قصص من التراث (14).. الفلاح والعجوز الحكيم - بوابة الشروق
الأحد 14 ديسمبر 2025 9:13 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما تقييمك لمجموعة المنتخب المصري في كأس العالم برفقة بلجيكا وإيران ونيوزيلندا؟

قصص من التراث (14).. الفلاح والعجوز الحكيم

منال الوراقي
نشر في: الأحد 24 مارس 2024 - 9:12 ص | آخر تحديث: الأحد 24 مارس 2024 - 9:12 ص
يزخر التراث العربي بالكثير من القصص والحكايات المليئة بالحكمة والعبرة وأحيانا الفكاهة، والتي أصبحت موروثا ثقافيا في بعض بلداننا رغم اختلاف الزمن وتطور الحياة.

في سلسلة "قصص من التراث" وعلى مدار شهر رمضان الكريم، تقدم لكم "الشروق" قصصا وحكايات تحمل الموروثات الثقافية للدول العربية، تتنوع بين الحكمة والعبرة والقصص الفكاهية، استنادا لكتاب "نوادر الكتب: غريبها وطريفها" للكاتب والباحث والمؤرخ السوري محمد خير رمضان يوسف.

الفلاح والعجوز الحكيم

يُروى أن عجوزاً حكيماً كان يسكُن في إحدى القرى البسيطة، وكان أهل هذه القرية يثقون به وبعلمه، ويثقون في جميع إجاباته على أسئلتهم ومخاوفهم.

وفي أحد الأيام ذهب فلاح من القرية إلى هذا العجوز الحكيم، وقال له بصوت محموم: أيها الحكيم، ساعدني، لقد حدث لي شيء فظيع، لقد هلك ثوري، وليس لدي حيوان يساعدني على حرث أرضي، أليس هذا أسوأ شيء يُمكن أن يحدث لي؟

فأجاب الحكيم: ربما كان ذلك صحيحاً وربما كان غير ذلك.

فأسرع الفلاح عائداً لقريته، وأخبر الجميع أن الحكيم قد جنّ، فبالطبع، كان ذلك أسوأ شيء يُمكن أن يحدث لفلاح، فكيف لم يتسن للحكيم أن يرى ذلك.

إلا أنه في اليوم ذاته، شاهد الناس حصاناً صغيراً وقوياً بالقرب من مزرعة الرجل، ولأن الرجل لم يعد عنده ثورٌ لِيُعينه في عمله، راقت له فكرة إصطياد الحصان ليحل محل الثور، وهذا ما قام به فعلاً.

وقد كانت سعادة الفلاح بالغة، فلم يحرث الأرضَ بِمِثْلِ هذا اليُسر من قبل، وما كان من الفلاح إلا أن عاد للحكيم وقدم إليه أسفه قائلاً: لقد كنت محقاً أيها الحكيم، إن فقداني للثور لم يكن أسوأ شيءٍ يُمكن أن يحدث لي، لقد كان نعمةً لم أستطع فهمها ، فلو لم يحدث ذلك لما تسنى لي أبداً أن أصيد حصاناً جديداً، لابد أنك توافقني على أن ذلك هو أفضل شيء يُمكن أن يحدث لي.

فأجاب الحكيم: ربما نعم وربما لا، فقال الفلاح لنفسه: لا ثانيةً، لابد أن الحكيم قد فقد صوابه هذه المرة، وتارةً أخرى لم يُدرك الفلاح ما يحدث، فبعد مرور بضعة أيام سقط إبن الفلاح من فوق صهوة الحصان فكسرت ساقه، ولم يعد بمقدوره المساعدة في أعمال الحصاد.

ومرة أخرى ذهب الفلاح إلى الحكيم وقال له: كيف عرفت أن إصطيادي للحصان لم يكن أمراً جيداً، لقد كنت أنت على صواب ثانيةً، فلقد كُسرت ساق إبني ولن يتمكن من مساعدتي في الحصاد، هذه المرة أنا على يقين بأن هذا أسوأ شيء يُمكن أن يحدث لي، لابد أنك توافقني هذه المرة.

ولكن، وكما حدث من قبل، نظر الحكيم إلى الفلاح وأجابه بصوت تعلوه الشفقة: ربما نعم.. وربما لا، فاستشاط الفلاح غضباً من جهل الحكيم وعاد من فوره إلى القرية، وهو غير مدرك لما يقصده الحكيم من عبارته تلك.

في اليوم التالي، قدم الجيش واقتاد جميع الشباب والرجال القادرين للمشاركة في الحرب التي اندلعت للتو، وكان إبن الفلاح الشاب الوحيد الذي لم يصطحبوه معهم لأن ساقه مكسورة، ومن هنا كتبت له الحياة في حين أصبح مصير الغالبية من الذين ذهبوا للحرب أن يلقوا حتفهم.
أقرأ أيضاً:

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك