أيام القاهرة (12).. كيف ارتبط المستشرقون بمساجد المدينة ومآذنها؟ - بوابة الشروق
الثلاثاء 21 مايو 2024 8:00 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أيام القاهرة (12).. كيف ارتبط المستشرقون بمساجد المدينة ومآذنها؟

محمد حسين
نشر في: السبت 6 أبريل 2024 - 5:25 م | آخر تحديث: السبت 6 أبريل 2024 - 5:27 م
تمتع شهر رمضان في مصر، بخصوصية وتفرد عن غيره من أشهر السنة، حيث تزخر به الطقوس والعادات المميزة التي تضفي أجواءً فريدة من البهجة والسعادة.

وتشهد شوارع القاهرة على سهرات وتجمعات العائلات والأصدقاء لتوثيق تلك الأجواء الفريدة والمبهجة خلال الشهر الكريم.

وتشارك "الشروق"، مع قرائها لقطات ساحرة من تاريخ القاهرة، الذي يعود لأكثر من 1000 عام، وصور إلهامها للمبدعين، وذلك في سلسلة حلقات بعنوان "أيام القاهرة" على مدار النصف الثاني من شهر رمضان.

• الحلقة الثانية عشرة:

تحدثنا في الحلقة السابقة عن تاريخ أسواق القاهرة القديمة، والتي شغلت الدنيا بصخبها وحيويتها وسلعها الشرقية والغريبة عيون وعقول الأوروبيين، وكان لها الجزء الأكبر من المجموعة الفنية لأي مستشرق كذلك لم يخل كتاب أحد من الرحالة إلا وقد خصص لها عدة فصول ووصفها دافيد روبرتس، قائلا: "بإمكانك أن ترى كل شيئ: الحمير المحملة بالفاكهة والخضراوات والكلاب الضالة وصناعًا يحملون أثقالا أو يدقون القهوة في هون بقطعة غليظة من الخشب وصوت الشيالين وهم يصيحون اوع رجلك.. ظهرك وجهك ووسط كل ذلك يمر رجال يرتلون بصوت عال آيات من القرآن".

فيما كتب جوتيه قائلا: "أسواق تختلط فيها جميع أنواع البشر من أشكال متنافرة من البدو المسلحين وأتراك ويونانيين في أزياء غريبة. وصعاليك مشردين ونساء محجبات، يمتطين الحمير أو البغال يحرسهن عبيد أشداء وسقائين بقربهم الجلدية المميزة وكنت لا أستطيع أن أمنع نفسي من الصياح متعجبا "ياله من جمال" لولا أني خشيت أن يعتقد دليلي الترجمان أنه أصابني مس من الجنون، كانت المدن هي مراكز البيع والشراء وكان لكل مدينة يوم مخصص في الأسبوع لحركة البيع والشراء، وعلى التجار دفع ضريبة مقابل عرض بضاعتهم في تلك الأسواق.

ونكمل اليوم مع الجانب الروحي في تاريخ المدينة؛ حيث أخذت مآذنها التي زدات عن ألف مئذنة عقول سكانها وزوارها من الأجانب.

* سحر الشرق

وتعتبر المساجد بمآذنها العالية وطرازها المعماري مشهدًا لا يتوانى عن رسمه الفنان الذي ترك وراءه كل شيء وجاء ليكتشف أغوار الشرق، ويقع المستشرق تحت طائلة إغواء ذلك البناء غير التقليدي بالنسبة له، فربما كان قد سمع عنه ولكنه لم يكن رآه بعد، والآن وقد أصبح محاطا به من جميع الجهات فأينما ذهب في القاهرة وضواحيها فالمساجد تطوقه. وربما لم تكن كل تلك المساجد التي وجدناها في لوحات الفنانين تعبيرًا عن ولعهم ببنائها المعماري أو إشارة لاعتناق ديانة الإسلام بقدر أنها تجسيد للشرق بكل ما يحمله معه من سحرها؛ فقباب المآذن التي نراها في خلفية لوحات الكثيرين منهم تحمل معها روائح الشرق، وإن كان بعضهم حرص على أن يخرج لنا إقامة شعائر المسلمين الخاصة بالصلاة أو المؤذن وهو ينادي للصلاة كما في لوحة جيروم التي تحمل نفس الاسم، وفقا لما ورد بكتاب "القاهرة..المدينة والذكريات"، للكاتبة رشا عدلي.

وأضاف الكتاب: "أن ذلك الشكل الاجتماعي والترابط الذي ينام الدين الإسلامي في نفوس الجيران وأبناء الحي الواحد وتلك الطقوس الخاصة بهم كانت ي المشهد الأكثر إلهامًا له، ففي لوحة فيباحة مسجد وخارج مسجد تجسيد لواقع حياة الشرقيين خارج مساجدهم وبعد أداء فرائضهم الإسلامية، فتلك الحركة في أنحاء الطريق وذلك الصخب بكل ما يحويه من نداءات الباعة الجائلين أو الأحاديث المتداولة بين الجيران وهم يناقشون أحوالا سياسية أو اقتصادية أو حتى مشكلات الحي الذي يقيمون فيه، وكتب الفنان البريطاني ديفيد روبرتس لابنته يقول في أحد خطاباته 1838: "لقد رأيت بعض الحجاج في طريقهم لمكة، كما رأيت هؤلاء الناس يسجدون لربهم خمس مرات في اليوم فكان لذلك في نفسي الأثر الكبير".

وفي خطاب آخر كتب يقول: "بدأت في جمع ملف عن الأهرامات وآثار الفراعنة ذات الأهمية الكبيرة، وأتمنى أن أحقق ملفًا آخر عن مواقع القاهرة التي لا نظير لها في العالم".

* فرمان رسمي للسماح برسم المساجد

ويقول ديفيد روبرتس إن العقبة الوحيدة التي كانت تعترضه هي تشدد البعض في منعه من دخول المسجد أو رسمه، لكنه حصل على فرمان من عباس باشا حفيد محمد علي حاكم مصر برسم الجوامع فارتدى زيا عربيا وصحبه حارس نوبي ودخل جامع السلطان الغوري وهو أحد سلاطين القاهرة وتوسط صحن الجامع، حيث تحلق فيه بعض الرجال المنهمكين في تطريز قطعة كبيرة من القماش الفاخر، واقترب روبرتس أكثر ورأى البعض يقبلونها فجثا على ركبته وتناول حرفا منها ليتفحصها، وكانت هذه هي الكسوة المقدسة المخصصة للمشهد النبوي، فانتزعها الحارس من يده في الحال ودفعه إلى الطريق.

* السلطان حسن

ويشرح ذلك ديفيد روبرتس موضحا: «كان هذا القرب عهد المصريين بالحملة الفرنسية وما فعلته بالأزهر، وما تركته من آثار نفسية وتوجس ناحية أي أجنبي، في حين أن محمد علي كان حريصا على وجود علاقات جيدة مع الإنجليز»؛ هكذا حدثنا روبرتس عن غيرة المسلمين على دينهم، فها هو الحارس ينتزع من يده قطعة من قطاش الكعبة ويدفعه خارج المسجد، وبالرغم من ذلك لم يبدل هذا الأمر من اهتمام الفنان بالمساجد، وكان أكثر شيء ملحوظ في اللوحات التي رسمت فيها المساجد ذلك الخشوع الذي يتحلى به الإمام والمصلون، وتلك النقوش الإسلامية والآيات القرآنية، وباحة المسجد عادةما تكون واسعة لتحمل أكبر عدد من المصلين. وفي لوحة خارج المسجد برسم الفنان مصلين وقد قضوا صلاتهم، ينتشرون في الأرض القضاء خوائجهم فيخرجون من المسجد على عجل وكان هناك شيئًا ما بانتظارهم وربما كانت لوحة مسجد السلطان حسن هي الأكثر جمالا.
أقرأ أيضا:


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك