فوز لاي تشينج تي برئاسة تايوان.. فصل جديد من التوتر بين تايبيه وبكين - تقارير - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فوز لاي تشينج تي برئاسة تايوان.. فصل جديد من التوتر بين تايبيه وبكين

نشر فى : الثلاثاء 30 يناير 2024 - 7:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 30 يناير 2024 - 7:15 م

أثارت الانتخابات الرئاسية فى تايوان، التى جرت يوم 13 يناير، غضب الصين لفوز لاى تشينج تى، عضو الحزب الديموقراطى التقدمى المنبوذ من الصين، إذ عرف عن لاى تشينج دفاعه القوى عن استقلال تايوان، كما ظهر فى خطابه عقب الفوز، مما يثير مخاوف الصين بشأن مخططات استعادة الجزيرة التايوانية إليها. وتناول عدد من المواقع والصحف والمجلات الأجنبية مصير التوتر بين تايبيه وبكين فى عهد لاى تشينج، وهل ستستطيع واشنطن السيطرة على هذا التوتر والحفاظ على أمن واستقرار المضيق... نعرض فيما ما يلى ما ورد فى الصحف والمواقع.

حذر مسئولون صينيون من فوز لاى تشينج المنتمى للحزب الديمقراطى التقدمى فى الانتخابات التايوانية. وهدد تشن بينهوا، المتحدث باسم مكتب مجلس الدولة الصينى لشئون تايوان، «بأن لاى ذو نزعة انفصالية ومن شأن انتخابه أن يخلق «وضعا خطيرا من الرياح والأمواج العاتية فى مضيق تايوان». ويعتقد السياسيون التايوانيون أن فوز لاى فى هذه الانتخابات دلالة على رغبة أغلبية الشعب التايوانى فى الاستقلال الفعلى عن الصين، إذ «فاز لاى بنسبة 40% من الأصوات، وهى علامة على أن الأغلبية تريد الاستمرار على طريق حزبه لتعزيز الردع والعلاقات مع الديمقراطيات الأخرى» (صحيفة الإيكونومست). فى ضوء هذا، لابد من الإشارة إلى أن آراء شعب دولة الصين الشعبية انقسمت ما بين منزعج من نتائج الانتخابات واعتقاده بضرورة ضم تايوان إلى الصين، ومحترم لرغبة ناخبى تايوان مصحوبا بالقلق من مستقبل مشحون بالتوتر، وتنقل صحيفة الإيكونومست عن طالب جامعى من شنغهاى يرى أن فوز لاى علامة على مستقبل ملبد بالغيوم، لكنه وصف الانتخابات بأنها إرادة الناخبين فى تايوان، واستطراد قائلا: «من بين أبناء جيلى، أعرف القليل ممن يريدون الحرب. فى حين أن بعض كبار السن قد يأملون فى أن نتمكن من استعادة تايوان بالقوة ذات يوم».

اتخذت بكين عدة إجراءات دبلوماسية ردا على نتائج الانتخابات فى تايوان. أولا، أعلنت دولة ناورو، وهى جزيرة صغيرة فى المحيط الهادئ، تحويل علاقاتها الدبلوماسية إلى الصين بدلا من تايوان بعد يومين من إجراء الانتخابات. وأصدرت وزارة الخارجية التايوانية بيانا أكدت فيه أن الصين تواصلت مرارا وتكرارا مع شخصيات سياسية هناك وعرضت المساعدة الاقتصادية لإقناع الجزيرة بقطع العلاقات مع تايبيه. وهو تكتيك مبتذل تستخدمه بكين لمعاقبة تايبيه وعزلها فى عهد رؤساء الحزب الديمقراطى التقدمى «نجحت الصين حتى الآن فى إغراء 10 دول لقطع العلاقات مع تايوان لصالح جمهورية الصين الشعبية خلال فترة رئاسة تساى» (بريان هارت، سكوت كينيدى، جود بلانشيت، بونى لين، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية). ثانيا، أصدرت سلطات جمهورية الصين الشعبية بيانات تنتقد الولايات المتحدة واليابان والدول الأوروبية لإرسالها وفودا إلى تايوان فى أعقاب الانتخابات، وانتقدت وزارة الخارجية الأمريكية والفلبين لإصدارهما بيانات تهنئة إلى لاى تشينج.

ثالثا، أصدر تشن بينهوا بيانا يقلل من قيمة نتيجة الانتخابات مؤكدا أن تايوان جزء من الصين «مهما كانت التغييرات التى تحدث الآن فى تايبيه»، وأن موقف الحكومة الصينية المتمثل فى التمسك بمبدأ صين واحدة ومعارضة النزعة الانفصالية فى تايوان لن يتغير.
إضافة إلى ما سبق ذكره، هددت بكين بفرض عقوبات اقتصادية على تايوان، على الرغم من عضوية الاثنتين فى منظمة التجارة العالمية، كما أن علاقاتهما الاقتصادية تحكمها فى المقام الأول اتفاقية إطار التعاون الاقتصادى (ECFA)، والتى دخلت حيز التنفيذ فى عام 2010. لكن أطلقت بكين تحقيقا رسميا فى امتثال تايوان للاتفاقية، فى أبريل 2023، «بسبب قائمة طويلة من السلع الصينية التى تمنع تايوان استيرادها إلى الجزيرة». وقبل أيام قليلة من الانتخابات، أعلنت الصين عن قائمة أولية من العقوبات البسيطة على تايوان متهمة إياها بانتهاك التزاماتها، لذا من المحتمل أن نرى، الأشهر المقبلة، بكين تضيق الخناق على الشركات التايوانية فى الصين، إضافة إلى تعليق اتفاقية الشراكة الاقتصادية الأوروبية بشكل كامل.
• • •
لا شك أن هذه التطورات فى الجزيرة التايوانية من شأنها إثارة قلق الولايات المتحدة، وبالفعل قام وفد غير رسمى من كبار المسئولين الأمريكيين السابقين بزيارة تايوان بعد الانتخابات مباشرة. لم يلتقوا فقط بالسيد لاى والرئيسة المنتهية ولايتها، تساى إنج وين، ولكن أيضا بالسيد إريك تشو، رئيس حزب الكومينتانج. وذلك للتأكيد على استمرار دعم واشنطن لتايبيه، والاعتقاد بأن جميع الأحزاب التايوانية تريد أن تفعل «ما هو الأفضل لتايوان، بغض النظر عن انتماءاتها السياسية». وصرح الأدميرال جون أكويلينو، القائد العسكرى الأمريكى الأعلى فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، فى خطاب ألقاه فى هونولولو بعد الانتخابات جاء فيه: «أتوقع بعض استعراض القوة (من جانب الصين) ضد تايوان فى المدى القريب" (كميل إليميا، موقع Eurasia review). يبقى السؤال هنا كيف ستترجم واشنطن موقفها الداعم لتايوان إلى سياسة فعلية، وبخاصة ما يتعلق بالمسائل الدفاعية التى تعتبرها واشنطن حاسمة، مثل تزويد تايوان بالأسلحة التى من شأنها أن تجعل الصين تفكر مرتين قبل الغزو؟ ــ وهو ما يحاول الخبراء والمسئولون الأمريكيون تقييمه الآن (جاك ديتش، مجلة فورين بوليسى). لذا أرسلت البحرية الأمريكية سفينة حربية عبر مضيق تايوان، فى يوم 24 يناير، وهو ما وصفته الصين بأنه عمل استفزازى ويمهد الطريق للحرب.
من المهم الإشارة إلى رفض إدارة بايدن طلبات معينة لتايوان، مثل طائرات الهليكوبتر المضادة للغواصات، بدعوى دفع تايوان إلى التركيز بشكل أكبر على نشر الأسلحة التى سيكون لها تأثير مباشر على ردع الصين. كذلك أكدت الولايات المتحدة، كما ورد على لسان بايدن، أنها لا تدعم استقلال الجزيرة التايوانية.
يرى هينو كلينك، النائب السابق لمساعد وزير الدفاع الأمريكى لشئون شرق آسيا، أنه من الأفضل للرئيس التايوانى الجديد فى المرحلة المقبلة، «زيادة مدة التجنيد الإجبارى، والتدريبات العسكرية الأكثر واقعية، والاتجاه إلى إنفاق المزيد على الدفاع بالإضافة إلى شراء النوع المناسب من الأسلحة». هنا أتفق مع رأى مجلة فورين بوليسى أنه حتى لو اتفق لاى مع واشنطن بنسبة 100% وأراد اتباع هذه السياسات التى تعتقد الولايات المتحدة أنها الأفضل، فسيظل يتعين عليه التعامل مع سيطرة حزب الكومينتانج المعارض(KMT) على أغلبية المقاعد فى البرلمان التايوانى مما قد يعرقل خططه ومشاريعه.
• • •
على صعيد آخر، انقسم موقف الدول الآسيوية إزاء الانتخابات التايوانية وفوز لاى تشينج تى بالرئاسة بين الدعم والتهنئة أو المعارضة لكسب ود الصين. فأظهرت ميانمار، إحدى أعضاء رابطة الآسيان، دعمها الصريح للصين فى بيان لها مؤكدة أن تايوان جزء لا يتجزأ من جمهورية الصين الشعبية. بينما أثارت الفلبين، العضو فى رابطة دول الآسيان، ضجة عندما هنأ الرئيس فرديناند ماركوس جونيور رئيس تايوان المنتخب لاى على موقع X (تويتر سابقا)، مما أثار غضب الصين، لترد وزارة الخارجية الصينية فى نفس اليوم على تهنئة ماركوس، قائلة إنه بحاجة إلى «قراءة المزيد» لفهم تاريخ تايوان مع اعتبارها رسالة التهنئة هذه انتهاكا صريحا لمبدأ صين واحدة.
وهذا ما دفع وزارة الشئون الخارجية فى حكومة ماركوس إلى التأكيد على «سياسة الصين الواحدة». لذا انتقدت سناتور المعارضة الفلبينية، ريزا هونتيفيروس موقف ماركوس وسياسة إدارته غير المتسق قائلة: «لا يمكننا أن نجعل الرئيس، المهندس الرئيسى للسياسة الخارجية، يقول شيئا، بينما تقول وزارة الخارجية شيئا آخر».
جوهر القول، إن الفترة القادمة للعلاقات التايوانية الصينية لن تكون سهلة، لذا لابد للرئيس الجديد، لاى تشينج تى، التحلى بالعقلانية والتريث للتصدى لاستفزازات الصين دون الإضرار بأمن واستقرار تايوان والمنطقة. ومن المحتمل أن تشهد المنطقة توترات غير مسبوقة بين الجانبين الأيام القادمة، مع احتمال ممارسة بكين المزيد من الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية على تايبيه. كذلك من غير الواضح إذا كانت واشنطن ستستمر فى دعم تايوان عسكريا وسط التوترات والصراعات التى يشهدها العالم، بخاصة بعد ما ورد مجددا على لسان بايدن بأن واشنطن لا تدعم استقلال تايوان.

إعداد: وفاء هاني عمر

النصوص الأصلية

1ــ https://bit.ly/4b6dHWY

2ــ https://bit.ly/3Sbt8U

3ــ https://bit.ly/3UbdJGP

4ــ https://bit.ly/4baRUxe

5ــ https://bit.ly/3ScThD6

التعليقات