وطنيات ثورة 1919 (6) : قصيدة «بني مصر مكانكمو تهيا».. أول محاولة لإنتاج نشيد قومي لمصر - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 1:16 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وطنيات ثورة 1919 (6) : قصيدة «بني مصر مكانكمو تهيا».. أول محاولة لإنتاج نشيد قومي لمصر

أمير الشعراء أحمد شوقي مع الزعيم الكبير سعد زغلول في عشرينيات القرن الماضي
أمير الشعراء أحمد شوقي مع الزعيم الكبير سعد زغلول في عشرينيات القرن الماضي
حسام شورى:
نشر في: الأربعاء 6 مارس 2019 - 3:18 م | آخر تحديث: الأربعاء 6 مارس 2019 - 3:51 م

تواصل "الشروق"، على مدار شهر مارس، تذكير قرائها بنخبة مختارة من الأغاني والقصائد الوطنية التي أنتجتها عقول شعراء وفناني مصر الرواد، بالتزامن مع ثورة 1919 أو تفاعلاً معها أو مواكبة لمطالبها وشعاراتها، بهدف إلقاء الضوء على أشكال مختلفة من إبداعنا منذ 100 عام ورصد الآثار الكبيرة للثورة على الفن والأدب في مصر.

بعد اندلاع الثورة وهي في طريقها لتحقيق بعض من مطالبها وسط حالة من اشتعال الروح الوطنية والقومية المصرية في نفوس المصريين، بدأ الحديث عن أن أول سلام وطني في مصر (موسيقى من نظم جوزيبي فيردي) لم يعد مناسبا للفترة الجديدة ومع مطالب الاستقلال.

في هذه الأثناء يعود الشاعر أحمد شوقي إلى مصر بعد أن كان منفيًا إلى إسبانيا في أعقاب عزل الخديو عباس حلمي من حكم مصر، باعتبار أن شوقي كان أحد أفراد حاشيته، واستقبل الشعب الشاعر استقبالاً حافلاً في ميناء الإسكندرية ليتحول مع هذا الاستقبال من شاعر للقصر إلى شاعر للشعب وليكون رمزًا من رموز النهضة المصرية والتعبير عن الروح التي ولدت مع ثورة 1919 و ليخرج لنا أروع القصائد التي تشدو بمصر إلى الآن.

وفى نهاية عام 1920 تم تشكيل لجنة عُرفت بـ«لجنة ترقية الأغانى القومية» برئاسة جعفر باشا والى (أحد مؤسسي النادي الأهلي ووزير الأوقاف والمعارف فيما بعد) وعضوية بعض كبار الشعراء والأدباء والفنانين لوضع نشيد قومى يُمنح الفائز فيها جائزة قدرها 100 جنيه، على أن يتم منح الكلمات الفائزة لعدد من الملحنين، لاختيار أفضل لحن.

وتقدم 56 شاعراً بـ 56 نشيداً، كان من بينهم أحمد بك شوقي، الذي فاز بالفعل بقصيدة «بني مصر مكانكموا تهيأ».

نص القصيدة:

بَني مِصرٍ مَكانُكُمو تَهَيّا....فَهَيّا مَهِّدوا لِلمُلكِ هَيّا
خُذوا شَمسَ النَهارِ لَهُ حُلِيّاً...أَلَم تَكُ تاجَ أَوَّلِكُم مَلِيّا
عَلى الأَخلاقِ خُطّوا المُلكَ وَاِبنوا...فَلَيسَ وَراءَها لِلعِزِّ رُكنُ
أَلَيسَ لَكُم بِوادي النيلِ عَدنُ.. وَكَوثَرُها الَّذي يَجري شَهِيّا
لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ.. وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ
إِذا ما سيلَتِ الأَرواحُ فيهِ.. بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا
لَنا الهَرَمُ الَّذي صَحِبَ الزَمانا... وَمِن حدَثانِهِ أَخَذَ الأَمانا
وَنَحنُ بَنو السَنا العالي نَمانا...أَوائِلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُقِيّا
تَطاوَلَ عَهدُهُم عِزّاً وَفَخرا...فَلَمّا آلَ لِلتاريخِ ذُخرُ
نَشَأنا نَشأَةً في المَجدِ أُخرى... جَعَلنا الحَقَّ مَظهَرَها العَلِيّا
جَعَلنا مِصرَ مِلَّةَ ذي الجَلالِ... وَأَلَفنا الصَليبَ عَلى الهِلالِ
وَأَقبَلنا كَصَفٍّ مِن عَوالِ.. يُشَدُّ السَمهَرِيُّ السَمهَرِيّا
نَرومُ لِمِصرَ عِزّاً لا يُرامُ... يَرِفُّ عَلى جَوانِبِه السَلامُ
وَيَنعَمُ فيهِ جيرانٌ كِرامُ... فَلَن تَجِدَ النَزيلَ بِنا شَقِيّا
نَقومُ عَلى البِنايَةِ مُحسِنينا... وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا
إِلَيكِ نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا... وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا

كلمات القصيدة بخط يد سيد درويش - من كتاب سيد درويش (سيد درويش) من موسوعة أعلام الموسيقى العربية الذي اصدرته مكتبة الإسكندرية ودار الشروق 2003

 

وبحسب الكاتبة والأديبة مي زيادة في كتاب «بين الجزر والمد» المنشور في 1924، جاء في تصريح لجنة ترقية الأغاني القومية: «حاز الأسبقية نشيد شوقي بك، فطرحته على أهل الفن لتلحينه وضبطه بالعلامات الموسيقية ليصير النشيد الرسمي، ويتغنى به الناس في اجتماعاتهم.. أرجو أن أرى الصبية المصريين بعد اليوم تاركين «السمك البني» وشأنه لينصرفوا مع شوقي إلى تعديد مفاخر الجدود».

والمقصود هنا بـ«السمك البني» فلكلور (صيد العصارى يا سمك يا بنى)، والذي لحنه داود حسني، وغنته الست ودوده المنيلاوية و صباح فخرى فيما بعد.

تستكمل زيادة حديث اللجنة عن قصيدة شوقي الفائزة: «إلا أن شوقي لا يكتفي بامتداح الماضي، بل أضاف طارف الأمة إلى تالدها، وذكر اتحاد العنصرين المصريين: المسلم والقبطي، واتفاق كلمتهما على المناضلة في سبيل الاستقلال، ثم ختم النشيد بهذين البيتين وفيهما وعد بتهيئة مستقبل يليق بالماضي.

نَقومُ عَلى البِنايَةِ مُحسِنينا... وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا
إِلَيكِ نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا... وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا

اللجنة ارسلت النص لحوالي 7 ملحنين، لتلحين كلمات شوقي، ووقع الاختيار على سيد درويش لتلحين النشيد فأصدره رسمياً عام 1921 بصوت المطرب الشيخ محمود مرسي وفرقة أولاد عكاشة المسرحية.

لكن النشيد لم ينل شهرة كبيرة ربما لظروف تسجيله أو لطبيعة لحنه الذي لم يحمل جملاً موسيقية حاسمة تعلق في الذاكرة بسهولة، عكس أناشيد أخرى حظت بشعبية أخرى آنذاك وفي العقود التالية.

ومع ذلك تبدأ معركة النشيد القومى؛ إذ كان يرى الشاعر مصطفى صادق الرافعي (صاحب قصيدة اسلمي يا مصر إنني الفدا) أن كلماته تستحق هذا الشرف، وشن حملة صحفية ضد لجنة ترقية الأغاني، وضد شوقي، وضد جعفر والي، وشهدت الصحف المصرية تلك المعركة التي استمرت حتى عام 1923.

وغدا حلقة جديدة...



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك