تعتبر معركة المنصورة الجوية، التي وقعت في 14 أكتوبر 1973 خلال حرب أكتوبر، واحدة من أهم المعارك الجوية في تاريخ القوات المسلحة المصرية، بل وفي تاريخ الحروب الجوية بشكل عام. ويُطلق عليها "أكبر معركة جوية" نظراً لحجم الاشتباكات التي جرت بين القوات الجوية المصرية والإسرائيلية فوق مدينة المنصورة.
السياق التاريخي للمعركة
اندلعت حرب أكتوبر في 6 أكتوبر 1973 حين شنت مصر وسوريا هجومًا مشتركًا على القوات الإسرائيلية التي كانت تحتل شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان منذ حرب 1967.
كانت معركة المنصورة الجوية جزءًا من هذه الحرب، والتي بدأت بتخطيط مصري مسبق لتأمين الأجواء المصرية ضد أي هجمات إسرائيلية قد تؤثر على العمليات البرية الجارية في سيناء والجولان.
في الأيام الأولى من الحرب، نجحت القوات الجوية المصرية في تنفيذ ضربات ناجحة ضد الأهداف الإسرائيلية في سيناء، مما أثار قلق إسرائيل بشأن التفوق الجوي المصري. ونتيجة لذلك، سعت القوات الجوية الإسرائيلية إلى تدمير القوة الجوية المصرية، بما في ذلك قواعدها الجوية الرئيسية، في محاولة لتحقيق التفوق الجوي المطلوب.
أحداث المعركة
في يوم 14 أكتوبر، قررت إسرائيل تنفيذ غارة واسعة النطاق ضد عدد من القواعد الجوية المصرية بهدف تدمير الطائرات على الأرض والقضاء على قدرات مصر الجوية. تركزت هذه الغارة بشكل رئيسي على قاعدة المنصورة الجوية، والتي كانت تحتضن العديد من الطائرات المقاتلة المصرية.
بدأت المعركة الجوية عندما قامت القوات الجوية الإسرائيلية بإرسال ما يقرب من 160 طائرة مقاتلة من طراز "فانتوم" و"سكاي هوك" إلى سماء دلتا النيل. ردت القوات الجوية المصرية بقوة، حيث أقلعت نحو 60 طائرة مقاتلة من طراز "ميج-21" من قواعد متعددة للدفاع عن قاعدة المنصورة.
امتدت المعركة لنحو 53 دقيقة، وهي مدة طويلة بشكل ملحوظ بالنسبة لمعارك جوية حديثة، حيث كانت هذه المواجهات عادة تنتهي خلال دقائق قليلة. خلال المعركة، كان الطيارون المصريون يعتمدون بشكل كبير على السرعة والمرونة التي تميز طائرات "ميج-21"، مقارنة بالطائرات الإسرائيلية الثقيلة التي كانت تحمل ذخائر أكبر.
كانت نتائج المعركة لصالح القوات الجوية المصرية بشكل واضح. تكبدت إسرائيل خسائر فادحة في الطائرات، إذ أسقطت نحو 17 إلى 20 طائرة إسرائيلية، بينما لم تفقد مصر سوى طائرتين.
أدى هذا الانتصار إلى تعزيز الروح المعنوية للقوات المصرية، وأظهر قدرة الدفاعات الجوية المصرية على مواجهة أقوى الأسلحة الجوية الإسرائيلية. كبير في الأجواء المصرية.
أصبحت معركة المنصورة الجوية رمزًا للصمود المصري في وجه التفوق التكنولوجي والجوي الإسرائيلي. لقد ساهمت المعركة بشكل كبير في إحباط خطة إسرائيلية لشلّ القدرات الجوية المصرية، مما مكّن القوات المصرية من الاستمرار في العمليات الهجومية والدفاعية على الجبهات الأخرى. كما أظهرت المعركة قدرة الطيارين المصريين على التفوق في مواجهات مع عدو متفوق عددياً ومجهز بأحدث التقنيات.
بالإضافة إلى ذلك، شكلت هذه المعركة نقطة تحول في الحرب الجوية، حيث أدركت إسرائيل أن التفوق الجوي لن يكون سهلًا كما كان في حروب سابقة، خاصة بعد الخسائر التي تكبدتها.