الضغوط والاكتتاب يدفعان سيدة فيلا الشروق لإنهاء حياة أطفالها الثلاثة.. الجيران: كانت طبيعية وفوجئنا بالواقعة - بوابة الشروق
الجمعة 27 يونيو 2025 3:01 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

الضغوط والاكتتاب يدفعان سيدة فيلا الشروق لإنهاء حياة أطفالها الثلاثة.. الجيران: كانت طبيعية وفوجئنا بالواقعة

أسماء سعد
نشر في: الأربعاء 25 يونيو 2025 - 11:54 ص | آخر تحديث: الأربعاء 25 يونيو 2025 - 11:54 ص

• طبيب نفسي: الإحساس بالعجز قد يدفع للجريمة.. والمرونة النفسية ضرورة لمواجهة الأزمات

 

لا يمكن للعاطفة التي تهب الحياة أن تتحول بفطرتها إلى وسيلة للموت، ولا لغريزة الحماية أن تنقلب في لحظة اضطراب إلى فعل آثم ينهي حياة من وجدت لتحميهم، لكن وحدها اللحظة التي ينهار فيها العقل، وتغيب البصيرة خلف سحب الاكتئاب، قد تجعل أما تقلب غريزتها رأسا على عقب، وتُقدِم على قتل أبنائها، تماما كما جرى في واقعة "صغار فيلا الشروق".

في مشهد مأساوي، استيقظت مدينة الشروق على واقعة أليمة ارتكبتها أم بحق أطفالها الثلاثة تتراوح أعمارهم بين 6 و9 سنوات، أم منفصلة عن زوجها منذ أربع سنوات، تقيم بمفردها مع أبنائها في فيلا سكنية، عجزت عن دفع مصروفات دراستهم في إحدى المدارس، فقررت إنهاء حياتهم بدافع "الرحمة" كما ادعت في اعترافها لاحقا.

لم تكن الأم غريبة الأطوار في الظاهر، بل كانت تسعى حسب ظنها إلى توفير حياة جيدة لصغارها، لكن القلق والانهيار والتراكمات النفسية التي لم تجد من يصغي إليها، دفعتها إلى الاعتقاد بأن إنهاء حياتهم سيكون أهون من أن يواجهوا مستقبلا مظلما بلا تعليم ولا أمان، هي قناعة قاتلة لم تنشأ فجأة، بل تشكلت على مهل، داخل عقل أنهكه الاكتئاب واليأس.

وراء هذه الجريمة المروعة، تقف معاناة نفسية ثقيلة لم تكن واضحة للجميع، إذ تعرضت الأم إلى أزمات مادية حادة وشعورها بالعجز التام عن توفير الحد الأدنى من متطلبات أطفالها، جعلها ترى في الموت "مخرجا رحيما". كلحظة انهيار داخلي، لروح عجزت عن التحمل.

ورغم هول الواقعة، فإن الشهادات التي رواها عدد من الجيران والمحيطين بالأسرة تكشف عن أبعاد ودلالات حول ما جرى، حيث قال أحد سكان المنطقة ويدعى "ا.ع"، إن الحادثة سببت حالة صدمة شديدة بين الجيران، مشيرًا إلى أن وقع الخبر كان مفاجئًا وغير قابل للتصديق في البداية، وأن الجميع أصيب بحالة من الذهول حين عرفوا ما جرى داخل المنزل.

وأكدت إحدى السيدات من الجيران وتدعى "ر.س"، أن ما جرى كان صادما للجيران، الأم لم يظهر عليها مسبقا أي علامات توحي بما ارتكبته، مشيرة إلى أن الحادث أجبر الجميع على إعادة التفكير في فكرة الضغوط النفسية التي يمكن أن تصل بالإنسان لقرارات مأساوية.

وأضافت أن الحادثة تركت شعور عام بالحزن والوجع، وأن أغلب الأهالي باتوا يتحدثون عن أهمية الانتباه لأي شخص يظهر عليه تعب أو انعزال، حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي مرة أخرى.

ويرى الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن الإنسان قد يواجه الضغوط لفترات طويلة محاولا التأقلم والبحث عن حلول، لكنه أحيانا يبلغ نقطة تتجاوز طاقته النفسية والعصبية، فيخرج عنه سلوك غير مألوف قد يصل إلى ارتكاب جريمة، وهو ما حدث في هذه الواقعة، إذ أن الأم بحسب تحليل بنيانها النفسي، ظلت تقاوم حتى خارت قواها، ودخلت في نوبة من نوبات "ذهان الهوس الاكتئابي" وهو اضطراب حاد قد يدفع المريض لإنهاء حياته أو حياة من يحب.

ويضيف الدكتور هندي لـ"الشروق" أن الاكتئاب قد يقود الإنسان إلى مرحلة يفقد فيها الشعور بالقدرة على منح الآخرين حياة كريمة، فيتحول هذا الإحساس بالعجز إلى دافع للجريمة.

ويشير هندي إلى أن بعض الأمهات خلال نوبات اكتئاب ما بعد الولادة قد يلجأن إلى قتل أبنائهن من فرط الخوف عليهم، وهو سلوك ينتمي لما يعرف في علم النفس بـ "الانتحار الممتد"، حيث يقدم الشخص على قتل من حوله ثم نفسه، أو يكتفي بالقتل دون إنهاء حياته نتيجة تردد اللحظة الأخيرة أو تدخل خارجي.

ويؤكد في ختام تحليله أن الإنسان حين يرتكب سلوكا يتنافى مع الفطرة، تحت وطأة مرض نفسي، فإنه يكون في الوقت نفسه جانيا ومجنيا عليه. وهنا لا بد من العرض على لجان متخصصة لتقييم حالته العقلية والنفسية. كما يخلص إلى أن دروسا عدة يمكن استخلاصها من تلك الجريمة؛ أهمها ضرورة امتلاك الإنسان لمرونة نفسية، وسعيه لإيجاد حلول بديلة مهما اشتدت الأزمات، وعدم الانجرار خلف وهم الخسارة المطلقة التي تقود إلى نهايات مأساوية.

ألقت الأجهزة الأمنية القبض على الأم، وعثرت على الأطفال الثلاثة جثث هامدة وسط الغرفة، ويظهر عليهم آثار خنق واضحة حول أعناقهم. واعترفت الأم أمام رجال الشرطة بارتكاب الجريمة نتجية مرورها بأزمة مالية ونفسية كبيرة، وأحيلت إلى النيابة التي باشرت التحقيق وحبستها احتياطيا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك