يتردد كثيرا الحديث عن أهمية الغذاء الهضمى: التعبير الذى يتوقف كثيرا عنده الإنسان حينما يبدأ مراجعاته الغذائية بحثا عن معادلة سليمة مفيدة تحفظ عليه صحته وتدعم مناعته خاصة فى زمن الكرب الذى نعيشه منذ بداية جائحة كوفيد ١٩. على رأس تلك القائمة للغذاء الصحى الذى يصلح لجميع الأعمار تأتى الخضراوات الورقية داكنة الخضرة كما يطلق عليها. البقدونس والخس والسبانخ والملوخية والرجلة أمثلة شائعة لتلك الورقيات التى تحتوى العديد من المغذيات الدقيقة الهامة مثل فيتامين سى، إيه، ك والفوليات إضافة إلى عدد من مجموعة (بى) المركب إلى جانب العديد من المعادن الحيوية مثل البوتاسيوم والكالسيوم والماغنسيوم والحديد والزنك.
احتواء تلك الورقيات داكنة الخضرة على قدر من الألياف عظيم يساعد على امتصاص الدهون والسكريات ويساهم فى دعم عملية الإخراج بانتظام هى أيضا أحد المصادر الغنية بمركبات النيترات التى يعمل الجسم على تحويلها إلى أكسيد النيتريك المهم لحماية بطانة المعدة والوقاية من أمراض تصلب شرايين القلب.
فهى أيضا مصدر مهم لمضادات الأكسدة خاصة إصباغ الليوتينين والزكساتين النباتية التى تعد من العناصر الطبيعية التى تساعد على الوقاية من المسكنات الدماغية، أيضا الوقاية من خطر الإصابة بتلك التغيرات المرتبطة فى العين بالتقدم فى العمر.
وجود البيتاكاروتين فى تلك الخضراوات الورقية داكنة الخضرة يدعم حماية البشرة من الأشعة فوق البنفسجية الضارة ويقاوم مظاهر شيخوخة الخلايا.
من المفيد أيضا الانتباه إلى وجود كميات من الحديد فيها إلى جانب فيتامين سى الذى يسهل للأمعاء امتصاص الحديد بصورة أسرع، لذا ينصح بزيادة كميات تلك الخضراوات الورقية فى طعام من يعانون الأنيميا وفقر الدم الناتج عن نقص الحديد وصغر كرات الدم الحمراء.
تشير نصائح خبراء التغذية الإكلينيكية إلى أهمية تناول ٢ ــ ٣ أكواب من الخضراوات على مدار اليوم مع الاهتمام بتنويع ألوانها مع الخضراوات الأخرى. على سبيل المثال ُإن كوبا من الخضراوات الداكنة الخضرة يجب أن يقابله كوب آخر من الخضراوات الملونة كالفلفل الملون والطماطم والجزر والخيار والقرنبيط والكرنب ثم كوب ثالث من خضراوات البقول مثل البسلة والفاصوليا الخضراء والذرة.
< البقدونس: يجب ألا يخلو منه طبق السلاطة اليومى إذ إن كل مائة جرام من البقدونس بها من فيتامين (سى) ثلاثة أضعاف من ذات القدر من البرتقال. بها أيضا قدر يكفى حاجة الإنسان اليومية من فيتامين (ك) وفيتامين (أ) والفوليات والحديد والكالسيوم والزنك والماغنسيوم وفيتامين (ب) ١، ٢، ٦.
كما تحتوى أوراق البقدونس على عدد من الزيوت الطيارة طيبة الرائحة إلى جانب عملها كمدرات للبول الأمر الملطف لارتفاع ضغط الدم.
< الرجلة: مائة جرام من الرجلة المطهوة أو الطازجة تحتوى على ٢٠ كالورى فقط، الأمر الذى يجعلها مثلا جيدا للطعام الذى لا يساهم فى زيادة الوزن. الرجلة من الخضراوات النادرة التى تحتوى على قدر من الدهون الجيدة (أوميجا ٣) إلى جانب غناها بمركبات البيتاكاروتين والميلاتونين التى تعمل على تنظيم إيقاع الصحو والنوم.
< السبانخ: مائة جرام من السبانخ الطازج تحتوى على عشرين كالورى فقط وتعطى حياة الجسم اليومية من فيتامين (ك) وفيتامين (إيه) وثلاثون بالمائة من احتياج الجسم اليومى لفيتامين (سى) إلى جانب قدر مهم من الكالسيوم والبوتاسيوم والنحاس والفسفور والزنك إلى جانب بعض عناصر ب المركب والسيلينيوم.
ويجب الانتباه إلى أن السبانخ تفقد قيمتها الغذائية بعد يومين من جنيها إذا ما بقيت خارج الثلاثة لكنها تحتفظ بها إذا ما كانت داخل الثلاثة لثمانية أيام الأمر المدهش أنها تحافظ على قيمتها الغذائية إذا ما تم الاحتفاظ بها فى الفريزر لأكثر من ستة أشهر.
السبانخ بالفعل هى أكثر الخضراوات فائدة إذا ما أضفى الطهو عليها مذاقا غنيا فهى أعلى الخضراوات قدرا بما تحتويه من مضادات الأكسدة.
< الملوخية: يقبل المصريون على الملوخية كطعام احتفائى لما له من مذاق طيب ورائحة بهيجة لكن الملوخية فى الواقع طعام من أكثر الأطعمة التى لها قدر من الفائدة يفوق ما لها من سمعة طيبة إذا تحدثنا عن المذاق.
مائة جرام من أوراق الملوخية الخضراء بها ما يوازى ٤٠ كالورى فقط من السعرات الحرارية تمثل خمسة جرامات من الكربوهيدرات وربع جرام فقط من الدهون، (فضلا عن ما قد يستخدم من دهون أثناء الطهى). ثم خمسة جرامات من البروتينات. مائة جرام من أوراق الملوخية تهدى الإنسان حاجة الجسم اليومية من فيتامين (أ) بنسبة ٣٥٪ مع ٤٥٪ من فيتامين (سى) إلى جانب مجموعة من عناصر ب المركب الهامة مع باقة من المعادن مثل الكالسيوم والماغنسيوم والفسفور والبوتاسيوم والمنجنيز والزنك.
ما الذى يتوقعه الإنسان من طعام بالفعل شهى يمده بكل تلك العناصر الهامة التى تدعمه فى الحفاظ على ضغط الدم (فى حدود) فى المعدلات الطبيعية وتكافح أمراض العين التى تزداد حدتها مع كبر السن وتساهم فى انتظام ونشاط عمل القلب وتدعم جهاز المناعة فى عمله الأساسى فى مقاومة ومكافحة غزو الميكروبات؟
< الخس: أكثر أنواع الخس شيوعا هو ما يطلق عليه الخس الرومانى صاحب الأوراق الخضراء الطويلة الملتفة حول بعضها البعض. مائة جرام من الخس الرومانى تحتوى على ١٥ كالورى فقط من السعرات الحرارية الأمر الذى يجعله طعاما مشعبا لا يزداد معه الوزن بل يحافظ على ثباته.
الخس لحسن الحظ غنى بالفيتامينات والمعادن تتفاوت نسب فيتامين (أ) و(ك) و(سى) مع الفوليات فى صورة بلا فعل مدهشة قد لا يتصورها الإنسان فى تلك الأعواد والأوراق الخضراء الممتلئة بالماء.
الكروم والبوتاسيوم والحديد وعناصر من مجموعة (ب المركب) إلى جان بالفسفور والكالسيوم تشكل باقة من المغذيات الدقيقة التى تدخل فى العديد من العمليات الحيوية التى تتوالى فى دائرة التمثيل الغذائى المستمرة فى الجسم على مدار النهار والليل. هذا إلى جانب قدر عظيم من الألياف النباتية التى تدعم عملية إخراج الفضلات ومكافحة الإمساك.
إذن حينما يذكر الطعام الصحى على الإنسان أن يتذكر أن تلك الخضراوات داكنة الخضرة على بساطتها قد تأتى على رأس القائمة تسبق الكثير من أطايب ألوان الطعام التى قد يشتهيها الإنسان دون حساب الفائدة فى مقابل المذاق.