ــ «الجنايات» استندت إلى ما لا أصل له فى التحقيقات.. والحكم تخاذل فى أسبابه

أودعت محكمة النقض، برئاسة المستشار أحمد عبدالقوى، حيثيات حكمها الصادر فى 5 يوليو الماضى، بقبول طعن 47 متهما على الأحكام الصادرة ضدهم بالسجن فى قضية «اقتحام قسم التبين» التى وقعت فى أغسطس 2013، وإعادة محاكمتهم أمام دائرة جنايات أخرى غير التى أصدرت الحكم الأول.

وذكرت محكمة النقض أن الحكم بالإدانة يجب أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها، والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، موضحة أنه ينبغى ألا يكون الحكم مشوبا بإجمال أو ابهام يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده فى التطبيق القانونى على واقعة الدعوى، وقد عولت محكمة النقض على مجموعة من الأوجه التى غفل عنها حكم محكمة جنايات القاهرة الصادر فى 5 نوفمبر 2016، برئاسة المستشار محمد شرين فهمى.

وقالت النقض إن دفاع المتهمين الطاعنين دفع بعدم دستورية نص المادتين 375 مكرر، و375 مكرر أ، من قانون العقوبات بهدف عدم إنزال العقوبة المنصوص عليها بالمادتين، إذا ما قضت المحكمة بإدانة المتهمين وثبوت اقترافهم للفعل المؤثم بموجبها، إلا أن محكمة الجنايات طرحت هذا الدفاع لعدم وجود مصلحة للمتهمين.
وأضافت النقض أن حكم الجنايات أسس طرحه لهذا الدفع على «عدم تطبيق المحكمة لنصوص هاتين المادتين وكونهما لم يلحقا أى ضرر بالمتهمين يمكن دفعه بإبطال النص التشريعى ويتغير به مركزهم القانونى، وذلك لمعاقبتهم بعقوبة الجريمة الأشد واستبعاد تطبيق نص المادتين محل الدفع»، إلا أن الحكم عاد فى موضع آخر منه وأثبت توافر الجريمة المؤثمة بالمادتين المدفوع بعدم دستوريتهما، وأورد أدلة على ثبوتها فى حق الطاعنين، كما أورد وصف الاتهام متضمنا إياها، وهو ما أسقط الحكم فى حومة الاضطراب والتناقض، الأمر الذى يستحيل معه على محكمة النقض أن تعرف على أى أساس كونت الجنايات عقيدتها.

وفى وجه ثانٍ، قالت محكمة النقض إن البين من أوراق القضية أن أقوال الشهود الواردة أسماؤهم بوجه نعى الدفاع، والتى عول عليها الحكم فى الإدانة، قد خلت مما حصله الحكم منها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضائه على ما لا أصل له فى التحقيقات يكون باطلا لابتنائه على أساس فاسد، ولا يغنى فى ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى، مشيرة إلى أنه يجب على محكمة الموضوع ألا تبنى حكمها إلا على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه وحصلته قائما على تلك الأوراق.

وفى وجه ثالث، قالت محكمة النقض إن الحكم المطعون فيه قد استند فى قضائه بالإدانة لأقوال شاهدى النفى أيمن صلاح عويس، ومحمد مصطفى مشرف، دون العناية بذكر مؤدى أقوالهما، بما لا يكفى لتحقيق الغاية التى أرادها الشارع من تسبيب الأحكام، فلم تتمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة، ما يصم الحكم بالقصور، ذلك فضلا عما أورده الحكم من إقرار الطاعنين جمال عادل عبدالخالق وأمين الهادى عبدالعزيزعطية بما هو منسوب إليهما وعددها فى الإدلة التى عول عليها فى قضائه بالإدانة، ثم عاد فى موضع آخر من الحكم ونفى عنهما ذلك الإقرار بقوله «إنهما أنكرا».

وذكرت محكمة النقض فى ذلك، أن ورود الحكم على النحو السالف بيانه لهو دليل على إخلال فكرته عن عناصر الواقعة، وعدم استقرارها فى عقيدة المحكمة، الاستقرار التى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة، وينبئ عن أن الواقعة وما أورده الحكم من أدلة فى إدانة المتهمين لم تكن واضحة لدى المحكمة بالقدر الذى يؤمن معه خطؤها فى تقدير مسئولية الطاعنين، ويكون حكمها متخاذلا فى أسبابه ومتناقضا تناقضا يعيبه ويوجب نقضه.

واختتمت النقض حيثياتها أن نقض الحكم المطعون فيه والإعادة يشمل جميع المتهمين في القضية دون المحكوم عليهم غيابيا، وذلك بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن الأخرى.

وكانت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بأكاديمية الشرطة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، قد قضت بمعاقبة 21 متهما بالسجن المشدد 15 عاما، ومعاقبة 15 متهما بالسجن المشدد 10 سنوات، ومعاقبة 11 متهما بالسجن المشدد 7 سنوات، وألزمتهم بدفع مبلغ 10 ملايين و101 ألف و79 جنيه قيمة ما أتلفوا، ووضعهم جميعًا تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات بعد انقضاء مدة العقوبة.