رفع كسوة الكعبة.. هل أهملت الخلافة العثمانية إرسالها إبان احتلال مصر؟‬ - بوابة الشروق
الأحد 16 يونيو 2024 1:52 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رفع كسوة الكعبة.. هل أهملت الخلافة العثمانية إرسالها إبان احتلال مصر؟‬

منال الوراقي
نشر في: الخميس 23 مايو 2024 - 6:48 م | آخر تحديث: الخميس 23 مايو 2024 - 6:48 م

رفعت الهيئة العامة للعناية بشئون الحرمين، الجزء السفلي من كسوة الكعبة المشرفة بمقدار ثلاثة أمتار تقريباً، وتغطية الجزء المرفوع بإزار من القماش القطني الأبيض بعرض مترين تقريباً من الجهات الأربع، وذلك كما جرت عليه العادة السنوية استعداداً لموسم حج هذا العام، وفق ما ذكرت شبكة "العربية" السعودية.

وتأتي عملية رفع ستار الكعبة عن طريق مجموعة من المختصين من مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، وهي عبارة عن طي ستار الكعبة المكسوة بقطعة من الحرير الأسود المخطوط عليها آيات من القرآن الكريم للأعلى، لرفعها عن العبث، ولتكون فرصة سانحة للطائفين لرؤية أستار الكعبة مرفوعة، جريًا على العادة السنوية.

ولكن، هل أهملت الخلافة العثمانية إرسال كسوة الكعبة إبان احتلال مصر؟

في كتابه "كسوة الكعبة المعظمة عبر التاريخ"، الصادر في مايو عام 1985، رصد المؤرخ الكبير السيد محمد الدقن، من خلاله تاريخ تصنيع وزركشة ونقش كسوة الكعبة المشرفة منذ بنائها.

ووفقا للكتاب الذي يتناول تاريخ كسوة الكعبة المشرفة، لم ترسل الكسوة الشريفة من مصر خلال تلك السنوات الثلاثة 1213، 1214، 1215هـ بسبب أحداث الغزو الفرنسي لمصر، غير أن ذلك لا يعني بطبيعة الحال أن الكعبة المشرفة بقيت دون إرسال كسوات لها خلال تلك السنوات، بل المنطق يقول إن الدولة العثمانية صاحبة السيادة على البقاع المقدسة لم تهمل في إرسال الكسوة، ويبدو أنها قد أرسلتها صحبة المحمل الشامي بعد أن صنعتها في الأستانة.

ومما يرجح ذلك أنه في سنة 1216 هـ وفي شهر ربيع الثاني، وهو نفس الشهر الذي خرج فيه الفرنسيون من مصر، بادرت الدولة العثمانية بإرسال المحمل المصري الذي كان مودعًا بالقدس منذ سنوات ولم يرجع إلى مصر بسبب أحداث الحملة الفرنسية على مصر، فوصل المحمل بصحبة سليمان أغا ومعه بعض الأمراء القادمين من الشام فقوبل باحتفال عظيم في القاهرة.

وفي شهر جمادى الثاني، أي بعد خروج الفرنسيين من مصر بأقل من شهرين، وصل إلى القاهرة كسوة جديدة للكعبة المشرفة من الأستانة، وكان السلطان العثماني قد أمر بصنعها على وجه السرعة حينما وصلته أخبار رحيل الفرنسيين من مصر، وأرسلها إلى مصر فورًا عن طريق البحر، لتخرج من مصر إلى مكة المكرمة.

فوصلت الكسوة إلى الإسكندرية في أحد عشر يوما، واستقبلت في مصر بفرح وسرور عظیمین، ويحكي لنا الجبرتي خبر وصول تلك الكسوة ووصفها وابتهاج المصريين بها واستقبالهم لها أحسن استقبال فيقول: "ورد الخبر بوصول كسوة للكعبة من حضرة السلطان، فلما كان يوم الأربعاء 19 من جمادى الثانية سنة 1216 هـ حضر واحد أفندي وآخرون وصحبتهم الكسوة، فنادوا بمرورها في صبحها يوم الخميس".

وتابع: "فلما أصبح يوم الخميس ركب الأعيان والمشايخ والأشاير وعثمان كتخدا أمير الحج، وجمع من الجاويشية والعساكر والقاضي ونقيب الأشراف وأعيان الفقهاء، وذهبوا إلى بولاق وأحضروها وهم أمامها، وفردوا قطع الحزام المصنوع من المخيش ثلاث قطع والخمسة مطوية، وكذا البرقع ومقام الخليل، كل ذلك مصنوع بالمخيش العال والكتابة غليظة مجوفة متقنة، وباقي الكسوة في سحاحير -صناديق- على الجمال وعليها أغطية جوخ أخضر، ففرح الناس بذلك وكان يوما مشهودًا".

وعن كواليس صنع كسوة الكعبة، ذكر الجبرتي أنه عندما وصل الخبر بفتح مصر وجلاء الفرنسيين عنها، أمر السلطان بعملها فصنعت في ثلاثين يوما، وعند فراغها أمرهم بالسير بها ليلا، وكان الريح مخالفا، فعندما حلوا المراسي اعتدل الريح بمشيئة الله تعالى، وحضروا إلى الإسكندرية في أحد عشر يوما.

وقد أرسلت هذه الكسوة إلى الكعبة المشرفة في موسم ذلك العام 1216هـ صحبة المحمل والصرة، في شهر شوال كما هي العادة، وكان أمير موكب الحج في تلك السنة عثمان بك كتخدا.

وظلت الكسوة الشريفة تُرسل من مصر سنويًّا كالمعتاد حتى كانت سنة 1221هـ حيث خرج المحمل كالعادة وبصحبته الكسوة، فعندما وصلوا إلى مكة كان الأمير سعود الكبير، زعيم الحركة السلفية، قد بسط سيطرته على الحجاز فتقابل مع أمير المحمل المصري وأنكر عليه هذه البدع من الطبول والزمور المصاحبة لموكب الحج، وحذره من معاودة المجيء إلى الحج على هذه الصورة قائلا له: «لا تأتِ بذلك بعد هذا العام، وإن أتيت به أحرقته».

فتوقفت مصر عن إرسال الكسوة الخارجية للكعبة، فكساها الأمير سعود كسوة من القز الأحمر، ثم كساها بعد ذلك بالديباج والقيلان الأسود، وجعل إزارها وكسوة بابها "البرقع" من الحرير الأحمر المطرز بالذهب والفضة، وعندما استردت الدولة العثمانية سيادتها على الحجاز، عادت مصر إلى إرسال الكسوة الخارجية للكعبة كل عام كسابق عهدها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك