في مشهد أقرب إلى أفلام التجسس، اهتزت الأوساط القانونية والسياسية في فرنسا؛ إثر مزاعم بمحاولة اغتيال أوليفييه باردو محامي رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على يد عناصر على صلة بـ"حزب الله".. فإلى أين وصلت التحقيقات؟.
وقالت محطة "فرانس إنفو" التلفزيونية الفرنسية، إن القصة بدأت عندما طرق رجل غامض باب مكتب المحامي في باريس؛ ليخبره بأمر عقد اغتيال مقابل المال، رفضه، لكنه أراد تحذيره.. الآن، العدالة الفرنسية تفتح تحقيقًا رسميًا، والشكوك تتزايد: هل نحن أمام مؤامرة حقيقية؟ أم مسرحية غامضة؟ وهل اقترب النزاع في غزة من شوارع باريس؟.
- من الإنذار إلى التحقيق الرسمي
وكشفت المحطة الفرنسية، أن أوليفييه باردو المحامي المعروف بدفاعه عن شخصيات سياسية مثيرة للجدل مثل نتنياهو ووزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، أبلغ السلطات بتعرضه لتهديد باغتيال، حيث إنه يوم 16 يوليو، زاره في مكتبه رجل يدعى رودي تيرانوفا، وهو سجين سابق تحول إلى التطرف، وقال له صراحة: "لقد جرى الاتصال بي من قبل حزب الله اللبناني؛ لتنفيذ عملية اغتيالك.. لكنني رفضت العرض وأتيت لتحذيرك؛ لأن آخرين ربما يقبلونه."
والمفاجأة أن باردو صدق الرواية على الفور وأبلغ الشرطة، ففتحت نيابة باريس تحقيقًا قضائيًا رسميًا ضد مجهول بتهمة "تكوين عصابة إجرامية بهدف ارتكاب جريمة"، وأُحيل الملف إلى وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة الجنائية الفرنسية.
- من هو رودي تيرانوفا؟
وبحسب إذاعة "إر.تي.إل" الفرنسية، فإن رودي تيرانوفا هو رجل فرنسي يبلغ من العمر 47 عامًا، يحمل سجلًا جنائيًا طويلًا يرتبط بأعمال عنف وتطرف، أُدين عام 2004 بسبب جرائم عنف ارتكبها خلال فترة تحوّله إلى الفكر الراديكالي أثناء وجوده في السجن.
وفي عام 2007، وجهت إليه الشبهات في محاولة اغتيال المحامي المعروف كريم آشووي، إلا أنه بُرّئ من هذه التهمة لاحقًا في كل من المحاكم الابتدائية والاستئنافية.
وتشير تقارير، إلى أنه عمل سابقًا كمخبر سري لدى الشرطة الفرنسية، لكنه طُرد بسبب "عدم الاستقرار والخطورة".
واحتجز بعد تقديم بلاغه لباردو، ثم أُفرج عنه لاحقًا، وسط تشكيك محاميه في قانونية احتجازه، معتبرين أن "ماضيه هو ما ورّطه، وليس حاضره".
وفي تصريح لوسائل الإعلام، قال باردو: "أنا واثق من العدالة الفرنسية؛ لتحديد ما إذا كانت هذه التهديدات واقعية أو مجرد خيال.. أنا هادئ، فهذا جزء من مهنتنا حين ندافع عن قضايا تثير الجدل."
وأضاف في مقابلة مع موقع "آي.24 نيوز" الإخباري الإسرائيلي، أنه يعتقد أن استهدافه جاء نتيجة دفاعه عن نتنياهو أمام المحكمة الجنائية الدولية، حيث يُحاكم الأخير بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة منذ نوفمبر 2024.
وأشار إلى تلقيه تهديدات يومية على منصة "إكس"، لكنه لم يأخذ أيًّا منها بهذا القدر من الجدية من قبل.
- هل امتد الصراع إلى داخل فرنسا؟
من جانبها، قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إن "هذه الحادثة أعادت للأذهان سؤالًا حساسًا: هل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بدأ يزحف إلى التراب الفرنسي؟".
ولفتت الصحيفة الفرنسية، إلى أن فرنسا بلد يعاني في الأساس من توازنات دقيقة بين حرية التعبير وملف التطرف، وقضايا الشرق الأوسط دائمًا ما تُشعل الرأي العام فيها، ومع تحقيق جنائي مفتوح، فإن السلطات الآن في سباق مع الوقت؛ لتحديد ما إذا كانت هناك خلية حقيقية على الأرض، أم أن رودي تيرانوفا استغل توقيتًا دقيقًا لتقديم نفسه كبطل أو تاجر معلومات.
- إلى أين وصلت التحقيقات؟
وأشارت الصحيفة الفرنسية، إلى أنه حتى الآن، فتح تحقيق قضائي رسمي في 28 يوليو بتهمة "تكوين عصابة إجرامية"، وتولى قسم مكافحة الإرهاب بالشرطة الملف، موضحة أنه لم تثبت بعد صلة فعلية بين حزب الله والحادثة، ولا وجود خطة عملية مؤكدة للاغتيال، وأفرجت السلطات الفرنسية عن تيرانوفا ما وتتواصل التحقيقات لتحديد مصداقيته.