• مصر سادس أكبر متلق للتحويلات فى العالم والأول فى الشرق الأوسط
• عام 2013 تجاوزت التحويلات أكثر من ثلاثة أضعاف عائدات قناة السويس
• انخفاض أسعار النفط يتبعه تدهور كبير فى تحويلات المصريين بالخارج
• أمريكا هى المصدر الرئيسى للتحويلات إلى مصر.. تليها الكويت
تمثل التحويلات النقدية التى يرسلها العاملون فى الخارج إلى دولهم «النامية»، ثلاثة أضعاف حجم المساعدة الإنمائية الرسمية التى تتلقاها تلك الدول، وفقا لما أظهرته دراسة أعدها مصباح شرف، أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة البرتا بكندا.
«ازدادت تدفقات التحويلات الرسمية إلى البلدان النامية وفقا للبيانات الأخيرة الصادرة عن البنك الدولى لتصل إلى 401 مليار دولار فى عام 2013، وكانت ثانى أكبر تدفق مالى تتلقاه تلك الدول بعد الاستثمار الأجنبى المباشر»، أوضحت الدراسة التى نُشرت فى جريدة البحوث الاقتصادية العالمية.
وتعد مصر سادس أكبر متلق للتحويلات فى العالم، وأول متلق فى الشرق الأوسط ومنطقة شمال افريقيا بنحو 40% من التحويلات المالية المرسلة إلى بلدان الشرق الأوسط، بحسب ما نقلته الدراسة التى ركزت على العلاقة بين التحويلات والانتاج فى مصر خلال الفترة من 1977إلى 2012، عن البنك الدولى.
«فى عام 2013 بلغت تدفقات التحويلات الرسمية لمصر مستوى غير مسبوق بما يزيد على 20 مليار دولار وهو ما يمثل 7.5٪ من الناتج المحلى الإجمالى (GDP) فى العام نفسه»، كما كانت التحويلات أكثر من ثلاثة أضعاف عائدات قناة السويس، ونحو 165% من الاحتياطات الرسمية فى مصر»، توضح الدراسة.
وتأتى مصر فى المركز السادس، بعد الهند (71 مليار دولار)، والصين (60 مليار دولار)، والفلبين(26 مليار دولار)، المكسيك (22 مليار دولار)، ونيجيريا (21 مليار دولار).
«فى خلال الفترة من 1977ــ2013 زاد تدفق التحويلات إلى مصر بشكل كبير من 2.6 مليار دولار فى عام 1977 إلى 20 مليار دولار فى عام 2013، ويرجع ذلك إلى الزيادة فى الطلب على العمالة المصرية فى منطقة الخليج والتى تزامنت مع ارتفاع أسعار النفط، وفى عام 1984 بلغ تدفق التحويلات أكثر من 7 مليارات دولار بما يشكل 13٪ من الناتج المحلى الإجمالى المصرى»، أوضحت الدارسة.
لكن، وعلى غرار التدفقات الرأسمالية الأخرى، شهدت التحويلات إلى مصر بعض التقلبات نتيجة للظروف السياسية والاقتصادية العالمية، فبعد حرب الخليج الأولى ارتفع تدفق التحويلات بشكل كبير فى عام 1992 إلى أكثر من 8.6 مليار دولار، وهو ما يمثل نسبة أعلى من أى وقت مضى من الناتج المحلى الإجمالى نحو 14.6٪.
«انخفضت التحويلات المالية بعدها لمدة تزيد على 10 سنوات ويرجع هذا الانخفاض إلى الانخفاض المماثل فى أسعار النفط وما تبعه من انهيار للأسواق المالية فى شرق آسيا فى عام 1997، ونتيجة لذلك، انخفضت تدفقات التحويلات إلى نحو 3.4 مليار دولار خلال الفترة 2000ــ2003، وهو ما يمثل نحو 3٪ من الناتج المحلى الإجمالى»، يقول التقرير.
بعد ذلك، بدأت التحويلات المالية فى الزيادة لتصل إلى 8.7 مليار دولار فى عام 2008، وفى عام 2009، انخفضت التحويلات إلى 7.1 مليار دولا عقب الأزمة المالية العالمية عام 2009، ثم عادت للتضاعف ثلاث مرات تقريبا حيث بلغت أكثر من 20 مليار دولار أى 7.5٪ من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2013.
«بالنظر إلى طبيعة التدفقات التى تحصل عليها مصر، سنجد أنها تتركز فى عدد قليل من البلدان، حيث إن مصدر نحو ثلثى التحويلات قادمة من الولايات المتحدة ودول الخليج، وهو ما يجعل تدفق التحويلات حساس للغاية لأى صدمات سياسية أو اقتصادية قد تحدث فى هذه البلدان»، تقول الدارسة.
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هى المصدر الرئيسى للتحويلات إلى مصر بما يقرب من نحو 23٪ من إجمالى تدفقات التحويلات فى عام 2008، تليها الكويت (15٪)، الإمارات العربية المتحدة (14٪)، والمملكة العربية السعودية (9٪)، فى حين التحويلات المالية من أوروبا هى أقل من 10٪ من إجمالى التدفقات وتشمل التحويلات فقط من فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، هولندا، المملكة المتحدة، اليونان، وإسبانيا.
وبحسب الدراسة، تؤثر التحويلات المالية على الاستهلاك والاستثمار، سواء المادى أو البشرى، حيث تلعب التحويلات دورا مهما فى تمويل الاستثمار والاستهلاك المحلى والحد من الضغوط على الحساب الحالى، وأيضا زيادة نمو الصادرات.
إضافة إلى ذلك، فإن الأسر المستفيدة من التحويلات تستثمر جزءا كبيرا من الدخل فى الأنشطة الإنتاجية التى تؤدى إلى زيادة الناتج القومى، وباستخدام المسح التجريبى على 200 أسرة مستقبلة للتحويلات فى مصر، وجد أن التحويلات المالية تساهم فى ما يصل إلى 40% من دخل الأسر المستفيدة من التحويلات المصرية، وإن كانت التحويلات تستخدم بالكامل لتمويل نفقات السكن والاستهلاك، ولكن قد تكون هناك نسبة منها وإن كانت صغيرة توجه إلى الاستثمار الإنتاجى.
ويمكن أيضا للتحويلات أن تؤثر على الإنتاج بشكل غير مباشر عن طريق السماح للأسر بزيادة الاستثمار فى رأس المال البشرى لأطفالهم من خلال التعليم والتى ستزيد من إنتاجية العمل على المدى الطويل، وبالتالى يكون لها تأثير إيجابى على الناتج القومى، لذلك نجد أن التحويلات إلى مصر عملت على تعزيز الالتحاق بالمدارس بين الفتيان، وعملت على التقليل إلى حد كبير العمالة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 سنة.
من جهة أخرى، أوصت الدراسة الحكومة باتباع سياسات تعمل على جذب المزيد من تدفق التحويلات إلى جانب استخدامها بكفاءة بما يمكن من الحصول على آثار إيجابية لتحويلات المصريين العاملين بالخارج على صعيد الاقتصاد الكلى.
«بالإضافة إلى الاستخدام الفعال التحويلات، يمكن للحكومة أيضا أن تلعب دورا فى تسهيل وتخفيض تكلفة نقل التحويلات، نحو 9٪، من خلال القنوات الرسمية التى يمكن أن تستخدم لأغراض التنمية»، توضح الدراسة، مؤكدة أن نتائج التحويلات فى مصر وعلاقاتها بالناتج المحلى الإجمالى تأخذ ما يقرب من ثلاث سنوات لتظهر نتائجها المباشرة على الناتج المحلى الإجمالى، وهو ما سيؤثر بدوره على الآثار الاقتصادية الكلية التحويلات، وعلى مستوى رفاهية الأسرة.