غرناطة.. عروس الأندلس التي أنهت الحكم الإسلامي بسقوطها - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 6:46 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

غرناطة.. عروس الأندلس التي أنهت الحكم الإسلامي بسقوطها

منال الوراقي
نشر في: السبت 17 أبريل 2021 - 12:24 م | آخر تحديث: السبت 17 أبريل 2021 - 12:28 م

بين الكتب والروايات إلى الأفلام، ترددت مدن وأماكن تاريخية عديدة على مسامعنا وأعيننا، حتى علقت بأذهاننا ونُسجت بخيالنا، بعدما جسدها الكتاب والمؤلفون في أعمالهم، لكننا أصبحنا لا نعلم عنها شيئًا، في الوقت الحالي، حتى كثرت التساؤلات عن أحوال هذه المدن التاريخية الشهيرة، كيف أضحت وأين باتت تقع؟.

 

وبعض هذه المدن تبدلت أحوالها وأضحت أخرى مختلفة، بزمانها ومكانها وساكنيها، فمنها التي تحولت لمدينة جديدة بمواصفات وملامح غير التي رُسمت في أذهاننا، لتجعل البعض منا يتفاجئ بهيئتها وشكلها الحالي، ومنها التي أصبح لا أثر ولا وجود لها على الخريطة، ما قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها كانت مجرد أماكن أسطورية أو نسج خيال.

 

لكن، ما اتفقت عليه تلك المدن البارزة أن لكل منها قصة وراءها، ترصدها لكم «الشروق»، في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، من خلال الحلقات اليومية لسلسة «كيف أضحت!»، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء المدن والأماكن الشهيرة التي علقت بأذهاننا وتخبركم كيف أضحت تلك المدن حاليا.

 

وحفرت بالأذهان لقرون وتردد اسمها في أعمال عديدة، رثاها الشعراء وتغنى بها العرب واستوحى الكتاب وصانعي الأفلام قصصا منها، تلك المملكة الإسلامية القديمة، التي خطفت عقول وفكر معظم قراء ثلاثية غرناطة، الثلاثية الروائية الأخيرة، المنشورة للكاتبة رضوى عاشور، في عام 1994، والتي صدرت لها طبعات عديدة عن دار الشروق وظلت تصدر حتى وقت قريب، والتي رصدت من خلالها الكاتبة قصة مملكة غرناطة العظيمة بعد سقوط جميع الممالك الإسلامية في الأندلس.

 

فعلى مدار قرون، عكف الكتاب والعلماء في وصف وكتابة القصص والأساطير عن غرناطة، فغنى لها الشعراء القصائد والدواوين، ووصفها الرحالة ابن بطوطة بالمدينة القوية ولقبها بـ"عروس الأندلس"، وفي قصتنا التالية سنسرد قصة المملكة الإسلامية القديمة، مستندين إلى ما ذكر عنها بكتاب "الإحاطة في أخبار غرناطة"، المنشور، في عام 1901، للأديب الأندلسي لسان الدين بن الخطيب، والذي يعد من أمهات كتب التاريخ الأندلسي التي عوّل عليها الباحثون، وكتاب "غابر الأندلس وحاضرها"، الصادر للمفكر ووزير المعارف السوري، محمد كرد علي.

 

غرناطة.. قلعة الإسلام وحصن المسلمين

 

بدأ تاريخ المدينة العريقة، بعد الفتح الإسلامي للأندلس، منتصف القرن الثامن الميلادي، فتغيرت المدينة لـ "غرناطة"، بعدما كانت تدعى "إلبيرا"، وتخضع لسيطرة المغاربة، وتحولت لواحدة من أقوى الإمبراطوريات الإسلامية، بعدما كانت موطن العديد من الأديان.

 

وغير الأمويون المدينة لغرناطة والتي تعني الرمانة، بلسان عجم الأندلس، نسبة لجمالها، ولكثرة حدائق الرمان التي تحيط بها، فيما أرجع بعض المؤرخون السبب إلى نشأتها على البقعة التي زرع فيها الرمان لأول مرة عند نقله من إفريقيا إليها.

 

بعد فتحها، سرعان ما أصبحت غرناطة عاصمة للخلافة بعد توسع المسلمون في فتوحاتهم، فظلت مملكة إسلامية لمدة ثمانمائة عاما، وهي أطول فترة حكم إسلامي في إسبانيا، حتى دب الضعف في أوصال دولة الإسلام بالأندلس، ولم يبق منها سوى بضع ولايات صغيرة في الطرف الجنوبي، فشاءت الأقدار لغرناطة أن تحمل راية الإسلام أكثر من قرنين من الزمان، وأن تقيم حضارة زاهية وحياة ثقافية رائعة، حتى انقض عليها الكاثوليك، فاستسلمت المدينة، وسقط معها آخر معقل للإسلام في أوروبا.

 

ليلة سقوط آخر خلافات المسلمين

 

بحلول القرن الخامس عشر، الذي سقطت فيه غرناطة في يد الإسبان، أُعلنت المعاهدة التي تنازل بمقتضاها أبو عبد الله محمد الصغير، آخر ملوك المسلمين عن ملكه للكاثوليك، قبل أن تنتهى المعاهدة بمخالفة أبطال المدينة الأحياء لقرار ترحيل المسلمين، معلنين أن الموت في الرحيل عن الأندلس وليس في البقاء.

 

فلما استولى عليها الإسبان سنة ١٤٩١ ميلاديا، بعد أن حاصروها سبعة أشهر فنيت خلالها عزيمة وقوة المسلمين، تدهورت إمبراطورية غرناطة وعاشت واحدة من أسوأ فتراتها عبر التاريخ بما أصدره الملوك الكاثوليك من أوامر أجبر الناس على تغيير دينهم خصوصا المسلمين واليهود، وبحلول القرن السادس عشر غيرت المدينة جلدها ودمرت معالمها وحُولت مساجدها إلى كنائس.

 

غرناطة في قلوب العرب والأندلس

في عزها ومجدها وحتى بعد سقوطها، تغنى الشعراء العرب والأندلس بغرناطة وتعددت القصائد والدواوين بين المدح والرثاء، فقال عنها الرحالة الأندلسي، ابن جبير الشاطبي في أحد دواوينه الشهيرة: "يا دِمشقَ الغـرب هـاتـي.. لقـد زدّتِ عـليـها.. تحتكِ الأنهار تـجري. وهْيَ تنصبّ إليهـا".

 

وقال عنها الشاعر العربي أبو الحجاج بن حسان: "أحنّ إلى غرناطة كلما هفّت.. نسيم الصّبا تهدى الصبا وتسوق، سقى الله من غرناطة كل منهل.. بمنهل سحب ماؤهنّ هريق، ديار يدور الحسن بين خيامها.. وأرض لها قلب الشّجيّ مشوق، أغرناطة العليا بالله أخبّري.. الهائم الباكي إليك طريق؟".

 

وجهة سياحية وموطن كرة القدم

 

وفي الوقت الحالي، أصبحت غرناطة مدينة وعاصمة مقاطعة غرناطة بمنطقة أندلوسيا بجنوب إسبانيا، ولا زالت تحتفظ بجغرافيتها المميزة بوقوعها بمحاذاة جبال سييرا نيفادا، عند نقطة التقاء نهري هَدَّرُه وسَنْجَل، وعلى ارتفاع نحو ثمانمائة متراً فوق سطح البحر.

 

وتحولت عروس الأندلس إلى وجهة سياحية بارزة وموطن لأهم المواقع التاريخية الإسلامية، وفيها جامعتها الشهيرة في إسبانيا، والتي تضم ما يتخطى الثمانين ألف طالب، بل وأصبحت كرة القدم هي الرياضة الأولى في المدينة، التي باتت تضم عدد كبير من الأندية الشهيرة، أشهرها نادي غرناطة لكرة القدم.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك