«الشروق» ترصد حكايات الناجين من تحت أنقاض مصنع الموت بالعبور - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:44 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» ترصد حكايات الناجين من تحت أنقاض مصنع الموت بالعبور

مازال البحث مستمر عن الضحايا تحت الأنقاض - أرشيفية
مازال البحث مستمر عن الضحايا تحت الأنقاض - أرشيفية
إبراهيم جودة - محمد أبوعوف
نشر في: الأربعاء 17 سبتمبر 2014 - 10:04 ص | آخر تحديث: الأربعاء 17 سبتمبر 2014 - 10:04 ص

ما بين دموع أم فقدت فلذة كبدها، وأب رحل عنه ظهره وسنده في الحياة، وزوجة شابة كتب عليها أن تعيش أرملة وتواجه صعوبات الحياة مع أطفالها اليتامى، عاشت «الشروق» ساعات وسط أهالي ضحايا مصنع «رمزي تكس» في مدينة العبور أثناء انتظارهم استخراج جثث ذويهم من تحت الأنقاض، بعضهم كان يحدوه الأمل بأن يخرج أقاربهم سالمين، ولكن الأمل تبخر، فالجثة كانت تخرج تلو الأخرى ومعها تعلو الصرخات.

وأفقدت الصدمة عددًا كبيرًا من أهالي الضحايا القدرة على الكلام، ولكن القاسم المشترك بينهم كان البكاء بحرقة واتهام المسئولين بالتقاعس فى الإنقاذ، بعدم إرسال أوناش لرفع الأنقاض وانتشال ذويهم قبل أن يفارقوا الحياة.

يقول عبيد فتحى 25 عامًا أحد العمال الناجين لـ«الشروق»: "دخلت المصنع قبل انهياره بدقائق لأستلم «ورديتي» كما تعودت يوميًا، وكنت أتحدث مع بعض زملائي عن فوائد بناء الدور الرابع للمصنع وتأثيره الإيجابي على زيادة الإنتاج ولم أستكمل كلامي، حيث شعرت مع زملائي بميل واهتزاز في مباني المصنع فهرولنا سريعًا للخروج ولكن فى لحظات انهار المصنع فوق رؤوسنا".

ويضيف فتحي "اعتقدت أنني أصبحت فى عداد الموتى، ولكن الحظ حالفني حيث وصلت للدور الأول الذى لم يسقط سقفه كله وظل متماسكًا بعض الوقت ولم أشعر بنفسي طيلة الساعات التي قضيتها تحت الأنقاض حتى وصل رجال الإنقاذ وانتشلوني من أمام مخرج الباب، فضلا عن احتمائي بأسطوانة حديدية صلبة منعت عنى الكتل الخرسانية أثناء انهيار المبنى، وساعد ذلك رجال الدفاع المدني على انتشالي بسرعة وقد أصبت بجروح طفيفة وتم معالجتي في الحال".

وأشار إلى أن هناك 6 من أصدقائه دفنوا تحت الأنقاض وهم صاموئيل شحاتة وماجد جرجس ويوسف عيد، وتم استخراج جثثهم، وجار البحث عن محمود محمد عبدالحميد وحمتو وحنا رضا، مضيفا: «نحن أصدقاء نتقاسم اللقمة سويًا وجاء الموت ليفرقنا».

وتابع "فى وقت انهيار المبنى كان صاحب المصنع ومقاول الخرسانة بالطابق الرابع لمتابعة الانتهاء من أعمال البناء وسقطا لحظة الانهيار وأصيبا بجروح فى القدم ونقلا للمستشفى".

ويلتقط عم أحد أهالى الضحايا، أطراف الحديث، قائلا "عائلتي فقدت زهرة شبابها.. نجل شقيقي كان متزوجًا ولديه طفلة عمرها سنتان، كما أن زوجته فى الشهور الأولى للحمل"، لافتًا إلى أنه كان ينفق عليهم ويحلم بأن يرى ابنته طبيبة تعالج الفقراء.

وأضاف "الأغنياء من رجال الأعمال يوظفون أموالهم متى يشاءون لجلب أموال أكثر دون حسابات أو مراعاة لأدنى حقوق الفقراء"، مستطردًا والدموع تغرق عيناه «ربنا هيجبلنا حقنا».

بينما اتهم ابن عم الضحية ماجد صاحب المصنع بأنه المتسبب فى انهياره لبناء الدور الرابع على الرغم من علمه بأنه مخالف وسيؤدي لحمل زائد على أساسات للمصنع.

فى سياق متصل، واصلت قوات الإنقاذ بالقليوبية رفع انقاض المصنع بالاستعانة بسلاح المهندسين بالقوات المسلحة ومعدات شركة المقاولون العرب، وتم انتشال جثة مجهولة، فيما استمع محمد يوسف مدير نيابة العبور بإشراف المستشار مؤمن سالمان المحامى العام لنيابات شمال القليوبية إلى أقوال المصابين، والذين أكدوا أن المصنع المنهار يقع على مساحة 1800 متر مربع ومقام على القطعة رقم 13 بالمنطقة الصناعية الأولى ويعمل به ورديتان وأنهم كانوا يعملون فى وردية الليل وأثناء قيام عمال المبنى بعمل خرسانة سقف الطابق الرابع فوجئوا بانهيار الجزء الخلفي من المبنى ثم انهيار المصنع بالكامل.

ونفى المتهم عبد الرحمن عبد الله مقاول المصنع المنكوب، مسئوليته عن الرسوم الهندسية الخاصة بالمصنع، ومدى صلاحية المبنى للبناء من عدمه، مشيرًا إلى أن دوره يقتصر على جلب العمال لتشييد البناء المتفق عليه فقط.

وكشف عن أنه اتفق مع صاحب المصنع والمهندس الاستشاري على إنشاء طابق رابع وأثناء البناء فوجئ بانهيار المصنع وسقوط أجزاء منه على العمال من بينهم المقاولون وعمال البناء الذين يعملون معه. كما أمرت النيابة باستعجال تقرير اللجنة المشكلة من محافظة القليوبية والإدارة الهندسية والإسكان والشئون القانونية ومدى صلاحية المبنى للوقوف على أسباب الانهيار واستيفائه لشروط التراخيص.

من جانبه، قال المهندس محمد عبد الظاهر محافظ القليوبية، إن اللجنة التي شكلها وزير الإسكان بدأت عملها لإعداد تقرير عن الحادث وبيان ما إذا كان الطابق المنهار صدر له قرار تعلية من عدمه وكذلك فحص مبنى المصنع وتحديد أسباب الانهيار وملابسات الواقعة وتقدير الخسائر. وقال المحافظ ان الموضوع برمته امام النيابة العامة للتحقيق فيه واتخاذ كل الإجراءات القانونية حيال المخالفين والمتسببين فيه. مشيرًا إلى أنه لا تستر على أي فاسد أو مخالف مهما كان قدره أو حجمه، لافتًا إلى أن المحافظة سوف تقدم كل أوجه الرعاية لأسر للمصابين وضحايا الحادث.

من جهته، قال المهندس أمين غنيم، رئيس جهاز العبور، إن مالك المصنع والمقاول والاستشاري هم من يتحملون المسؤولية كاملة لعدم التزامهم بالتراخيص الصادرة ومخالفة التعليمات.

فيما كشف مصدر داخل مديرية الاسكان بالقليوبية، أن الخسائر المبدئية المتوقعة جراء انهيار المصنع تقدر بحوالي 50 مليون جنيه نتيجة دمار المبنى والآلات والمعدات بالكامل، فضلا عن ضياع كميات كبيرة من الصبغة والكحول والمركبات التى تستخدم فى الصباغة، مشيرًا إلى أن المصنع كان مزودًا بأحدث الماكينات الحديثة، إضافة لوجود خامات الإنتاج وكميات ضخمة من المنتج المصنع وغير المصنع.

وأكد المصدر أن السبب الرئيسي وراء انهيار المصنع هو سقوط سقف الدور الرابع الذي شرع مالك المصنع في بنائه بالمخالفة بنظام «الحصيرة» وليس «الكمر» بهدف تخفيف الأحمال على المبنى، لكن خشب الصبة لم يتحمل فانهار السقف على الأدوار الأخرى وتسبب في وقوع الكارثة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك