القواعد المهنية لتغطية الجرائم.. كود الأعلى للإعلام يوازن بين ضرورات النشر وحقوق المجتمع - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:18 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القواعد المهنية لتغطية الجرائم.. كود الأعلى للإعلام يوازن بين ضرورات النشر وحقوق المجتمع


نشر في: الأربعاء 1 يونيو 2022 - 11:41 ص | آخر تحديث: الأربعاء 1 يونيو 2022 - 11:41 ص

جاءت حادثة قتل أم لأبنائها ومحاولتها الانتحار في الدقهلية والتي يباشر النائب العام التحقيق فيها حاليا، لتؤكد مدى أهمية العناية بقواعد النشر المهنية والإنسانية التي تضمنتها الأكواد الصادرة مؤخرا من المجلس الأعلى للإعلام برئاسة الكاتب الصحفي كرم جبر، ونشرت بالوقائع المصرية ملحق الجريدة الرسمية، وتم تعميمها على جميع وسائل الإعلام، وتباشر الأمانة العامة للمجلس برئاسة المستشار محمود فوزي متابعتها لمدى التزام وسائل الإعلام بها.

وفي خضم انشغال وسائل الإعلام، على مستوى الصحفيين الممارسين أو إدارات التحرير بمختلف المؤسسات، بالتغطية الحدثية المهمة للرأي العام في مختلف الجرائم الدامية، يغيب أحيانا الاهتمام بمراعاة الجوانب المهنية والأخلاقية، الأمر الذي انعكس في حرص الأعلى للإعلام على إعلاء قيم الاعتدال والحياد والموضوعية وتمتع المتهمين بحقوقهم الدستورية والقانونية وكذلك توفير الحماية الاجتماعية والقانونية للضحايا، وقبل وبعد كل ذلك دعم الجبهة الداخلية للمجتمع المصري بالتبصرة والنصيحة والإرشاد والتحذير من الظواهر الخطيرة، وذلك من خلال تفعيل الدور المجتمعي لوسائل الإعلام، مع الحرص على تحقيق التوازن بين هذه القواعد وضرورات النشر والذيوع الإعلامي.

كيف يتحقق الاعتدال والحياد والموضوعية؟

يؤكد الكود الأخلاقي المهني لتغطية الجرائم والصادر بقرار المجلس الأعلى للإعلام رقم 22 لسنة 2022 في 17 مايو الماضي على أهمية اتسام التغطية الصحفية بالاعتدال والحياد والموضوعية وذلك من خلال:
1- التحلي بالصدق والحياد والموضوعية في تناول أخبار الجرائم.
2- مراعاة عدم الترويج أو دعم رواية أحد الأطراف على حساب طرف آخر أو لصالحه.
3- العمل على تحقيق التوازن بين التغطية الاستقصائية والتغطية الخبرية للجريمة.
4- عدم التهوين أو التهويل في النشر أو التغطية.

ويلاحظ أن هذا لا يتأتى إلا بتوافر شرطين أساسيين في الممارسة، أولهما عدم النقل عن المصادر المجهلة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث يجب عدم استقاء أخبار الجريمة من مصادر مجهلة أو وسائل التواصل الاجتماعي، والابتعاد عن نقل أو نشر الشائعات، والتحقق دائمًا من دقة الخبر قبل نشره وبذل عناية خاصة وأكبر جهد في سبيل ذلك، وإجراء الفحص القانوني الداخلي اللازم للمحتوى قبل البث أو النشر، بالإضافة إلى الإلمام الكامل بالمعلومات والبيانات المتصلة بموضوع النشر أو البث.

أما الشرط الثاني في الممارسة فهو الاعتماد على المصادر الرسمية وشهود العيان والخبراء، وذلك من خلال الاعتماد على المصادر الرسمية والموثوقة التي تتمتع بالمصداقية والوضوح، وعلى شهود العيان كلما أمكن ذلك، والاستعانة برأي الخبراء القانونيين والاجتماعيين والنفسيين بما يزيد الثقة في التغطية الصحفية والإعلامية، والتنوع في المصادر وعدم تكرارها بقدر الإمكان.

كيف تراعي الصحافة قرينة البراءة؟

على رأس الحقوق التي يتمتع بها المتهم أيا كان موقعه، وملابسات الجريمة، وظروف ضبطه، أنه بريء حتى تثبت إدانته.
ويراعي كود ضوابط وأخلاقيات نشر أخبار الجريمة والتحقيقات قرينة البراءة بإلزام وسائل الإعلام بالعمل دائمًا طبقًا للقاعدة القانونية (المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي).
كما يجب عدم نشر صور أو أسماء المشتبه بهم أو المتهمين طالما لم تتم إدانتهم بحكم قضائي، وعند وجود ضرورة مهنية أو مجتمعية تقتضي النشر أو البث، فيجب أن يتم إخفاء الأسماء وطمس الملامح احترامًا لقرينة البراءة المفترضة في كل إنسان ما لم تطلب النيابة العامة أو جهات التحقيق أو إنفاذ القانون ضرورة الإفصاح عن هويتهم.

وعلى الطرف الآخر من الواقعة، يتوجب حماية حرمة الحياة الخاصة والخصوصية وضوابط النشر عن الأقارب وضحايا الجرائم وذلك من خلال:
1- يجب مراعاة واحترام الحق في الخصوصية وحرمة الحياة الخاصة.
2- يجب على وجه الخصوص عدم اختراق خصوصية المشاهير والفنانين والشخصيات العامة.
3- يحظر نشر صور أو أسماء أقارب المشتبه فيهم أو المتهمين أو إهانتهم.
4- يجب التعاطي الإيجابي مع ضحايا الجريمة وتقديم الدعم المعنوي لهم، كلما أمكن ذلك.

الهدف النهائي للنشر هو مكافحة الجريمة:

يؤكد الكود على أن يكون الهدف الأساسي والغرض النهائي من نشر أخبار الجريمة هو مكافحتها والتحذير من خطرها، والعمل دائمًا على استهجان ارتكابها بوصفه سلوكًا مخالفًا للقانون وليس تحقيق نِسب المشاهدة أو زيادة التفاعل أو المبيعات.
وبالتالي يجب تفعيل الدور المجتمعي والتثقيفي للصحافة والإعلام للتوعية من أخطار الجريمة.
كما يجب إدراك أن للتغطية الإعلامية والصحفية الرشيدة دائمًا دورًا هامًا في الحد من انتشار الجريمة.
ويجب اتخاذ النشر عن الجريمة فرصة للتبصير بعواقب ارتكابها على الفرد ومحيطه الاجتماعي والتحذير من مخالفة التشريعات والتأكيد على احترام دولة القانون.

وارتباطا بذلك أيضا، يجب على وسائل الإعلام باختلاف أنواعها مراعاة عدم نشر الصور والمقاطع الصادمة أو القاسية لتحقيق المشاهدات أو رفع القارئية، وهنا يلزم الكود بما يلي:
1- عدم نشر صور أو مشاهد أو مقاطع بشعة أو غير مقبولة أو صادمة أو قاسية أو مبتذلة أو تسبب انزعاجًا شديدًا أو صور الجثث.
2- عند وجود ضرورة مهنية أو مجتمعية تقتضي ذلك في إطار الضوابط المهنية، فيجب التحذير من المحتوى الحساس قبل إتاحة الاطلاع عليه.
3- يجب في جميع الأحوال أن يكون النشر أو البث في إطار من احترام الحق في الخصوصية والكرامة الإنسانية ومراعاة حرمة الموتى.

ويمتد هذا الأمر بالطبع إلى جرائم الشرف والجرائم المتعلقة بأعراض الأفراد والتي تتمتع بطبيعتها بقارئية وشعبية عالية، فلا يجب الاستسلام لشهوة النشر ورفع نسب التوزيع أو الوصول والدخول على المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال:
1- توخي الحذر الشديد عند نشر أخبار الجرائم المتعلقة بالشرف أو أعراض الأفراد أو العلاقات الزوجية لما لها من خصوصية.
2- الالتزام بحظر نشر صور وأسماء ضحايا جرائم الاغتصاب أو التحرش.

وكذلك الأمر بالنسبة للجرائم ذات البعد القبلي أو الطائفي، حيث يجب توخي الحذر الشديد عند نشر أخبار الجرائم التي قد تسبب خلافات مجتمعية أو يترتب عليها مشاكل قبلية أو طائفية.

وارتباطا بذلك أيضا يجب الحذر عند نشر الأفعال الخطيرة أو الضارة من خلال:
1- مراعاة حساسية نشر الأفعال الخطيرة أو التي تتضمن مغامرة أو مخاطر كبيرة.
2- يجب عدم نشر الأفعال الضارة التي قد تسبب عند تقليدها من عموم الجمهور أضرارًا جسدية أو نفسية بالغة.
3- عند وجود ضرورة مهنية أو مجتمعية تقتضي النشر، فيجب وضع التحذيرات اللازمة قبل إتاحة الاطلاع أو المشاهدة.

الوضع القانوني الخاص للأطفال كمتهمين أو شهود أو مجني عليهم:

يعنى الكود بشكل خاص بالوضع القانوني للأطفال كمتهمين أو شهود أو ضحايا، وذلك من خلال الالتزام بالأوضاع القانونية المقررة للتعامل مع الطفل وهو كل شخص لم يبلغ سن (18) سنة، سواء كان متهمًا في ارتكاب جريمة، أو من الشهود عليها، أو كان من ضحاياها كمجني عليه.
كما يجب إخفاء شخصية الطفل وعدم ذكر اسمه أو ذويه، أو إبراز معلومات تؤدي للكشف عن شخصيته.
وإذا اقتضت الضرورة المهنية أو المجتمعية التعامل المباشر مع الطفل، فيجب أن يكون ذلك في أضيق الحدود، وعلى سبيل الاستثناء وبالشكل الذي يحفظ كرامته وكرامة ذويه.

الصحافة وخطاب الكراهية:

يلزم الكود بعدم نشر خطاب الكراهية أو ما يشجع عليه، ويقصد بخطاب الكراهية كل خطاب علني أو تصريح علني يتضمن تميزًا أو إساءة أو إهانة لفرد أو مجموعة من الأفراد على أساس اللغة أو اللون أو الجنس أو العمر أو الديانة أو العجز الجسدي أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو يتضمن دعوة للعنصرية أو ممارسة العنف أو العدوان أو التعسف ضد فرد أو مجموعة من الأفراد، على أي أساس مما سبق.

معايير الصحافة الجيدة عند تغطية الجرائم:

في القرن الحادي والعشرين وعصر ثورة الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي التي باتت تسبق وسائل الإعلام في نشر الأخبار الشعبية، وازدهار صفحات المؤثرين أو صحفيي الشارع، وظاهرة المواطن الصحفي الذي يسبق المؤسسات الصحفية أحيانا كثيرة إلى الخبر الميداني المهم والأكثر قارئية، يتوجب على وسائل الإعلام صقل مهارات أفرادها والعناية في منتجاتها بمعايير تقديم الصحافة الجيدة.
ولا يوجد تعريف شامل لتلك المعايير التي تضمن تغطية جيدة ومعمقة للأحداث تمثل قيمة مضافة للقارئ والمجتمع، لكنها تتضمن بالتأكيد تجنب التغطية السطحية لأخبار الجرائم، وهو مبدأ يراعيه الكود بما يلي:
1- مناقشة الجرائم مناقشة متعمقة تبحث عن أسباب ودوافع الجريمة، والحلول المناسبة لمعالجتها، كلما أمكن ذلك.
2- التركيز على الجرائم التي قد تمثل ظواهر سلبية بغرض العلاج.
3- الابتعاد عن التغطية السطحية التي تركز على الشكل دون المضمون أو التركيز على جوانب محددة في الحدث بقصد التضليل أو الإساءة.
4- التأكيد على قيم التعاون والترابط المجتمعي في مواجهة الجريمة، وإبراز القصص الإيجابية في كل ذلك، كلما أمكن ذلك.

كما تتضمن هذه المعايير عدم الإفراط في مقدار التفاصيل الواجب نشرها في طرق ارتكاب الجريمة، وذلك من خلال:
1- نشر أو بث قدر متوازن عن طرق ارتكاب الجرائم.
2- إدراك أن نشر تفاصيل بأكثر مما يلزم قد يساعد بعض ضعاف النفوس على محاكاة السلوك الإجرامي وتكراره، وقد يُسهّل في بعض الأحيان ارتكاب جرائم مماثلة.
3- عدم تفتيح المدارك على الأساليب الجديدة والمبتكرة لارتكاب الجرائم لعدم زيادة معدل ارتكاب الجرائم المماثلة.
4- عدم إعطاء صورة بطولية عن المتهمين أو المدانين أو المبالغة في قدراتهم أو إسباغ أوصاف عليهم من شأنها إثارة الإعجاب بهم دون تحقيق التوازن المطلوب.

وكذلك الاختيار الجيد للوقت واللغة والعناوين من خلال:
1- اختيار الوقت المناسب لعرض أخبار الجريمة.
2- اختيار اللغة المناسبة عند النشر أو البث.
3- الابتعاد عن العناوين التي لا تُعبّر عن الحقيقة بغرض الإثارة أو جذب الانتباه أو زيادة التفاعل أو المبيعات.
4- عدم نشر عناوين جنسية أو طائفية.
5- يجب أن تكون العناوين، معتدلة ومعبرة عن حقيقة مضمون الخبر.

الاشتراطات القانونية الواجب الالتزام بها:

يأتي عدم استباق نتائج التحقيقات والمحاكمات على رأس الاشتراطات القانونية التي يجب الالتزام بها في تغطية الجريمة وذلك من خلال:
1- حظر الكود استباق نتائج التحقيقات أو المحاكمات.
2- يجب متابعة نشر نتائج التحقيقات أو المحاكمات لإعطاء صورة متكاملة غير مجتزئة عن الموضوع المنشور.
3- يجب إيضاح العقوبة الجنائية المقررة قانونًا للجريمة في أحوال الإدانة وذلك بالاستعانة بالخبراء المتخصصين.
4- يُراعى متابعة نشر التعديلات التشريعية على مسائل التجريم والعقاب وردود الأفعال والقرارات التنفيذية والتنظيمية لتبصير المجتمع.
5- يجب عدم بث تفاصيل يمكن أن تتسبب في التأثير على العدالة أو عرقلتها سواء من واقع التحقيقات أو ما يتم تداوله في جلسات المحاكمة أو من خارجها، ويكون له صلة بموضوع التحقيق أو الجريمة.

كما يلزم الكود وسائل الإعلام باحترام وتطبيق قرارات حظر النشر وذلك من خلال:
1- الالتزام الكامل بما تقتضيه الضرورات الفنية للتحقيق.
2- الالتزام الكامل بقرارات حظر النشر التي يصدر بها أوامر قضائية.
3- التفاعل والتعاطي الإيجابي مع ما ورد بالبندين السابقين.

كما يلزم الكود وسائل الإعلام بالالتزام الكامل بمقتضيات الأمن القومي إلى جانب التذكير بكود "ضمان مقتضيات الأمن القومي والاقتصاد القومي"، حيث يجب الالتزام الكامل بمقتضيات الأمن القومي خاصة عند نشر الموضوعات المرتبطة بالقوات المسلحة أو الجرائم الإرهابية أو الجرائم المضرة بأمن البلاد سواء من الداخل أو الخارج أو المعلومات المتصلة بالأمن القومي للبلاد، أو التحقيقات المرتبطة بأي منها.

بالإضافة إلى توقي الإضرار بسمعة البلاد بسبب نمط النشر أو البث من خلال:
1- الإدراك الواعي والمسئول بأن النشر المتكرر أو غير المبرر والإلحاح في نشر نوع معين من الجرائم، أو لمنطقة جغرافية محددة، أو بشكل يتضمن مبالغة أو تهويلًا قد تضر بسمعة البلاد.
2- الأخذ في الاعتبار تأثُّر القطاع السياحي بالنشر غير المهني لبعض الجرائم والأحداث.
3- يجب عدم الوقوع في إعطاء صورة نمطية مسبقة عن فئة من المجتمع أو منطقة جغرافية منه.

بالإضافة إلى دعم جهود أجهزة الشرطة والقضاء وأجهزة إنفاذ القانون من خلال:
1- دعم ومساندة جهود أجهزة الشرطة ورجال السلطة العامة والتحقيقات في مكافحة الجريمة، وتعزيز الصورة الإيجابية والدور المهم والتضحيات المقدمة منهم.
2- تجنُّب النشر الذي قد يؤدي إلى فقدان الثقة في سيادة القانون أو أجهزة القضاء والتحقيق أو التشكيك في الأحكام القضائية أو في دور سلطات ومؤسسات الدولة المعنية بمكافحة الجريمة.

ويلزم الكود وسائل الإعلام بتحسين وتطوير قدرات أطقم التغطية الإعلامية وتأهيلهم وتدريبهم على مراعاة التغطية الجيدة، وذلك من خلال اختيار الأطقم العاملة في مجال تغطية الجرائم بكثير من العناية والدقة، والتأكد من تمتع هذه الأطقم بالتأهيل اللازم والتدريب المستمر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك