخنث، بنت لابسة فستان وشعرها مكشوف تبقى منحلة، سيدة سنها كبير ومتزوقة ومبسوطة تقول متصابية، واحد بدقن تقول أخوانجي أو إرهابي.. وهكذا.. كلها أحكام عاطفية مبنية على تحيزات لا علاقة لها بجوهر البشر أو بحقيقة سلوكهم.
- والله انا خايف عليك.
- ليه؟
- كتير هيقروا الكلام ده ويقولوا انه فكر خبيث يضرب قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا لصالح مؤامرة تهدف لتقويض مجتمعاتنا من الداخل.
- هي لسه ما اتقوضتش؟!
- وهيقولوا انك كاتب مأجور.
- مين اللي مأجرني؟
- معرفش.. فيه ناس هتقول كده مش انا.
- طب اسألهم لو سمحت. ولو عرفت أنا مأجور من مين اتصل بيه وقول له يدفع اللي عليه!

التعليقات