أسعار السيارات إلى أين؟ (٣) - أحمد بهاء الدين - بوابة الشروق
السبت 27 ديسمبر 2025 1:12 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

بعد تأهل المنتخب لدور الـ16.. تؤيد خوض مباراة أنجولا بـ:

أسعار السيارات إلى أين؟ (٣)

نشر فى : الخميس 29 أكتوبر 2015 - 6:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 30 أكتوبر 2015 - 2:03 ص

الأسبوع الماضي اختتمت حديثي بهذه العبارة: «أرجوكم تذكروا دائما أنكم كمستهلكين الطرف الأقوى في العملية التجارية». حقيقة نعرفها جميعا ولكن ربما لا ندرك قوتها لإحداث تغيير.

عندما قبل المستهلك بجميع «الانتهاكات» التي يتم ارتكابها في حقة - والتي تحدثنا عنها الأسبوع الماضي – أصبح معظم وكلاء السيارات في بلدنا يعتقدون أنهم يملكون اليد العليا، لا يتركوا للمستهلك حق الاختيار؛ لا في التجهيزات ولا الكماليات ولا حتى الألوان!.

حتى أن بعض الوكلاء يطلبون من الشركات الأم مواصفات خاصة للسيارات؛ بعد تجريدها من أنظمة الآمان والسلامة يتم طلب محركات وعلب تروس قديمة لزيادة المكسب، ليس فقط على حساب «جيب» الزبون، بل على حساب سلامته وسلامة أسرته!.

دعونا نقول أنه عندما تم قبول الانتهاكات، شكلت سوق السيارات في مصر قالب خاص بها؛ قالب تغيرت فيه المسميات!، الانتهاكات أصبحت أمور طبيعية، لم يعد للمستهلك حق الاعتراض عليها، وإن اعترض بالفعل سوف تجد الشركة ١٠ مشتريين غيره أو أكثر.

لماذا لم يعد المستهلك المصري مدركا لقيمته؟ ببساطة لأنها تضاءلت، عندما كتبت الأسبوع الماضي أن الشركات أصبحت تتعامل مع العميل كما لو كان «متسولا» على المعادلة رغم أنه الأصل فيها، أثارت هذه العبارة حفيظة البعض ولكني أجدها وصفا دقيقا جدا لسوق السيارات في بلدنا.

مع تطبيق سياسة «الحجز» وبيع السيارات مسبقا، أصبح العميل لا حول له ولا قوة، ومن يدعي أن أزمة الدولار السبب دعوني أخبركم عن قصة بيع السيارات مسبقا بالحجز أو سياسة «الكسب المضمون»، سياسة اتبعها الوكلاء خلال السنوات الأربعة الماضية.

كانت الظروف الاقتصادية قاسية على الجميع، كنا نرى عملية حجز السيارات تتحول من تجاوز مقبول نظرا للظروف، إلى سياسة عامة تتبعها الشركات، واستكمالا لمسلسل الانتهاك ومع حجز السيارة واستلام العميل بعد شهور طويلة يتم سلب «الزبون» أقل حقوقه في الاختيار!.
ظلت الخدمة تنتقل من سيء إلى أسوأ وظلت أسعار السيارات ترتفع كلما سمحت الفرصة وباستخدام أي «حجه».

باختصار؛ شركات اعتادت على المكسب في سوق لا يخضع لأي رقابة ومستهلك يقبل بأي شيء!.

باختصار؛ شركات اعتادت على المكسب في سوق لا يخضع لأي رقابة ومستهلك يقبل بأي شيء!.

«أسعار السيارات إلى أين؟» في الجزء الثالث والأخير من هذه السلسلة التي إذا تركنا لها القلم يمكن أن تطول لعشرات المقالات بدون جدوى، أقول أن السوق تحتاج لضوابط من قبل الحكومة، والخدمة تحتاج لمعايير يجب أن تكون معروفة للجميع، والمستهلك يحتاج لتوعية ليست فقط بحقوقه بل «بقيمته» أولاً.

والسؤال الذي تكرر من قبل عدد كبير من القراء الأسبوع الماضي؛ «إيه إللى في إيدينا نعمله»؟ الإجابة بسيطة؛ ارفض الاستغلال، وارفض الخدمة الرديئة، وارفض المعاملة السيئة.
«الرفض هيجيب نتيجة؟» في الواقع ليس لدي إجابة محددة، الإجابة تتطلب تحرك جماعي وأنا أقل بكثير من حتى الدعوى لمثل هذا التحرك، ربما يكون التحرك مستحيل أساسا في بلد يقوم «الزبون» فيه بمحض إرادته وبكامل قواه العقلية بشراء «وصل» حجز من شخص مستغل بمبلغ يزيد عن ثمن السيارة ٣٠ أو ٤٠ ألف جنيه لاستلامها خلال مدة أقل، هذا يقودنا لمناقشة حملات المقاطعة.

ولكن قبل المقاطعة، نعم «الرفض هيجيب نتيجة» على المستوى «الفردي» على الأقل؛ لا تقبل بالاستغلال، قارن بين الخدمات وتمسك بالأفضل دائما، حتى وإن كانت الخدمة متوفرة عن غير طريق الوكيل الرسمي.

الدور الأساسي للوكلاء هو توفير المنتجات بشكل كامل؛ موديلات، كماليات وألوان، وتجهيز شبكة صيانة جيدة بتغطية جغرافية متكاملة، وتوفير جميع قطع الغيار من الأهم حتى الأقل أهمية، الدور الذي يعتبر أساس تمثيل العلامة التجارية، جميعنا نعرف أن الثلاثة عناصر غير متوفرة، لن أقول عند معظم الشركات بل سوف أستخدم التعميم هذه المرة!. إذا وجدت عنصر لن تجد الأخر، إن وجدت موديل لن تجد الأخر، إن وجدت قطعة غيار لن تجد الأخرى.. وهكذا، لذلك فالتمسك بالحصول على الخدمة من قبل الوكيل إن كان مستغلا يشجعه على المزيد من الاستغلال.

مع سهولة تداول المعلومات وتبادل الخبرات الشخصية وجهود جهاز حماية المستهلك، تطور سلوك العميل إلى حد كبير، حملات المقاطعة شكل من أشكال هذا التطور، ولكن هل هي مؤثرة؟
بالطبع سوف تؤثر، ولكن ليس كما يتوقع القائمون عليها بالضرورة، الحقيقة أننا شعب لا يجيد المقاطعة، لا نجيد حتى مقاطعة الياميش في رمضان رغم الشكوى – كل عام – من ارتفاع سعره!.

التأثير الحقيقي للحملة وأقصد بالطبع حملة «خليها تصدي» يكمن في الخبرات المتبادلة من قبل أكثر من ٣٥ ألف مُتابع – حتى اللحظة التي أكتب فيها هذه السطور – يمكن أن تتحول إلى جبهة قوية لتطوير سلوك المستهلك وكشف أشكال الاستغلال، أعتقد أن تلك الحملة إذا تم إدارتها بذكاء يمكن أن تلعب دور قوي جدا لصالح المستهلك.

ختاما لتلك السلسلة؛ وكإجابة نهائية على سؤال «أسعار السيارات إلى أين؟» وبعيدا عن «حجة» الدولار الذي تراجع خلال الأيام الماضية، الإجابة تبدأ من العميل وهذا ليس كلاما نظريا؛ ارفض الخدمة الرديئة، ارفض الاستغلال، إن لم تتوفر السيارة التي تريدها بدون أن تتعرض للاستغلال أبحث عن بدائل، اكتب لنا، راسلنا، سوف نكون سعداء دائما لمساعدتك، أكتب لنا أيضا عن خبرتك مع شركات السيارات، ومراكز الخدمة، وقطع الغيار والمعاملة.

كختام لتلك السلسلة تذكر أنك كمستهلك الطرف الأقوى دائما في المعادلة، ارفض الاستغلال وارفض الخدمة الرديئة.

أحمد بهاء الدين المشرف العام على ملحق السيارات بجريدة الشروق
التعليقات