إذا كان بايدن يريد السلام الفلسطينى ــ الإسرائيلى.. فالنهج الأمريكى القديم لن ينفع - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إذا كان بايدن يريد السلام الفلسطينى ــ الإسرائيلى.. فالنهج الأمريكى القديم لن ينفع

نشر فى : الثلاثاء 29 ديسمبر 2020 - 8:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 29 ديسمبر 2020 - 8:10 م

نشرت مجلة فورين بوليسى مقالا للكاتب Avi Shalam يتناول فيه أهمية ممارسة الضغط الأمريكى على إسرائيل من أجل التوصل لسلام بين فلسطين وإسرائيل، إلى جانب ضرورة إحياء المبادرة العربية للسلام الذى يعتبرها صفقة القرن الحقيقية... نعرض منه ما يلى.
بدأ الكاتب حديثه بذكر ما قاله موشيه دايان بأن الولايات المتحدة تقدم الأموال والأسلحة والنصيحة لإسرائيل، وإسرائيل تستلم الأموال والأسلحة ولا تأخذ النصيحة. ولكن إذا اشترطت الولايات المتحدة استلام الأموال بالعمل بالنصائح التى تقدمها، فستكون إسرائيل ملزمة بأخذ نصائح الولايات المتحدة... هذا هو الخلل الأساسى فى نهج الولايات المتحدة لصنع السلام فى الشرق الأوسط منذ 1967، فعدم وجود مشروطية اقتصادية أو عسكرية جعلت الولايات المتحدة تقوم بدور المحامى لإسرائيل. منذ 1967 والولايات المتحدة تحتكر الدبلوماسية المحيطة بالصراع العربى ــ الإسرائيلى، وتهمش الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والجامعة العربية والكرملين. لكنها فشلت فى النهاية بسبب عدم قدرتها على استخدام نفوذها لدفع إسرائيل للوصول إلى اتفاق... فإسرائيل ليست قضية سياسة خارجية فقط، بل هى أيضا سياسة داخلية. والرئيس بايدن مؤيد قوى لإسرائيل، وهو لا يعتبر فقط صهيونيا متحمسا بل يعتقد أن مشروطية المساعدات العسكرية لإسرائيل خطأ فادح.
عندما يدخل بايدن البيت الأبيض فى 20 يناير، لن تكون القضية الفلسطينية الإسرائيلية من إحدى أولوياته. ومع ذلك، فى مرحلة ما، سيتعين معالجة هذه القضية، على الأقل بسبب مركزيتها فى سياسات الشرق الأوسط. ستكون مهمته الأولى هى مواجهة إرث ترامب، الرئيس الأكثر تعصبًا لإسرائيل فى تاريخ الولايات المتحدة ذات التحركات المتهورة المنتهكة للقانون الدولى.
فيما يتعلق بالصراع العربى الإسرائيلى، كان ترامب منحازا بشكل واضح لإسرائيل، وأجندته لا تتعارض مع أجندة اليمين الإسرائيلى من؛ الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وإغلاق القنصلية الأمريكية العامة فى القدس التى تمثل قناة الاتصال الرئيسية للولايات المتحدة مع السلطة الفلسطينية، وقطع التمويل الأمريكى عن وكالة الأمم المتحدة التى ترعى اللاجئين الفلسطينيين، وسحب المساعدات الأمريكية الحاسمة للفلسطينيين، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، وتوج سياساته بما سماه «صفقة القرن» التى كانت رخصة لتوسيع الأراضى الإسرائيلية على حساب الفلسطينيين.
***
يمكن التنبؤ بأن بايدن سيحاول فقط الحد من الأضرار بدلا من القلب الشامل لإرث ترامب السام. فوعد بايدن باتخاذ خطوات فورية لإعادة المساعدات الاقتصادية والإنسانية للفلسطينيين، وتعهد بإعادة فتح القنصلية الأمريكية فى القدس الشرقية ولكن مع إبقاء السفارة الأمريكية بالقدس. وعلى الرغم من معارضته للتوسع الاستيطانى والضم الإسرائيلى الرسمى لأى جزء من الضفة الغربية، إلا أنه لا يزال يرفض ربط المساعدات الأمريكية بسجل إسرائيل فى مجال حقوق الإنسان أو انتهاكها للقانون الدولى. وهو متمسك بشدة بحل الدولتين للصراع الإسرائيلى الفلسطينى... لذلك من المرجح أن يعود بايدن إلى الموقف التقليدى للحزب الديمقراطى الذى يقدم الولايات المتحدة كوسيط يحاول مساعدة الطرفين على التوصل إلى تسوية. من الناحية العملية، يعنى هذا إحياء ما كان يُطلق عليه «عملية السلام» حتى أخرجها نتنياهو عن مسارها فى عام 2014.
يقول الكاتب إن عملية السلام لطالما كانت عملية فقط بدون سلام، لم يقترب خلالها الفلسطينيون على مدار 27 سنة ــ بعد اتفاقية أوسلو ــ من تحقيق هدفهم المتمثل فى الاستقلال وإقامة دولة.. عملية سلام أعطت إسرائيل ما احتاجته من غطاء لتحقيق مشروعها الاستعمارى عبر الخط الأخضر ــ الحدود الدولية قبل عام 1967... لذلك إذا كان بايدن يريد سلامًا دائمًا وحقيقيًا، فعليه أولا أن يعترف بأن الالتزام الأمريكى غير المشروط تجاه إسرائيل قد فشل تمامًا فى تحقيق هدفه المعلن المتمثل فى حل الدولتين.
يرى الكاتب أنه من الممكن الآن قول أن حل الدولتين قضى عليه. فالمستوطنات فى الضفة الغربية التى تضم 650 ألف يهودى يصعّب إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتصلة جغرافيا. وبالتالى، هناك دعم متزايد من الجانب الفلسطينى، ولكن ليس من جانب السلطة الفلسطينية، لفكرة الدولة الديمقراطية الواحدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط مع حقوق متساوية لجميع مواطنيها.
لن يتبنى بايدن مثل هذه الفكرة الذى قد يراها متطرفة، ولكن يجب عليه إذا تمسك بفكرة حل الدولتين أن يأخذ فى اعتباره التغييرات التى حدثت فى إسرائيل والمنطقة فى العقدين أو الثلاثة عقود الماضية، من ظهور للعنصرية داخل إسرائيل وتشديد أكثر على الهوية اليهودية بدلا من الهوية الديمقراطية. قانون الدولة القومية الصادر فى يوليو 2018 يجعل إسرائيل دولة فصل عنصرى من خلال التأكيد على أن لليهود حقًا «فريدًا» فى تقرير المصير فى المنطقة الواقعة تحت حكمهم... لذلك سيكون على بايدن بجانب الاعتراف بالاتجاهات غير الديمقراطية وغير الليبرالية فى السياسات الإسرائيلية، تطوير حوار استراتيجى مع الفلسطينيين والنأى بنفسه عن سياسات من سبقوه من خلال الاعتراف بأن للفلسطينيين حقوقا وطنية مشروعة ولديهم تأييد شعبى ساحق فى الدول العربية والإسلامية.
***
التغير فى موازين القوى الإقليمية يجب أخذه فى الحسبان. فدول الخليج لم تعد ترى إسرائيل كعدو وتهديد، بل حليف استراتيجى فى صراعها مع إيران، مع تراجع التزام دول الخليج بقضية قيام دولة فلسطينية مستقلة وتطبيع أربع دول عربية لعلاقاتها مع إسرائيل؛ الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب.
بالنسبة لإسرائيل، فإن اتفاق سلام مع أى دولة عربية هو موضع ترحيب خاصة إذا كان بدون تكلفة، مثلما كان الحال مع الدول العربية الأربع... لكن تظل الجائزة الكبرى هى السعودية. فعلى عكس دول الخليج الأصغر، فإن المملكة العربية السعودية لديها الكثير لتخسره إذا طبعت علاقتها مع إسرائيل وستواجه تهديد برد فعل عنيف فى الداخل وفى أجزاء من العالم الإسلامى. حتى الآن، قاومت المملكة الضغوط الأمريكية للإعلان بشكل رسمى عن تعاونها الاستخباراتى والأمنى مع إسرائيل. السعودية ملتزمة تجاه الفلسطينيين وتجاه المبادرة العربية للسلام عام 2002، التى ربطت السلام وتطبيع الدول العربية لعلاقاتها مع إسرائيل بالانسحاب من جميع الأراضى العربية المحتلة والموافقة على قيام دولة فلسطينية مستقلة فى الضفة الغربية وقطاع غزة تكون عاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب تحقيق «تسوية عادلة» لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرار الأمم المتحدة رقم 194.
كانت هذه صفقة القرن الحقيقية التى تبنتها السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات على الفور، والتى رفضتها الحكومة الإسرائيلية بقيادة أرييل شارون ووصفتها بأنها فاشلة... أعادت جامعة الدول العربية تأييد مبادرة السلام العربية فى مؤتمرى القمة لعامى 2007 و2017. لكن فى عام 2018، رفضها نتنياهو كأساس لمفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين، ولم تمارس أى حكومة أمريكية أى ضغط على إسرائيل لقبولها... إذا أراد بايدن أن يكون له تأثير حقيقى، فعليه أن يعيد إحياء المبادرة العربية للسلام واستخدامها كأساس للمفاوضات مع إسرائيل تحت قيادة الولايات المتحدة.
من ناحية، سيترتب على ذلك فرض عقوبات على إسرائيل لتعنتها. ومن ناحية أخرى، ستقوى من موقف المملكة العربية السعودية وستتمتع قيادة الولايات المتحدة بدعم دولى واسع بما فى ذلك فى العالم العربى والإسلامى والاتحاد الأوروبى. وفى الداخل، ستتمتع الولايات المتحدة بدعم الجناح التقدمى فى الحزب الديمقراطى وأغلبية اليهود الأمريكيين الذين يشعرون بإحباط بسبب سياسات إسرائيل الاستعمارية والتى تنتهك حقوق الإنسان والقانون الدولى. لا تزال أقلية فقط من اليهود الأمريكيين تؤيد السياسة التقليدية، ممثلة فى لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية «أيباك»، الداعمة لإسرائيل.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

التعليقات