المساعدات الخارجية كأداة نفوذ.. الكرملين ينافس الغائب الأمريكى - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
السبت 26 يوليه 2025 1:51 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لمصير وسام أبو علي في المرحلة المقبلة؟

المساعدات الخارجية كأداة نفوذ.. الكرملين ينافس الغائب الأمريكى

نشر فى : الخميس 24 يوليه 2025 - 8:15 م | آخر تحديث : الخميس 24 يوليه 2025 - 8:15 م

نشرت مجلة «The National Interest» مقالا للكاتب توماس كينت، تناول فيه سعى روسيا لاستغلال التراجع الأمريكى فى مجال المساعدات الدولية، خاصة بعد إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدوليةUSAID، لإعادة تشكيل حضورها العالمى عبر إنشاء نموذج مساعدات خارجية مشابه، يهدف إلى تعزيز نفوذها الجيوسياسى. فى هذا الصدد، أوضح كاتب المقال التحديات المعرقلة لمحاولات موسكو ملء الفراغ الأمريكى فى مجال المساعدات الخارجية منها: التمويل والتنظيم، والمنافسة من قوى أخرى مثل الصين، والانتقادات الموجهة إلى وكالات روسيا الداخلية.. نعرض من المقال ما يلى:

مع إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، تستعد روسيا لنسخ نموذج هذه الوكالة، مما يهيئ الكرملين لجنى الامتنان من الدول التى أصبحت الآن تتلقى مساعدات أقل من الولايات المتحدة.

تفتقر روسيا إلى وكالة مركزية للمساعدات الخارجية مثل تلك التى كانت تمتلكها الولايات المتحدة، وهى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. فمن خلال هذه الوكالة كانت واشنطن تدير أكثر من اثنتى عشرة وزارة ومنظمة برامج المساعدة التنموية، والمشاريع الثقافية، وتبادل الطلاب، والإغاثة فى حالات الكوارث. وعلى الرغم من عدم نشر روسيا إحصاءات كاملة، قدر المحللون إجمالى مساعداتها السنوية بما يزيد قليلاً عن مليار دولار قبل الغزو الروسى الشامل لأوكرانيا. ومعظم المساعدات الروسية تذهب إلى دول ما بعد الاتحاد السوفيتى وعدد قليل من الدول الأخرى – أغلبها فى الجنوب العالمى – حيث تكون المساعدة «استجابةً لمصالح روسيا الوطنية».

فى المقابل، كانت ميزانية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تقدر بـ 22 مليار دولار فى عام 2024 للعمل فى 146 دولة، أى أكبر بكثير من المعونة الروسية. وعلى الرغم من أن إنفاق روسيا سيكون على الأرجح أقل بكثير، فإن الكرملين يفكر بجدية فى التحرك لملء الفراغ الجيوسياسى والجيو - اقتصادى الذى خلفته الولايات المتحدة.

هنا، يوضح كاتب المقال توماس كينت أنه ظهرت مؤشرات على خطط روسيا فى مقابلة مطولة نُشرت مع يفغينى بريماكوف، رئيس وكالة «روسوترودنيتشستفو» (التعاون الروسى) هذا الشهر. وتعد هذه الوكالة جزءًا من مجمع المساعدات الروسى، حيث تشرف على برامج ثقافية وإنسانية، وتدير مراكز «بيت روسيا» الثقافية فى الخارج.

وقال بريماكوف إن وزارة الخارجية، وهى الجهة الأم لروسوترودنيتشستفو، تعمل على تصميم «النسخة التالية» من المساعدات الخارجية الروسية «بصيغة مشابهة لـ USAID». ويُفترض أن الهدف هو توحيد جميع أشكال المساعدات الروسية تحت مظلة واحدة مع زيادة التمويل.

المهمة ليست بسيطة. ففى الوقت الراهن، تشارك مؤسسات بارزة مثل مكتب الرئاسة، والكنيسة الأرثوذكسية الروسية، والجامعات الكبرى، ووزارة الطوارئ، ومؤسسات ذات علاقات رفيعة المستوى فى مشاريع المساعدات الخارجية. وقد لا تكون هذه الجهات متحمسة للتنازل عن هذه الأعمال – وما يصاحبها من ميزانيات وسفر – لصالح منظمة أخرى.

وقد أقر بريماكوف أيضًا بأن روسيا، التى تخوض حاليًا حربًا مكلفة ضد أوكرانيا، «تهتم الآن أكثر بقذائف المدفعية من إرسال الكتب المدرسية». وتابع القول بأنه يطالب، بناءً على ذلك، بأن تكون مشاريع وكالته مبررة من حيث «ما هو التأثير الاجتماعى والسياسى الذى نريد تحقيقه، وكيف سنقوم بقياسه». وأضاف أن على روسيا الدفاع عن مصالحها الوطنية، مشددًا على أن المساعدات الخارجية «ليست إحسانًا – بل هى مفيدة للبلد».

لم يتضح من تصريحات بريماكوف حجم الاستثمار الذى قرر كبار المسئولين تخصيصه لهذا المشروع. لكن النية العامة كانت واضحة. هنا يلمح كينت إلى أن للمساعدات الروسية أهدافا أخرى غير المعلن عنها. فقد وُجهت لوكالة «روسوترودنيتشستفو» اتهامات متكررة بأنها غطاء للدعاية الروسية وعمليات الاستخبارات؛ لهذا السبب فرض الاتحاد الأوروبى عقوبات على وكالة بريماكوف فى عام 2022 بدعوى إدارتها شبكة من «عملاء التأثير» ومحاولتها بناء دعم لغزو روسيا لأوكرانيا.

معلومة إضافية، يرجح كينت أن توسيع المساعدات الخارجية يعود بالنفع على روسيا من خلال خلق انطباع بأن الكرملين يتدخل لإنقاذ الدول التى تخلّت عنها الولايات المتحدة، إذ أوضح بريماكوف أن وكالته تتوسع حاليًا فى إفريقيا، بما فى ذلك أنغولا ومالى والجزائر. لكن وجب التنبيه بأن روسيا لم تكن يومًا ميّالة إلى أعمال التنمية الميدانية المكلفة والواسعة النطاق، حسب رواية الكاتب.

علاوة على ذلك، كانت وكالة «روسوترودنيتشستفو» منذ فترة طويلة هدفًا للانتقادات الداخلية فى روسيا بسبب سوء التنظيم الداخلى، والإنفاق على فعاليات ثقافية غير ضرورية، والاتهامات بالفساد. لأجل ذلك أُجريت مناقشات فى الماضى بشأن وضع الوكالة السابق ذكرها تحت السيطرة المباشرة للرئيس فلاديمير بوتين، أو إنشاء مؤسسة حكومية لتنفيذ برامج المساعدات، لكن هذه المقترحات لم تؤدِ إلى أى نتيجة.

معلومة إضافية، أشار بريماكوف إلى أن وكالته تتنافس مع الصين فى بعض أعمالها، حيث تمنح الصين الطلاب الأجانب منحة شهرية قدرها 500 دولار، وهو ما لا تستطيع روسيا تقديمه.

خلاصة القول، يؤكد توماس كينت أن روسيا لن تصبح لاعبًا كبيرًا فى مجال المساعدات بين عشية وضحاها. وكما قال بريماكوف، فإن روسيا فى الوقت الراهن «ترغب فى التنافس، على سبيل المثال، مع فنلندا». علما بأن فنلندا أنفقت نحو 153 مليون دولار على المساعدات الخارجية فى عام 2024، أى أكثر من ضعف ميزانية «روسوترودنيتشستفو». ومع ذلك، فاهتمام الكرملين باستغلال المساعدات الخارجية كأداة نفوذ واضح. إذ تدرك روسيا بأن تقليص أمريكا لدورها الدولى يتيح فرصة للكرملين لتعزيز مكانته الخاصة.

مراجعة وإعداد: وفاء هانى عمر
النص الأصلى:
https://tinyurl.com/5n7w9bc5

التعليقات