الواقعية تنافس الخيال على شاشة «برلين السينمائى» - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:33 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الواقعية تنافس الخيال على شاشة «برلين السينمائى»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
برلين ــ خالد محمود:
نشر في: الأحد 23 فبراير 2020 - 10:29 م | آخر تحديث: الأحد 23 فبراير 2020 - 10:29 م

المهرجان يتجاوز مفترق الطرق.. والإدارة الجديدة تنجح فى الحفاظ على مكانته
جونى ديب: فيلم «ميناماتا» تجربة مهمة بالنسبة لى والسينما يجب أن تفتح أعين الناس على القضايا المهمة

 


نجح مهرجان برلين السينمائى الدولى فى التحدى الذى فرض على دورته السبعين عقب تولى إدارته الجديدة، المكونة من المدير الفنى كارلو شاتريان، والمدير التنفيذى مارييت ريسينبيك، ليتجاوز مفترق الطرق الذى وضع فيه خلال العامين الأخيرين، وشكل إلى حد ما تهديدا بمكانته المتميزة وسط المهرجانات الكبرى.
فى دورة هذا العام تحمل باقة من الأفلام العظيمة والملهمة، التى تشكل منافسة كبرى مع المهرجانات الأخرى مثل كان وفينيسيا، وخاصة فى المسابقة الدولية، لعشاق البحث عن أفلام تطرح قضايا واقعية بجانب أعمال أخرى تكرس الأحلام الجميلة، باإضافة إلى عروض الأقسام الأخرى الموازية مثل البانوراما والمنتدى، والتى تحظى بشغف السينمائيين والنقاد والصحفيين من مريدى المهرجان والذى تجاوز عددهم هذا العام الـ ٥ آلاف إعلامى وناقد، كما أغرى المهرجان المخرجين والنجوم للعودة إلى البرلينالى مثل جونى ديب وسيجورنى ويفر وليام دافو وكيت بلانشيت وايلى فانينج، خافيير بارديم، وسلمى حايك، وأكدت شاتريان سعادتها بالنجوم المشاركين، لكن الأهم بحسب تعبيرها من جذب الأسماء الكبيرة هو أنها تريد تعزيز المهرجان.
بالقطع شهدت بداية عروض المسابقة أفلاما ثرية فى فنياتها، كانت مثار أحاديث كثيرة بين أروقة المهرجان، منها «البقرة الأولى» للمخرجة كيلى ريتشارد الذى يحمل الكثير من المشاعر الإنسانية والسياسية وهو من بطولة الأمريكى جون ماجارو، ولم تكن كيلى المخرجة الوحيدة التى تنافس بالمسابقة، بل هناك ست نساء تنافس على الدب الذهبى منهن سالى بوتر، بفيلمها «ذا رودز نوت تيكن»، واليزا هيتمان بفيلمها «نيفر ريرلى سامتايمز اولويز»، وهناك الفيلم الأرجنتينى الرائع «الدخيل» إخراج الصاعدة ناتاليا ميكا الذى تدور أحداثه فى إطار مثير ومشوق على مدى تسعين دقيقة حول اينيس المرأة الشابة «اريكا ريفاس» التى تضطرب حياتها بعد حادثة مؤلمة أثناء رحلة مع شريكها، وقد بدأت تختلط بين الواقعية والخيال.
منذ اللقطة الأولى ونحن ندرك أننا سترافقنا على الشاشة ممثلة رائعة اريكا ريماس من التركيبة الغنية التى مررتها بشخصيتها ما بين الصراخ والتنهد والصمت والتأمل والخوف، وربما ذلك يؤهلها للمنافسة بقوة على جائزة الدهب الفضى أفضل ممثلة، وليس هى فقط بل جميع الممثلين كانوا رائعين سيسيليا روث وبيريز بيسكارت، واريكا ريماس، ونيال هيندلر، السيناريو الذى كتبته المخرجة أيضا كان ذكيا فى سرده وحافظ على إيقاع الإثارة، وفاجأتنا وهى تقودنا إلى زوايا سردية مبهرة وإبداعية، وجمعت المخرجة بين الدراما والفكاهة ببراعة، ومعهما حتمية المصير والتأمل فى الآخر والصورة وتصميم الصوت، الذى يعد جزءا لا يتجزأ من السرد، بطلتنا تجسد فى العمل ممثل أدوار صوتية، تعمل بالدبلجة وتغنى فى أوبرا بوينس آيرس، بعد تجربة مؤلمة سردها الفيلم فى ربع ساعة على طريقة «افان تتر» تعانى من الأرق وتطاردها كوابيس عنيفة فى استديو الدبلجة وتهدد مكانها فى الأوبرا؛ حيث لم تعد بنفس نغمة المطربين الآخرين، شيئا فشيئا تغرق «اينيس» فى حالة يصبح فيها الواقع والوهم أكثر وضوحا؛ حيث أخبرتها زميلتها أنها واقعة تحت تأثير متسلل، أو دخيل، وتطرح السؤال: هل تريد السيطرة على أحلامى أيضا؟ ويطرح الفيلم السؤال الأكثر حيرة عن الحدود التى يمكن قبولها بين الحلم واليقظة، ومدى تصورنا للأشياء التى ليست واضحة دائما فى الحالتين، وهل تتوقف الحقيقة عند رؤيتها ومعرفتها.
وكم كان مشهد النهاية الملىء بالبهجة والسعادة أكثر تأثيرا بتجاوز كل المحن، وتلك هى السينما.
وترى الممثلة اريكا ريفاس نجمة «الدخيل» أن تاريخ «اينيس» هو صدى لتحولات مجتمع اليوم، وشخصيتها تشبه إلى حد ما مراهقة تحتاج إلى الحب وطباعة هذا الحب على جسدها.
فيما قالت المخرجة «أردت أن أضع المتفرج على مستوى صوت اينيس فى غرفة الدبلجة، نسمع ما تسمعه، وما لا تسمعه، العمل مع الأصوات هو عمل داخل الفيلم، لم أكن أريد أن تأتى الأصوات من حيث نتوقع».
فى الأيام الأولى للمهرجان حضرت هوليوود بقوة؛ حيث أذهل جونى ديب جمهور مهرجان برلين السينمائى بفيلمه «ميناماتا» فى عرضه العالمى الأول، ضمن قسم العروض الخاصة، والفيلم يتناول واحدة من أشهر الفضائح البيئية فى العالم، وهى التسمم الزئبقى الذى أصاب مياه قرية ساحلية يابانية بسبب نفايات أحد المصانع التى نتج عنها آثار ضارة للغاية للجهاز العصبى لدى البالغين والأطفال، وهو مأخوذ عن كتاب بنفس الاسم لكل من المؤلفين أيلين إم سميث ودبليو يوجين سميث، والصادر فى عام 1975.
جسد ديب، الذى أنتج الفيلم أيضا، دور المصور المخضرم دبليو يوجين سميث (1918 ــ 1978) الذى لفت الانتباه من خلال الصور إلى التسمم المفاجئ الذى وقع فى مدينة ميناماتا فى محافظة كوماموتو فى اليابان، وراح ضحيته الكثير، واستمر هذا الوباء ما يقرب من 34 عاما.
وتسببت فى ذلك، إحدى شركات الكيماويات الكبرى التى أطلقت الزئبق ومخلفات المصنع فى الصرف، ما أثر ذلك على المحار والأسماك فى خليج ميناماتا وبحر شيرانوى، التى عندما يأكلها السكان يصابون بتسمم الزئبق الذى أدى إلى وفاة القطط والكلاب والبشر على مدى أكثر من 30 عاما.
وفى المؤتمر الخاص بالفيلم لفت مراسل يابانى فى ميناماتا أنه على الرغم من أن الفيلم يغطى الأحداث فى أوائل السبعينيات، «لم ينته مرض ميناماتا بعد، وسأل ديب؛ «ما رأيك بمرض ميناماتا؟ وأجاب النجم الكبير «عندما قرأت القصة للمرة الأولى ــ الكابوس الذى حدث هناك بسبب الزئبق والمياه السامة ــ كان من المستحيل تقريبا تصديق أن شيئا ما يصل بهذه الطريقة المروعة فقط، وما حدث فى ميناماتا وحقيقة حدوثه على الإطلاق أمر مروع للغاية، وأنه لا يزال مستمرا أكثر إثارة للصدمة».
وقال ديب خلال المؤتمر إن الفيلم يعد تجربة مهمة بالنسبة له، مؤكدا أن السينما يجب أن تفتح أعين الناس على القضايا التى حدثت، والتى تحدث الآن، والسينما تملك القوة فى تجسيد سوء أوضاع اجتماعية وسياسية.
وصف ديب نفسه ببساطة بأنه «شخص مهتم وكان يعتقد أنها كانت قصة يجب إخبارها للجميع، وأنه أحب تجسد شخصية سميث، الذى ضحى لالتقاط تلك اللحظات.. لحظات الصور.
المخرج والمشارك فى الكتابة أندرو ليفيتاس قال «جونى متواضع للغاية لا يستطيع أن يقول لك الحقيقة، لن يتحدث عن نفسه أبدا. جونى كان صاحب مبادرة هذا العمل اليوم الأول. وما كنا قادرين على فعله لولا شغف ديب فى عمل شىء مهم جاء من قلب جونى وشغفه. وهذا مهم».
وهناك فيلم وثائقى مشارك فى المسابقة وهو «ايراديز» للمخرج الكمبودى ريثى بأنه وتدور أحداثه حول الأهوال التى حدثت فى وطنه.
أيضا سوق الفيلم فى مهرجان برلين يضج بالحركة وشكل محطة جذب كبيرة لرجل الصناعة، وعقد صفقات الإنتاج مثلما حدث مع فيلم هانى أبو أسعد «صالون هدى».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك