تدرس الولايات المتحدة فرض مجموعة أوسع من العقوبات على أطراف الحرب في السودان، اعترافاً ضمنياً بعجز المبعوث الأميركي مسعد بولص عن إقناع الأطراف بقبول وقف إطلاق النار، وذلك وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي بدء العمل على إنهاء النزاع، عقب طلب مباشر من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للتدخل الشخصي. إلا أن المبعوث الأمريكي يحاول منذ أشهر إقناع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بدعم وقف لإطلاق النار، دون تحقيق نتائج ملموسة.
وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، خلال اجتماع لمجلس الوزراء في البيت الأبيض، الأربعاء، إن ترامب "القائد الوحيد القادر على حل الأزمة السودانية"، وفقا للجارديان.
وقالت الجارديان، إن الأطراف المتحاربة أُبلغت بأن ترامب قد يلجأ إلى توسيع العقوبات ضد الجهات التي يرى أنها تعرقل التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وفي الوقت نفسه، تستعد وزارة الخارجية النرويجية لدعوة مختلف مكونات المجتمع السوداني إلى أوسلو خلال الأسابيع المقبلة، لوضع معالم خطة لاستعادة الحكم المدني في حال انتهاء النزاع.
ووفقاً للأمم المتحدة، أسفرت الحرب عن مقتل 40 ألف شخص، رغم أن بعض المنظمات الحقوقية تقول إن العدد أعلى بكثير، كما أدت إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم مع نزوح أكثر من 14 مليون شخص.
وتلقى الجيش السوداني دعماً من السعودية ومصر، بينما تدعمه قوات الدعم السريع الإمارات. وقد يعتمد نجاح تدخل ترامب على إقناع الإمارات سرّاً بأن موقفها، رغم إنكاره، يؤدي إلى نتائج عكسية، كما قد يتطلب إقناع السعوديين بتخفيف تمسكهم بالمؤسسات الحالية، في إشارة إلى الجيش المتأثر بالتيارات الإسلامية.
وجاء تحرك السودان على جدول أولويات واشنطن بعد تحذير مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن قوات الدعم السريع قتلت ما لا يقل عن 269 مدنياً منذ 25 أكتوبر، نتيجة الغارات الجوية والقصف المدفعي وعمليات الإعدام الميداني.
وبعد تدخل ولي العهد السعودي، من المرجح أن توسع الولايات المتحدة العقوبات ضد الأطراف المتحاربة، إلى جانب تعزيز فرض حظر الأسلحة الأممي على دارفور، الذي كثيراً ما انتهك. وحتى الآن، اقتصرت العقوبات الأميركية على قيادات الجيش والدعم السريع، ومجموعة صغيرة من الإسلاميين المرتبطين بالجيش، وبعض الشركات الإماراتية.
وفي 21 سبتمبر، طرحت الرباعية الأميركية-السعودية-الإماراتية-المصرية خطة لوقف إنساني لإطلاق النار لمدة 3 أشهر، يليه مسار سياسي يمتد لتسعة أشهر يقود إلى حكم مدني.
وأظهرت قوات الدعم السريع قبولاً شكلياً بالخطة لكنها واصلت القتال، بينما رفض الجيش خارطة الطريق، متهماً الرباعية بالتحيز، وهو ما أغضب المبعوث الأمريكي. واعتبر الجيش أن الخطة تتضمن عملياً تفكيكه، وهو تهديد لقاعدته السياسية.
وكان أندرياس موتسفيلد كرافيك، نائب وزير الخارجية النرويجي، في بورتسودان الأسبوع الماضي للقاء قيادة الجيش، مشدداً على أن "من دون وقف إطلاق النار، ستستمر تفكك البلاد مع عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها"، وأوضح أن النرويج تأمل في جمع مكونات المجتمع المدني في أوسلو لمناقشة التحضير لحكومة مدنية.
وفي الوقت نفسه، قد يُضعف تهديد ترامب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية، وهو ما أيدته لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، موقف الجيش الذي يُتهم بصلات واسعة مع الجماعة.
كما عززت تقارير جديدة اهتمام البيت الأبيض بالأزمة السودانية، بعد ورود معلومات عن استعداد الجيش لمنح روسيا امتيازاً موسعاً لإدارة ميناء، ومنع سلطات الأمم المتحدة من التحقيق في استخدام محتمل للأسلحة الكيميائية.
وتقول الإمارات، التي تعارض نفوذ الإسلاميين في السياسة، إن القضاء على جماعة الإخوان يجب أن يظل محوراً أساسياً في مقاربة الغرب للمنطقة.
وخلال كلمة لها في معهد تشاتام هاوس هذا الأسبوع، قالت لانا نسيبة، وزيرة الدولة الإماراتية: "الحل يكمن في إعادة السودان إلى حكم مدني واسع التمثيل. لا يمكن إعادة تأهيل أي من طرفي الصراع؛ فكلاهما ارتكب انتهاكات جسيمة وفقد شرعيته في نظر المجتمع الدولي".
ويوم الخميس، أصدر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحذيراً شديداً بشأن السودان، قائلاً إنه يخشى "موجة جديدة من الفظائع" مع تصاعد القتال في كردفان، ودعا جميع الدول ذات النفوذ إلى "اتخاذ إجراءات فورية لوقف القتال ووقف تدفق الأسلحة الذي يغذي الصراع".