المحاكم حائرة بين«محاربة الطبقية» و«السلطة التقديرية» فى اختيار القضاة الجدد - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:25 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المحاكم حائرة بين«محاربة الطبقية» و«السلطة التقديرية» فى اختيار القضاة الجدد

وزير العدل السابق المستشار محفوظ صابر
وزير العدل السابق المستشار محفوظ صابر
كتب ــ محمد بصل:
نشر في: الأربعاء 13 مايو 2015 - 10:38 ص | آخر تحديث: الأربعاء 13 مايو 2015 - 10:38 ص

الإدارية العليا: ضعف المستوى الاجتماعى ليس سببا للاستبعاد.. ولا يجوز قصر وظيفة على فئة أو حرمان المجتهد من ثمرة كفاحه
أحكام قديمة «دائرة طلبات رجال القضاء» تعتبر سلطة التعيين«مطلقة» لمجالس الهيئات

رغم استقالة وزير العدل السابق المستشار محفوظ صابر من منصبه على خلفية تصريحاته بشأن عدم صلاحية أبناء أصحاب بعض المهن لوظيفة القضاء، فإن الجدل مازال محتدما حول معايير التعيين فى السلك القضائى، فى ظل إصرار صابر والعديد من القضاة السابقين الذين ظهروا فى وسائل الإعلام على أن هذا الوضع هو المتبع والمتعارف عليه فى اختيار القضاة الجدد.

واعتبر معارضو الوزير المستقيل أن هذا التمييز يخالف المادة 9 من الدستور التى تلزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، وكذلك المادة 14 التى تنص على أن «الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة».
والحقيقة أن هذه القاعدة العرفية غير المكتوبة التى تستبعد أبناء أصحاب المهن البسيطة من القضاء، ليست متناقضة فقط مع الدستور، بل ومع مبادئ راسخة سطرتها المحكمة الإدارية العليا المختصة بنظر طعون الخريجين الذين ترفض تعيينهم الجهات والهيئات القضائية، بحجة ضعف المستوى المادى أو الاجتماعى، أو ارتكاب أفراد من عائلاتهم جرائم مسيئة للسمعة أو مخلة بالشرف.

«ضعف المستوى المادى والاجتماعى للأسرة لا يعد سببا كافيا لاستبعاد الخريج، والعبرة هنا بأن يكون العمل الذى يقوم به الشخص عملا شريفا وكريما دون النظر إلى المستوى الوظيفى».. هكذا تحدثت المحكمة برئاسة المستشار أحمد شمس الدين خفاجى وعضوية المستشارين محمود العطار وأحمد الشاذلى والسيد الزغبى وحسنى درويش وأحمد الفقى وأبوبكر الجندى، فى حكم أصدرته فى 5 يوليو 2009، لتلزم هيئة النيابة الإدارية بتعيين نجل مساعد شرطة بوزارة الداخلية.

كانت الهيئة قد رفضت تعيين الخريج رغم استيفائه الشروط العلمية بحجة أنه «ضعيف المستوى المادى والاجتماعى أسريا» استنادا إلى أن والده يعمل مساعد شرطة، وشقيقه يعمل مندوب شرطة، وشقيقته الصغرى حاصلة على الثانوية العامة، وأن أخواله وأعمامه حاصلون على مؤهل متوسط.

وسطرت المحكمة ردا قويا على كل من يروج لقصر التعيين فى الوظيفة القضائية على أبناء مهن بعينها، قائلة: «هذا الأمر يؤدى إلى جعل شغل تلك الوظائف حكرا على طائفة معينة دون سواها، وهو ما يفضى إلى حرمان أصحاب الكفاءات العلمية المتميزة التى تنتسب إلى أصحاب الدخول البسيطة من تولى تلك الوظائف».

وأضافت المحكمة: «يجب إفساح المجال لتعيين المتفوقين علميا القادرين على النهوض برسالة العدالة، إلى جانب الصفات والقدرات الخاصة التى تؤهل المرشح لممارسة العمل القضائى».

وفى 23 يونيو 2012 أصدرت المحكمة ذاتها بهيئة مغايرة برئاسة المستشار عصام الدين عبدالعزيز وعضوية المستشارين محمد حسام الدين وصبحى على وعبدالعزيز محروس ومحمود عمار وحمدى الحلفاوى، حكما مهما بإلزام هيئة قضايا الدولة بتعيين خريج كانت قد رفضته بحجة ضعف المستوى الاجتماعى أيضا.

استندت المحكمة إلى التحريات الأمنية التى ذكرت أن «المرشح وأسرته حسنوا السير والسلوك وسمعتهم عادية، لكنهم ضعيفو المستوى المادى والاجتماعى»، وأكدت أنه طالما قد خلت التحريات من الموانع التى تحول دون حق الخريج فى شغل الوظيفة القضائية «فلا يجوز لأى سلطة أن تحرمه من جنى ثمار عرقه وكفاحه لسنوات عديدة دون مانع مشروع». لتلغى بذلك قرار تجاوزه فى التعيين بوظيفة مندوب مساعد بالهيئة القضائية.
إلا أن صدور أحكام عديدة من الإدارية العليا بحيثيات مشابهة التى تفتح باب القضاء أمام المجتهدين أبناء أصحاب المهن البسيطة، لم يمنع صدور أحكام أخرى ليست فى صالحهم، لا سيما فى الدعاوى التى يقيمها المستبعدون من التعيين فى سلك النيابة العامة، والتى تنظر حصريا فى دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة، حيث اعتادت رفضها وتأييد قرارات استبعادهم الصادرة من مجلس القضاء الأعلى باعتباره صاحب سلطة تقديرية فى الاختيار.

كما أن المحكمة الإدارية العليا ذاتها، والمختصة بنظر طعون الالتحاق بمجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية، لها عدة أحكام قديمة تؤكد «السلطة التقديرية للجان مقابلة الخريجين المتقدمين».

ففى 25 يناير 1987 أصدرت المحكمة برئاسة المستشار يوسف شلبى حكما أكدت فيه أن «التعيين فى الوظائف القضائية شأن تختص به جهة الإدارة (المجلس الأعلى للهيئة القضائية) بمقتضى سلطتها التقديرية، باختيار أفضل العناصر الصالحة لتولى هذه الوظائف والنهوض بأمانة المسئولية فيها، بالنظر إلى أهميتها وطبيعتها الخاصة، وطالما خلا استخدام السلطة التقديرية من عيب الانحراف فلا يجوز للمحاكم التعقيب عليها».
وفى 11 ديسمبر 2004 قالت المحكمة برئاسة المستشار عبدالرحمن عزوز إن «الأهلية لتولى الوظائف القضائية هى حالة عامة تستشف إما ببصيرة نافذة لدى مجموعة من المتمرسين عبر لقاء مركز مع المتقدمين وخلال فترة زمنية محدودة، أو برقابة تستمر لفترة ليست بالقصيرة يجريها المؤهلون لذلك من المتخصصين».

وأكدت المحكمة أن «لجنة مقابلة المتقدمين لا تقيد بأى اختبارات سابقة تتعلق بالقدرات والعناصر الدالة على الأهلية أو أى ضوابط أخرى، بل تكون سلطتها فى الاختيار تقديرية، لا يحدها إلا المصلحة العامة، وليس مسموحا أن تحل المحكمة محل اللجنة فى إعمال معايير معينة واستخلاص صفات الأهلية من المتقدمين».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك