طريق النصر أو الشهادة - محمد موسى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

طريق النصر أو الشهادة

نشر فى : الأربعاء 31 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 31 يوليه 2013 - 8:00 ص

مثل جنازات أوزوريس، تدور جماعات الإخوان فى المدن، تغلق الطرق السريعة، تستجدى العابرين باللافتات المؤثرة، أو تقصفهم بالهتافات العدوانية. يحملون الأكفان مرة، والمولوتوف والخرطوش مرات، فأين تنتهى التغريبة الإخوانية؟

رضخ أنصار النظام الأسبق لرغبة الشعب فى عزل الرئيس «الشرعى» وقتها حسنى مبارك، لكن الإخوان يستميتون مطالبين بعودة الزمن إلى صباح 3 يوليو، «دونها الرقاب»، والقرار الذى يبدو انتحاريا بالبقاء فى الشوارع وارءه عدة أسباب، ليست كلها سياسية، أو إخوانية.

غزوة الصناديق انتهت، وقادة الإخوان لم يكتفوا من الغنيمة بالإياب، فهم مطالبون الآن بالمثول أمام القضاء، وإنهاء الاعتصام. يعنى أن تتحول التغريبة إلى سجن بعض القيادات.

وتجربة الرئاسة فشلت. مرسى أصبح رئيسا سابقا، وهى حقيقة غير قابلة للتغيير، ويعرفها الإخوان من أكبر قيادة، إلى الأم التى تنزع ملابس طفلها وتصنع منه كفنا، لعل مصور رويترز يمر فتعجبه اللقطة. تصر الميادين الإخوانية على رفع صورة مرسى وتطلب عودة الشرعية، ومرسى خلع الشرعية قبل أن يتم خلعه. أخطر ما يمكن أن يرتكبه حاكم هو الاعتقاد أن نتائج صناديق الاقتراع تتيح له الرقص وحيدا مع حزبه وجماعته، وأن يصنف أى معارض كخائن، كما كتب غسان شربل أمس الأول فى «الحياة»، فقد حاصر مرسى نفسه قبل أن يحاصره الجيش.

إخوانيا يمثل الانسحاب من الشوارع بعد عزل الرئيس الإخوانى نوعا من الموت الإكلينيكى والمعنوى للجماعة، فقد ناضلت حتى وصلت القمة وحكمت مصر، لكنها سقطت، أو أسقطت لا فرق. قيادة الجماعة تعرف أن إنهاء الاعتصام يعنى نهاية كل الأحلام والكوابيس بقرار واحد، ويعنى موت الجماعة.

سياسيا. يعبر المشروع الإخوانى عن تيارات إسلامية أخرى، مثل الجهاديين من سيناء إلى الإسكندرية، وعن شرائح اجتماعية ارتبطت بالجماعة، ثم فقدت الأرض الثابتة يوم تم اقتلاع الإخوان من الحكم. ويعبر المشهد الاعتصامى العشوائى الذى تلجأ إليه الجماعة عما يعيشه الإسلاميون الآن من قلق وترقب. حالة تمزج المخاوف المشروعة بالرغبة فى المقاومة حتى النهاية، حتى بحور الدم، حتى النصر أو الشهادة.

إجمالى الحسابات السياسية يدفع الإخوان فى طريق ذى اتجاه واحد: تحقيق نصر سياسى قبل الانسحاب، يحول دون انهيار الجماعة، ويخفف من الملاحقات القضائية للقيادات.

استمرار الاعتصام الإخوانى يعنى المزيد من المخاطرة لكل الأطراف: عناصر الجماعة المنهكة من الغزوة المفتوحة زمنيا، والقيادات التى لا بد أن تتعب من المطاردات، والمواطن الذى تحولت حياته إلى جحيم بسبب الشوارع المقفولة والمعارك المباغتة فى كل شبر على أرض مصر، والقيادة السياسية التى تجهز الرأى العام منذ أسابيع للقبول بمعركة فض الاعتصام بالقوة، وإنها لكارثة كبيرة لو حدثت. بمرور الوقت ستدخل المزيد من الأطراف وفئات المجتمع إلى دائرة العنف التى يقف فيها الإخوان فى مواجهة الجيش والشرطة وأهالى المناطق التى تعانى الاعتصامات والمسيرات.

جنازات أوزوريس لن تعيد مرسى، والرأى العام الداخلى والخارجى يحتفظ بصورة سلبية عن زمن الإخوان فى الحكم، وطريقة الخروج «الذكى» من رابعة قد تكتب شهادة ميلاد سياسية جديدة للإخوان، لأن ما يجب أن تستعيده الجماعة هو ثقة المصريين بها، وليس فقط أمن وسلامة القيادات.

ماذا ننتظر من جماعة لم تعترف بخطأ واحد على مدار 85 عاما؟

محمد موسى  صحفي مصري