عُقدت بالمجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان: "أكتوبر.. انتصار غير التاريخ"؛ احتفالًا بالذكرى المجيدة لانتصارات السادس من أكتوبر، ضمن فعاليات مبادرة "وفرحت مصر" التي تشمل مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية لإحياء ذكرى نصر أكتوبر 1973.
وأدار الندوة الدكتور خلف الميري، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، بمشاركة نخبة من القادة والأبطال الذين عايشوا ملحمة العبور والنصر، وهم: اللواء علي حفظي، واللواء محمود متولي، واللواء طارق المهدي.
وبدأت الندوة، بعرض فيلم تسجيلي يكشف تفاصيل العبور العظيم وأحداث النصر، ثم تحدث الدكتور خلف الميري مؤكدًا أن مصر مرّت بمحطات فارقة تغيّرت فيها الموازين، لكنها حافظت على ثبات العقيدة الوطنية، وظل الجيش المصري نموذجًا للانضباط والإيمان بتحقيق النصر أو نيل الشهادة، محولًا الهزيمة إلى نصر، واليأس إلى أمل.
وأوضح أن فهم التاريخ هو الوسيلة الأساسية لبناء المستقبل، فرغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية، فإن إرادة المصريين قادرة على عبور الأزمات بالوعي والعمل.
وفي ختام كلمته، أكد أن الحضارة المصرية ليست ماضيًا يُروى، بل أمجاد متجددة ومسؤولية مستمرة، مشددًا على أن بناء المستقبل يتطلب تحكيم العقل، والعمل، والإصرار، تمامًا كما فعل الأجداد العظام.
وتحدث اللواء علي حفظي، المسئول عن فرق الاستطلاع التي كانت تعمل خلف خطوط الجيش الإسرائيلي داخل عمق سيناء خلال حرب أكتوبر، قائلًا إن أكتوبر كان ملحمة وطنية تلاحمت فيها القيادة السياسية مع الشعب والجيش على قلب رجل واحد. وذكّر بأن الحرب أداة من أدوات السياسة تُستخدم حين تفشل الوسائل الأخرى في تحقيق الأهداف.
وأكد أن الحدود المصرية لم تتغير عبر التاريخ، وأن الأرض هي أغلى ما يملكه المصري.
وأشار إلى أن أعداء الوطن، بعد نكسة يونيو 1967، ظنوا أن مصر لن تنهض قبل عقود، إلا أن عزيمة أبناء الوطن مكنت الجيش من إعادة بناء نفسه خلال عامين فقط، ليبدأ الرئيس جمال عبد الناصر حرب الاستنزاف التي استمرت ألف يوم ونُفذت خلالها أربعة آلاف عملية كبدت العدو خسائر فادحة.
واختتم حديثه بالإشارة إلى خسة العدو في استهداف المدنيين، كما حدث في قصف مدرسة بحر البقر.
ثم تحدث اللواء طارق المهدي، مشيرًا إلى أن قرار إنشاء قوات الدفاع الجوي صدر في الأول من فبراير عام 1968، وتم بناؤها في 16 شهرًا فقط، واكتملت منظومتها في 30 يونيو 1970.
وأوضح أنها نجحت في تدمير 14 طائرة فانتوم خلال أسبوع واحد.
وشدّد على أهمية العنصر البشري في تحقيق النصر، مشيدًا بمهارة الجنود في استخدام هذه المنظومة.
وأكد أن النصر لا يتحقق فقط بالصواريخ والمعدات، بل يبدأ من إيمان الأمة بقدرتها.
كما استعرض دور المخابرات الحربية في تضليل العدو، وروى قصة إرسال خمسة من صف الضباط لجمع المعلومات من عمق سيناء، حيث صمدوا لأكثر من ستة أشهر بفضل دعم أهالي سيناء لهم بالماء والدقيق.
وفي ختام الندوة، تحدث اللواء محمود متولي، أحد أبطال القوات البحرية المشاركين في حرب أكتوبر، مؤكدًا أن الشعب المصري تجاوز ما بعد نكسة 1967 رغم صعوبة المرحلة، مما كشف عن المعدن الأصيل للمصريين وتلاحمهم مع القيادة.
واستعرض دور القوات البحرية في تلك المرحلة، إذ نجحت في إحباط هجوم على ميناء بورسعيد، وتأمين ميناء الإسكندرية، وأَسرت ستة عناصر من الضفادع البشرية، كما أغرقت غواصة إسرائيلية وأحبطت عدة هجمات.
ووجه التحية للفريق سليمان عزت، والفريق ناشد، رئيس الأركان، وأشاد بدور الصاعقة البحرية بقيادة العميد إسلام توفيق ضمن المجموعة 39 قتال بقيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي، التي نفذت عمليات نوعية أضعفت العدو وأعادت الثقة للجيش والشعب.
كما أشار إلى أن القوات البحرية نفذت عملية تفجير المدمرة "إيلات" باستخدام أول صاروخ سطح-سطح من طراز "ستايكس" (P-15) في العالم، ونجحت في صد هجمات على بلطيم، والغردقة، ومحمية رأس محمد خلال الحرب.
واختتم بالإشادة بدور سلاح المهندسين في المتابعة والصيانة للحفاظ على الكفاءة الفنية للوحدات.