شريف الشوباشي: ذكرياتي عن مهرجان القاهرة السينمائي جميلة ولكن صعبة - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:01 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شريف الشوباشي: ذكرياتي عن مهرجان القاهرة السينمائي جميلة ولكن صعبة

شريف الشوباشي
شريف الشوباشي
حوار - محمد عادل
نشر في: الأربعاء 4 ديسمبر 2019 - 2:29 ص | آخر تحديث: الأربعاء 4 ديسمبر 2019 - 2:29 ص

الدولة كانت تتعامل مع المهرجان كشيء ترفيهي.. والمسؤولون يرددون: «كويس.. كويس إنه موجود!»


ينشر بالتعاون مع مجلة الفيلم


تأتي فترة رئاسة "شريف الشوباشي" لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" – التي امتدت لأربع دورات - وكأنها فترة يُمكن أن نُطلق عليها فترة "في المُنتصف" من عُمر المهرجان.. فهي تأتي بين تولي عمالقة "كمال الملاخ"، "سعد الدين وهبة"، و"حسين فهمي" لرئاسة المهرجان .. وبين تولي عمالقة آخرين لنفس المسئولية: "د. عزت أبو عوف"، "سمير فريد"، "ماجدة واصف"، وحاليًا المنتج والسيناريست "محمد حفظي".

المهرجان شهد الكثير طوال عمره المُمتد لأكثر من 40 عامًا .. وإن كانت مسألة ضعف "ميزانية المهرجان" هي العامل الأكثر تداولًا عند الحديث عن المهرجان .. وقد استقال الكاتب "شريف الشوباشي" وقتها قبل شهور قليلة من انطلاق الدورة الثلاثين (2006)، وأعلن "الشوباشي" وقتها أن أسباب استقالته هي نفسها التي تسببت في استقالة "حسين فهمي" قبله وهي "الميزانية" .. والآن بعد أن ترك "الشوباشي" رئاسة المهرجان ماذا يقول عن الكثير مِمَا دار في كواليسه في تلك الفترة، والتي لم يتحدث عنها كثيرًا وقتها .

• كنت قد استقلت – كما قلت لـ"ضعف الميزانية" .. هل مسألة "الميزانية" في رأيك تم تخطيها وحلّها الآن؟ .. أم ما زال الوضع "مَحلك سِر"؟

لا أتابع كثيرًا ما يحدث حاليًا .. الميزانية ليست السبب الرئيسي للمشكلة، بل هي جزء من كل .. حين كنت رئيسًا لـ"مهرجان القاهرة" كانت الميزانية وقتها 3 ملايين جنيه مصري تقريبًا، وهذا طبعًا في ذلك الوقت لا يكفي، وكان وقتها ميزانية مهرجان مثل "مهرجان دبيّ" 6 ملايين دولار، و"مهرجان كان" بـ "فرنسا" كانت ميزانيته 12 مليون يورو، ورغم ضعف الميزانية لكني تمكنت وقت أن توليت رئاسة المهرجان أن أرفع الميزانية لأكثر من 4 ملايين جنيه مصري، لكن المشكلة الأساسية برأيي هو عدم الاهتمام بالمهرجان نفسه سواء كدولة أو كمؤسسات أو كأفراد.

• ماذا تقصد؟

الدولة لم تكن مُدركة لأهمية المهرجان، و وقت رئاستي للمهرجان، قاموا بعمل استجوابٍ لي في مجلس الشعب، وسألتني وقتها النائبة "د. شاهيناز النجار" – زوجة رجل الأعمال الشهير وقتها أيضًا "أحمد عز" – سؤالًا واضحًا جدًا: "هذا المهرجان يُكلف الدولة الكثير فما هو العائد الذي أدخلته أنت للدولة؟" .. كان ردي وقتها: "المهرجان ليس مؤسسة تجارية أو شركة، وما يقدمه المهرجان للدولة أكثر بكثير من ميزانيته التي لا تتجاوز الـ 5 ملايين جنيه، فهنالك دعاية لمصر، النجوم العالميين، والقنوات التلفزيونية العالمية التي تُغطي فعاليات المهرجان وغيرها، كل هذا دعاية لمصر، وإن أردنا أن نقوم مثلًا بعمل إعلان فقط لا يتجاوز الـ30 ثانية في القناة الفرنسية الشهيرة TV 5 فقد ندفع مبلغاً وقدره 250 ألف جنيه"! .. وكنت وقتها قد تعاقدت مع تلك القناة لتغطية فعاليات المهرجان بأكملها للدعاية للمهرجان ولمصر بمبلغ أقل بكثيرٍ مما ذكرته لـ "د. شاهيناز"، فللأسف مفهوم الدولة عن المهرجان والفعاليات الثقافية وكأنها ليست ذات أهمية .. الدولة كانت تتعامل مع المهرجان كشيء ترفيهي، والمسئولون يرددون: "كويس .. كويس إنه موجود"!.

• من الواضح أنك عانيت كثيرًا وقت توليك رئاسة مهرجان القاهرة!

لديّ عشرات القصص التي تدل على عدم اهتمام الدولة بالمهرجان، منها مثلًا أن مُحافظ القاهرة وقتها – لا أذكر اسمه – في إحدى السنوات قام بمضايقتي بعدما قمت باستئجار مركب على النيل - وبها شاشة ضخمة - لعرض أجزاء من الأفلام لجذب الجمهور لمتابعة فعاليات وأفلام المهرجان، فالمُحافظ أمر بأن المركب لا بُد وأن يغادر فوراً!.

كنت حين أطلب رفع سقف ميزانية المهرجان، كان يرد عليّ وزير الثقافة وقتها "فاروق حسني": "انت عايز الفلوس دي كلها ليه ؟!" .. وهو نفس سؤال المخرج "داود عبد السيد" لي في مداخلة هاتفية حين استضافوني في أحد البرامج! .. كان ردي وقتها على "داود عبد السيد": "أريدك أن تصنع فيلمًا بميزانية لا تتجاوز الـ100 ألف جنيه، وهات لي فيه كِبار النجوم! .. يا ترى هتقدر؟!".

• وماذا عن تعامل المؤسسات مع المهرجان وقتها؟

تعامل المؤسسات أيضًا مع ادارة المهرجان كان بائسًا، فقد حاولت أن أحصل على Sponsors، ولم يُلبِ طلبي وقتها سوى رجل الأعمال "نجيب ساويرس"، وبعدها قال لي: "هذه أول وآخر مرة أعطي للمهرجان أموالًا" .. وحينما استقلت من المهرجان علمت أن "ساويرس" عاد ليدعم المهرجان مرةً أخرى، لكنه اشترط وقتها ألا يُصرف أي مليم من هذه الأموال سوى بتوقيع مسئول من الشركة التي يملكها، وهو شيء لو كان عُرِضَ عليّ وقتها لم أكُن لأقبله بأي حالٍ من الأحوال.

في الحقيقة لم أفهم تعامل المؤسسات تحديدًا مع المهرجان بهذا الشكل المُزري، فمثلًا الشركات السياحية الكُبرى لم تستغل حضور نجم عالمي كبير مثل "مورجان فريمان" – الذي كرّمته في المهرجان – وكان "فريمان" وقتها في أوج مجده، بل ومعروفًا أكثر للجمهور المصري، عكس نجوم آخرين تم تكريمهم في المهرجان مثل "صوفيا لورين" و"آلان ديلون"، واللذين رغم شُهرتهما للجمهور المصري، لكن يُمكن اعتبارهما قد حضرا المهرجان بعد أفول نجوميتهما – بعكس "مورجان فريمان" – أو تكريم نجوم عالميين آخرين ليسوا مشهورين بالنسبة للجمهور المصري مثل النجمة الفرنسية العالمية "إيمانويلي بيار" .. وأذكر أنني حين طلبت قُدوم النجمة الأمريكية الشهيرة "ساندرا بولوك" للمهرجان، فقد طلب مني الـ Agent أو وكيل أعمالها مبلغ 120 ألف دولار لحضور "بولوك" لليلةٍ واحدة فقط! .. رفضت وقتها لأن الميزانية لا تسمح، وليس تعفُفاً مني.. كذلك الحال بالنسبة للنجم الأمريكي "سليفستر ستالون"، والذي طلب مني وكيل أعماله أن يحضر للمهرجان بطائرة خاصة، وسألني ما إذا كنت أمتلك طائرة خاصة؟ .. كان ردّي مُمازحاً : "معلش مش معايا لإني سلفت طيارتي الخاصة لواحد صاحبي"! .. وحين حاولت حلّ الأمر بواسطة أحد رجال الأعمال، فاجأني وكيل أعمال "ستالون" بأن الطائرة الخاصة المطلوبة ليست كأي طائرة خاصة، بل طائرة خاصة بمواصفاتٍ معينة!.

• لكن ما تقوله غريب نوعًا!.. فهنالك شركات كثيرة بالتأكيد من مصالحها تقديم يد العون لرعاية المهرجان وضيوفه!

للأسف مفاهمينا تختلف عن مفاهيم العالم .. ما يريده الجميع هو "مردود مُباشر" للمهرجان، فالبعض يتعامل مع المهرجان كـ"شئ تجاري"، والبعض الآخر يتعامل معه كـ"شئ ترفيهي"، والبعض يرى أنه مُجرد "كماليات"! .. أما إذا تحدثنا عن وسائل الإعلام، فسنجد فارقًا كبيرًا بين تغطيتنا وتغطية الخارج للمهرجانات الدولية، فمثلًا القناة الأولى أو الثانية الفرنسية عند تغطيتهم لمهرجان كبير مثل "مهرجان كان" ستجدهم يحرصون حتى أن تكون نشرات الأخبار مُذاعة من داخل أروقة المهرجان، خاصةً وأن نشرة الأخبار تُمثل أعلى نسبة مُشاهدة في فرنسا على العكس مِنا! .. جريدة "اللوموند" الفرنسية الشهيرة مثلًا ستجد على صفحاتها تغطيات كبيرة وكاملة لفعاليات المهرجان .. وأعترف – وأنا حزين – أن كل من مدحوني ومدحوا المهرجان كانوا من أصدقائي في الصحافة والإعلام، وكل من هاجموني لم أكُن أعرفهم شخصيًا! .. المقاييس لدينا "شخصية" و"ذاتية" جدًا، وليس لها علاقة بالمعايير الموضوعية للحُكم على الأشياء.

أما مفهوم الأفراد لدينا عن المهرجان، فالمهرجان لا يُمثل لهم سوى "الأفلام المُعقدة" أو "الصعبة"! .. المهرجان في رأيهم للـ"الجمهور الراقي" أو "الصفوة" أو "النُخبة"! .. للأسف من عزّز فكرة أن "المهرجان للنُخبة" نجوم لدينا أمثال "عادل إمام".. وقد كُنا أنا و"عادل امام" أصدقاءً وقتها، وحين طلبت منه أن يُدعم المهرجان كان رده: "أنا ماليش علاقة بالمهرجان ده، فالشباك هو الفيصل"!.

• وماذا عن قيمة الفيلم الفنية؟

كان رأي "عادل إمام" أن "طُز" في "القيمة الفنية" لفيلم إن لم يُحقق أعلى الإيرادات!.. ولو لاحظت فإن "عادل إمام" لم يحضر أبدًا لفعاليات "مهرجان القاهرة"، لكنه حضر افتتاح "مهرجان الجونة" في دورتهِ الأولى! .. وما لاحظته في "مهرجان الجونة" عند مُتابعتي له في دورتهِ الأولى أنه "مهرجان أزياء"!.. "أزياء وحفلة جميلة".. لكن هذا ليس "مهرجانًا"!.

• إدارة مهرجان "الجونة" قالت إن السبب في التركيز على "الأزياء" هي وسائل الإعلام وإن إدارته تسعى بالفِعل لأن تُقدم أفلامًا مُميزة للجمهور؟

تقصد دورة هذا العام مثلًا.. في الحقيقة لا أستطيع أن أحكم على ما لا أعرفه.. لو استطاعوا بالفعل أن يأتوا بأفلامٍ جيدة، فهذا هو النجاح.. لكن ما أقصده هو أن المفاهيم اختلطت بين فكرة "الأزياء" وبين "احتفالية استعراضية" وبين "مهرجان للسينما"، فـ"المهرجان السينمائي" وظيفته أن يعرض أجمل الأفلام التي لم تُعرض من قبل، ولو كان بحضور نجومها فهذا سيكون أفضل بالتأكيد .. وأيضًا أن تقوم بعمل سوق مفتوح لتسويق الأفلام مثل سوق "مهرجان كان"، فالسينمائيون يتهافتون على هذا السوق.. هذا ما يُمكن من خلاله قياس نجاح أي مهرجان.. وإذا قِسنا هذا الأمر علينا، فنحن للأسف بذلك نفتقد جوهر وأساسيات مهرجان ناجح.

• إذن نعود لفترة رئاستك لمهرجان القاهرة.. ما هي الصعوبات الأُخرى التي واجهتك؟

كنت وقت رئاستي لمهرجان القاهرة أشعر وكأني أغزل بـ "رجل بغل" وليس بـ"رجل حمار" كما يقول المثل الشائع .. لا أنكر أنها كانت سنواتٍ جميلة رغم ذلك، لكنها تظل سنوات صعبة .. لم تكُن لديّ الإمكانيات، ودائمًا ما كنت أشعر أنني أصطدم بالصعوبات .. كان وزير السياحة وقتها "د. ممدوح البلتاجي" صديقي، وقلت له إنني محتاج دعمًا منك للمهرجان، وبعد مُداولات أعطاني ما يُقارب الـ150 ألف جنيه .. ولو كان هنالك 5 أو 6 وزارات أخرى، وكل وزارة أعطتني مبلغًا كهذا، فسيكون معي مليون جنيه مثلًا، هذا سيجعل "المركب تمشي" ولو قليلًا.

"مهرجان كان" مثلًا لديه كم هائل من الـ Sponsors، حتى أصحاب أشهر ماركات المجوهرات مثلًا يُشاركون في دعم المهرجان .. وللأسف "مهرجان القاهرة" بالنسبة للـ Sponsors لدينا ليس فيهِ مقومات "المهرجان" من وجهة نظرهم .. وكنت قد حضرت عدة دورات لـ"مهرجان كان"، و رأيت فيه كل نجوم العالم تقريبًا، وهؤلاء يصنعون دعاية للـ Sponsors كـ"فيرساتشي" وغيره.

• هل استغللت تواجدك في مهرجانات دولية كـ"مهرجان كان" مثلًا لدعوة نجوم العالم لمهرجان "القاهرة"؟

بالتأكيد، .. لقد دعوت المخرج الأمريكي الشهير "كوينتين تارانتينو" والنجوم مثل "شارون ستون" و"جاكي شان" .. كان انطباعهم لطيفًا جدًا .. لكن فور أن تُكلم مُدير أعمالهم، فالأمور تختلف تمامًا!.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك