إسماعيل إبراهيم: هدفي الأساسي في كتاب «سايكوسينما» هو إمتاع القارئ من خلال رحلة شيقة بين عوالم السينما - بوابة الشروق
الثلاثاء 12 أغسطس 2025 2:18 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

إسماعيل إبراهيم: هدفي الأساسي في كتاب «سايكوسينما» هو إمتاع القارئ من خلال رحلة شيقة بين عوالم السينما

حوار- محمود عماد
نشر في: الخميس 7 أغسطس 2025 - 8:23 م | آخر تحديث: الخميس 7 أغسطس 2025 - 8:24 م

لطالما ارتبط الطب النفسي وفكرة التحليل النفسي بالأدب والسينما، وخاصةً في العصر الحديث، فتأثير الطب النفسي على الأعمال الإبداعية كبير للغاية، سواء من حيث الكتابة نفسها، أو تحليل تلك الأعمال ومحاولة فهمها.

في إطار ذلك، يحاول الكاتب والدكتور إسماعيل إبراهيم، بحكم كونه طبيبًا نفسيًا، أن يفسر العلاقة الخاصة بين الطب النفسي والفن والسينما والإبداع بشكل عام. ففي كتابه الأول، "نيوروسينما"، صوَّر أمراض الجهاز العصبي في الأفلام السينمائية، وكيفية تأثير مشاهدة الأفلام على الدماغ. بينما اهتم في أحدث كتبه، "سايكوسينما"، بكيفية تصوير الاضطرابات النفسية على الشاشة، وتأثير الأفلام على الحالة النفسية للمُشاهد، وكيف يمكن لها أن تكون وسيلة لاستكشاف النفس البشرية بصورة أعمق.

في هذا الحوار، نتعرف على أحدث كتبه، "سايكوسينما"، الصادر حديثًا عن دار المحرر، وعن علاقة الطب النفسي بالسينما والفن والإبداع بشكل عام.

من أين جاءت فكرة أحدث كتبك "سايكوسينما"، ومن أين جاء العنوان أيضًا؟

= كنت وما زلت مولعًا بالفن والسينما، فهما رفيقا دربي منذ سنواتي الأولى. وخلال دراستي للطب، وبعد تخصصي في "أمراض المخ والأعصاب والطب النفسي"، زاد اهتمامي وشغفي بالطريقة التي يتم بها تصوير أمراض الأعصاب والاضطرابات النفسية على شاشة السينما.

وبرغم اقتناعي الكامل بأهمية مبدأ "الحرية الإبداعية" لدى صُنّاع الأفلام، إلا أنني كنت دائمًا ما أنزعج من عدم تحري الدقة العلمية في بعض هذه الأفلام، وخاصةً إذا كان الموضوع العلمي يشغل جزءًا محوريًا وهامًا من الأحداث.

من هنا جاءتني فكرة شرح وتبسيط علوم المخ والأعصاب والطب النفسي من خلال عالم الأفلام السينمائية الساحر، وهو ما ظهر في كتابي الأول "نيوروسينما" والثاني "سايكوسينما".

العنوانان قد يبدوان غريبين وجديدين لبعض القراء، ولكنهما يشيران إلى فرعين حقيقيين من فروع العلوم الطبية؛ حيث يهتم مجال "نيوروسينما" (Neurocinema) بكيفية تصوير أمراض الجهاز العصبي في الأفلام السينمائية، وكيفية تأثير مشاهدة الأفلام على الدماغ.

بينما يهتم مجال "سايكوسينما" (Psychocinema) بكيفية تصوير الاضطرابات النفسية على الشاشة، وتأثير الأفلام على الحالة النفسية للمُشاهد، وكيف يمكن لها أن تكون وسيلة لاستكشاف النفس البشرية بصورة أعمق.

الجزء الأول من العنوانين مشتق من كلمات يونانية الأصل؛ فكلمة "نيورو" تعني "الأعصاب"، بينما كلمة "سايكو" تعني "النفس".

كيف ترى علاقة الطب النفسي بالسينما، وخاصة أن "سايكوسينما" هو ثاني كتبك التي تتحدث عن الطب النفسي والسينما بعد كتاب "نيوروسينما" الذي تناول أمراض الأعصاب؟

= العلاقة بينهما وثيقة وقديمة، فقد تشابهت بدايات السينما مع بدايات الطب النفسي الحديث، فكلاهما ظهر مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وكلاهما نشأ في أوروبا، ثم انتقلا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها امتد تأثيرهما الثقافي العميق ليشمل العالم بأسره.

أخذ الاثنان كذلك في النمو والتطور معًا، حيث وجد صُنّاع الأفلام في الاضطرابات العقلية والنفسية مصدرًا خصبًا لسرد قصص مثيرة تُسلط الضوء على جوانب مظلمة ومعقدة من التجربة الإنسانية. وبالمقابل، ساهمت السينما في التوعية بهذه الاضطرابات وفي تشكيل "الوعي الجمعي" حولها.

ولكن مع مرور السنين، ظهرت مشكلة كبيرة، حيث بدا وكأن السينما قد أخذت في اختراع "طب نفسي" جديد خاص بها، له سماته الخاصة وتشخيصاته الشائعة وطرق علاجه الفريدة، والتي كثيرًا ما كانت تعكس رؤًى خيالية أو درامية للاضطرابات النفسية، وبعيدة تمامًا عن أرض الواقع. لذلك تعقدت العلاقة بينهما، وساهمت السينما -بقصد أو بدون قصد- في انتشار العديد من الأخطاء، وزيادة "الوصمة" و"التنميط السلبي" للطب النفسي، وإظهار المريض النفسي بصورة عنيفة أو ساخرة!

في كتابك "سايكوسينما" تحدثت عن السينما والطب النفسي، هل تخوفت من أن تطغى تقريرية الطب على إبداع السينما؟

= كان هذا الهاجس حاضرًا في ذهني منذ اللحظات الأولى في الكتابة، فآخر ما أريده هو أن يطغى جانب على الآخر. حاولت في هذا الكتاب، ومن قبله في كتاب "نيوروسينما"، أن أقدم للقارئ العربي تجربة فريدة ومختلفة من خلال تحليل الأفلام السينمائية من زاوية طبية وعلمية، لكن انصب اهتمامي الأكبر على أن أقدم ذلك بأسلوب ممتع وبلغة بسيطة وسهلة، ومنضبطة علميًا في نفس الوقت. أعتقد أنني نجحت إلى حد ما في ذلك، من خلال ما سمعته من ردود أفعال إيجابية ولله الحمد.

 كيف ترى كتابتك عن السينما وأنت طبيب نفسي، وهل كتبت بعين الطبيب أم بعين الناقد السينمائي؟

= منذ الصفحات الأولى في الكتاب، أخبرت القارئ أنني لست ناقدًا سينمائيًا، وأنني لا أدعي إلمامًا كاملًا بعالم السينما، ولكنني طبيب لأمراض المخ والأعصاب والطب النفسي، حدث أنه يعشق السينما كما يعشق تخصصه، وقضى آلاف الساعات مُستغرقًا في كليهما.

حاولت في الكتاب أن أصحب القارئ في رحلة شيقة ليشاهد معي الأفلام بعين الطبيب الذي يبحث عن الدقة، وعين المحب للفن الذي يُقدّر حرية الإبداع والتعبير.

بشكل عام، كيف ترى تأثير الطب النفسي على الإبداع والفن والعكس؟

قد نعتبر الطب النفسي والفن وجهين لعملة واحدة، فكلاهما يهتمان في جوهرهما بالإنسان. وبينما يسعى الطب النفسي لفهمه، وتشخيص معاناته، وعلاجه، حاول الفن التعبير عن تجاربه ومشاعره وطموحاته وآلامه ورؤيته للعالم، وهو ما قد يفسر لماذا نرى العديد من الأدباء والفنانين أطباء في الأساس.

وكما ساعد الطب النفسي في فهم النفس البشرية بشكل أعمق، ساعده الفن كذلك في شرح مفاهيمه الغامضة نوعًا ما للناس، وحاول التعبير عن المعاناة النفسية بطريقة إبداعية مؤثرة وقريبة للقلب والروح.

 تصف كتابك بأنه موسوعة، وبأن "سايكوسينما" هو الجزء الأول، فحدثنا عن المشروع بشكل عام؟

= في الحقيقة، لم أصفه بذلك، ولكنه كان وصف القراء، حيث رأى البعض أن "نيوروسينما" و"سايكوسينما" أقرب إلى مراجع أو موسوعات نظرًا لكبر حجمهما وتنوع موضوعاتهما وتناولهما لعدد كبير من أمراض الأعصاب والاضطرابات النفسية مع ربطها بأفلام شهيرة.

في البداية، كان هذا الوصف يُقلقني، لأنه قد يوحي للقارئ أنها كتب أكاديمية أو متخصصة أو ليست للقارئ العادي، ولكن ردود الأفعال الإيجابية طمأنتني وأسعدتني، حيث كان هدفي الأساسي هو إمتاع القارئ من خلال أخذه في رحلة شيقة بين عوالم السينما الساحرة وتثقيفه بالمعلومات الطبية خلال ذلك. أما عن المشروع بشكل عام، فهو محاولة للتقريب بين عوالم الطب والفن، وخصوصًا السينما، بأسلوب مبسط وسلس، وهو ما تفتقر إليه المكتبة العربية حاليًا.

 كيف ترى علاقة التحليل النفسي و"فرويد" بالسينما والفن؟

= علاقة قوية جدًا، وربما يكون تأثير "فرويد" على عالم السينما والأدب والفنون أكبر بكثير من دوره في الطب النفسي الحديث! فمنذ الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، حاولت أفلام السينما التي نطلق عليها "الكلاسيكيات" استكشاف النفس البشرية وتعقيداتها بشكل أكبر، وهو ما تزامن مع تطور نظريات "سيجموند فرويد" في "التحليل النفسي". لذلك تم دمج أفكاره ومبادئه في العديد من الأفلام المعروفة بأفلام "الميلودراما النفسية" أو "الإثارة النفسية".

اعتمدت هذه الأفلام على فكرة أن الاضطرابات النفسية تنشأ في الأساس بسبب الصراعات والرغبات المكبوتة لدى الأشخاص في "اللاوعي" (العقل الباطن) منذ الطفولة، وغالبًا ما كانت تُصوّرها على أنها غموض يجب حلّه أو خطر يجب القضاء عليه! ركزت نهايات معظم هذه الأفلام كذلك على فكرة "الشفاء بالتنفيس"، وهي اللحظة الدرامية التي تنكشف فيها مكنونات الذات ويتم حل "العُقدة"، وبذلك يتخلص المريض من معاناته فجأة ومهما بلغت شدتها، وهو ما يخالف الواقع بالطبع! مع الوقت، بدأت السينما في التخلي عن ذلك، وبدأت في تقديم أفلام أكثر دقة وواقعية.

هل تنوي التوسع بعد ذلك للكتابة عن علاقة الطب النفسي بالأدب مثلًا، أو أيٍّ من الفنون الأخرى؟

= فكرة جيدة، وقد أقوم بالتوسع في تناولها في كتابات مقبلة. لكنني قمت بالفعل بتناول العديد من المواضيع المتعلقة بالأدب والطب النفسي في الكتاب، فمثلًا تناولت عددًا من الأساطير الإغريقية التي تأثر بها الطب النفسي مثل "عقدة أوديب" أو "عقدة إلكترا"، وكذلك الاضطرابات النفسية التي أصابت عددًا من الفنانين أو الكُتّاب أو تلك التي دفعت بعضهم للانتحار؛ مثل "فرجينيا وولف" و"إرنست هيمنجواي".

تحدثت كذلك عن بعض الاضطرابات التي ظهرت بدايةً في كتابات أدبية قبل أن يعترف بها الطب النفسي بشكل رسمي، مثل "المُقامرة المرضية" التي ظهرت في رواية "المُقامر" لـ"دوستويفسكي"، أو التظاهر بالجنون، وهو ما يُطلق عليه الآن "متلازمة هاملت"، نسبةً للرواية الأشهر للكاتب الإنجليزي "ويليام شكسبير".

ما هو القادم بالنسبة لك؟

= أكتب حاليًا الجزء الثاني من "سايكوسينما"، والذي سأستكمل فيه تحليل باقي الاضطرابات النفسية المختلفة، بالإضافة لعدد آخر من المواضيع الشيقة مثل سيكولوجية الشر على الشاشة، والعلاج بالسينما، وبعض الصفحات المظلمة في تاريخ الطب النفسي. سيغطي الكتاب أيضًا تناول "السينما المصرية" لمواضيع الصحة النفسية، وكيف انعكست التغيرات المجتمعية والثقافية في مصر على طريقة تناول هذه القضايا على الشاشة.

أتمنى أن يستمتع القارئ بهذا المشروع وأن يجد فيه معلومات مفيدة عن الطب والفن والتاريخ والأدب.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك