• النواب يمررون القانون بأغلبية كبيرة.. معارضون يحذرون: قد يطال الحركات الاحتجاجية.. وحقوقيون: لا يمكن مكافحة الإرهاب بإصلاحات رجعية
أقر البرلمان التونسى فى وقت متأخر، أمس الأول، قانونًا جديدًا لمكافحة الإرهاب؛ يرمى إلى تعزيز وسائل التصدى للتنظيمات الإرهابية المسئولة عن الهجمات الأخيرة التى أدمت البلاد، ويثير انتقادات من قبل المجتمع المدنى الذى يرى فيه تهديدات للحريات.
وبعد ثلاثة أيام من النقاش للتوافق على النص، أقر هذا القانون «حول مكافحة الإرهاب وتبييض المال» فى جلسة مغلقة، بأغلبية 174 نائبًا، وامتناع عشرة نواب عن التصويت، فى حين لم يصوت ضده أى نائب، حيث حضر 184 نائبًا الجلسة (عدد نواب البرلمان 217).
وما إن تمت المصادقة على القانون حتى وقف النواب لإنشاد النشيد الوطنى، فى حين وصف رئيس المجلس محمد الناصر، إقرار القانون باللحظة «التاريخية»، مؤكدًا أن من شأن التشريع الجديد أن «يطمئن المواطن»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وجاء التصويت على هذا النص فى أجواء من التهديد المتزايد بعد الاعتداءين اللذين شهدتهما البلاد فى يونيو فى سوسة، حيث قتل 38 سائحًا، وفى مارس بمتحف باردو فى العاصمة التونسية، حيث قتل 22 قتيلا بينهم 21 سائحًا، وتبناهما تنظيم «داعش».
ويحل قانون «مكافحة الإرهاب» الجديد ليحل محل قانون صادر عام 2003 فى عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن على، يقول المدافعون عن حقوق الإنسان، إنه كان يستخدم لقمع المعارضة لاسيما حركة النهضة التى كانت محظورة حينها وتعد واحدة من القوى السياسية الرئيسية فى البلاد.
وأقر القانون الجديد الذى ينص على عقوبات تصل إلى الإعدام، رغم دعوات المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات غير حكومية بينها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، إلى إلغاء هذه العقوبة فى تونس. وقد عبرت المنظمات غير الحكومية عن خيبة أملها بعد تبنيه، وفق الوكالة الفرنسية.
وقالت آمنة القلالى ممثلة منظمة هيومن رايتس ووتش، فى تونس، إن «هذا القانون يشكل خطرًا حقيقيًا على الحقوق والحريات فى تونس، وأدرجت فيه مخالفات عدة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، تمثل تراجعًا بالمقارنة مع قانون 2003».
أما محامى القضايا الجزائية غازى مرابط، فقد رأى أن «القانون يشكل إشارة سيئة نعطيها للعالم الحر الذى يراقبنا. لا يكافح الإرهاب بإصلاحات رجعية».
وأخيرًا، قالت المعارضة اليسارية، إن النص وتعريفه الفضفاض «للإرهاب»، يمكن أن يسمح بإدراج حركات الاحتجاج التى لا علاقة لها بالحركات الإرهابية تحت بنوده.
وكان الرئيس التونسى الباجى قائد السبسي، دعا صباح أمس الأول، إلى الاتحاد فى مواجهة التهديد الجهادى. وقال فى حديث لإذاعة «موزاييك إف إم» عشية عيد الجمهورية، إن البلاد «فى حالة حرب ضد الإرهاب».
وتعتبر تونس نموذجا للانتقال الديموقراطى الناجح فى العالم العربى منذ ثورة يناير 2011، لكنها تواجه تهديدًا متزايدًا من الإرهابيين، وتوترًا اجتماعيًا واقتصاديًا متفاقمًا، ما يجعل السلطات تخشى من انعدام الاستقرار فى البلاد.