البلاستيك يهدد الصحة والكوكب.. مفاوضات دولية في جنيف لإنقاذ العالم‎ من كارثة - بوابة الشروق
الأحد 10 أغسطس 2025 3:04 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

البلاستيك يهدد الصحة والكوكب.. مفاوضات دولية في جنيف لإنقاذ العالم‎ من كارثة

سلمي محمد مراد
نشر في: الجمعة 8 أغسطس 2025 - 5:24 م | آخر تحديث: الجمعة 8 أغسطس 2025 - 5:24 م

يمر العالم اليوم بأزمة خطيرة تتعلق بالبلاستيك، وهي أزمة تُسهم في تغيّر المناخ، وتلوث البيئة، وتؤثر على التنوع البيولوجي، وقد تفاقمت مع تصاعد التهديدات التي تواجه كوكبنا في هذا العصر.

وفي مدينة جنيف بسويسرا، تنطلق الجولة الأخيرة من المفاوضات لوضع معاهدة دولية للحد من التلوث البلاستيكي، خلال الفترة من 5 إلى 14 أغسطس الجاري. وتهدف هذه المعاهدة إلى التوصل لاتفاق ينهي التلوث الناتج عن البلاستيك، بعد أن تعثرت المفاوضات في نهاية العام الماضي.

وقد تشمل هذه المفاوضات فرض قيود قانونية على إنتاج البلاستيك، ومنع أنواع كاملة من المواد الكيميائية السامة، بالإضافة إلى وضع آليات مالية لمساعدة الدول الفقيرة على التكيّف ومواجهة التحديات البيئية.

البلاستيك يهدد الحياة من الطفولة حتى الشيخوخة

بالتزامن مع هذه التحركات، أطلقت مجلة لانسيت الطبية البريطانية يوم الإثنين تحذيرًا شديدًا من خطورة البلاستيك، واعتبرته تهديدًا حقيقيًا يماثل خطر تغيّر المناخ، إذ يتسبب في أمراض ووفيات تمتد من الطفولة إلى الشيخوخة، بتكلفة سنوية تصل إلى 1.5 تريليون دولار أميركي (نحو 2.3 تريليون دولار وفق تقديرات أخرى).

وأوضحت المجلة أن البلاستيك أصبح يشكل خطرًا متزايدًا على صحة الإنسان والكوكب، مؤكدة أن هذه المخاطر ما تزال غير مفهومة أو مقدّرة بالشكل الكافي. ولهذا السبب، أطلقت المجلة نظام مراقبة عالمي للبلاستيك، يهدف إلى متابعة التقدم في تقليل التعرض للمواد البلاستيكية الضارة.

وكشفت الدراسات أن معظم المواد الكيميائية البلاستيكية الشائعة تم العثور عليها في أجسام عدد كبير من الأشخاص الذين خضعوا للفحص، بمن فيهم حديثو الولادة والنساء الحوامل.

كما أظهرت التحاليل الحديثة وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة ونانوية في العينات البيولوجية البشرية، مثل الدم، وحليب الأم، والكبد، والكلى، والقولون، والمشيمة، والرئتين، والطحال، وحتى الدماغ والقلب.

أرقام صادمة لإنتاج وتلوث البلاستيك

أشارت المجلة إلى أنه بينما كان العالم ينتج نحو 2 مليون طن من البلاستيك فقط عام 1950، فإن الإنتاج السنوي اليوم وصل إلى 475 مليون طن، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2060. كما أن هناك حوالي 8 آلاف مليون طن من البلاستيك تلوث كوكب الأرض حاليًا، ولا يُعاد تدوير سوى أقل من 10% من هذه الكمية على مستوى العالم.

لماذا نحتاج إلى معاهدة دولية للبلاستيك؟

تُعد مشكلة التلوث بالبلاستيك أزمة عالمية لا يمكن لأي دولة مواجهتها بمفردها، ولهذا فالحل يجب أن يكون عالميًا. ووفقًا لشركة "يونوميا" للاستشارات البيئية، فإن عددًا قليلاً من الدول يهيمن على إنتاج البلاستيك، حيث تنتج سبع دول فقط ثلثي البلاستيك في العالم، على رأسها الصين والولايات المتحدة والسعودية.

كما أظهرت بيانات وكالة الطاقة "وود ماكنزي" أن عددًا محدودًا من الشركات يتحكم في إنتاج البلاستيك عالميًا، ومن أبرزها: سينوبك، إكسون موبيل، ليونديل باسل، أرامكو السعودية، وبتروتشاينا.

ويؤدي التلوث البلاستيكي المتزايد إلى أضرار بيئية وصحية واقتصادية كبيرة، تؤثر سلبًا على جهود التنمية المستدامة.

وحسب ما أعلنته اللجنة الحكومية الدولية للتفاوض بشأن التلوث البلاستيكي (UNEP)، فإنه في حال عدم اتخاذ إجراءات حاسمة، فإن إنتاج البلاستيك سيتضاعف ثلاث مرات تقريبًا. وتطمح الدول للتوصل إلى معاهدة دولية شبيهة باتفاق باريس للمناخ، تشمل عقد مؤتمر دوري لمتابعة التنفيذ وتقييم الأداء.

هل تنجح المفاوضات؟

القضية الأساسية التي يدور حولها الجدل هي: هل يجب أن تُلزم المعاهدة الدول بتقليل إنتاج البلاستيك وحظر المواد الكيميائية الضارة؟ أم تقتصر فقط على الحد من النفايات البلاستيكية؟

منذ عام 2022، بدأت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التفاوض على خطة شاملة للتعامل مع البلاستيك في جميع مراحل دورة حياته، من التصنيع وحتى التخلص منه. لكن ظهرت معارضة شديدة من بعض الدول المنتجة للبلاستيك، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تعارض فرض قيود على الإنتاج، وتفضل التركيز فقط على إدارة النفايات.

وبحسب وكالة رويترز، فقد قامت الولايات المتحدة بإرسال رسائل إلى عدد من الدول تحثها على رفض فكرة الاتفاق الملزم لتقليل الإنتاج أو حظر بعض المواد البلاستيكية السامة.

في المقابل، تقود دول مثل أستراليا، ومعها أكثر من 100 دولة، التوجه نحو معاهدة طموحة وملزمة قانونيًا لإنهاء التلوث البلاستيكي. وقال وزير البيئة الأسترالي موراي وات يوم الأربعاء:

"نحن ملتزمون بالتوصل إلى معاهدة فعالة وهادفة لتحقيق هدفنا بإنهاء التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040".

لكن الوصول إلى هذه الأهداف الطموحة يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية لإدارة النفايات وإعادة التدوير، وهو ما قد يشكل عبئًا على الدول النامية. وبرغم وجود خلافات حول طريقة تقليل الإنتاج، إلا أن هناك اتفاقًا عامًا على أهمية تحسين تصميم المنتجات البلاستيكية، وتعزيز عمليات إعادة التدوير. ويبقى الهدف الأسمى هو التوصل إلى معاهدة ملزمة تنقذ صحة الإنسان والكوكب من كارثة وشيكة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك