تغيير الدولار «دليفرى».. وشقق تابعة لشركات الصرافة تدير التداولات
على الرغم من الإجراءات العقابية التى اتخذها البنك المركزى الاسبوع الماضى بإغلاق عدد من شركات الصرافة التى تتلاعب بالسوق السوداء والتى أدت إلى عمليات رعب كبيرة داخل العديد من الشركات، والتى دفعت العديد منها مطلع الأسبوع الماضى للتوقف عن شراء الدولار إلا بالأسعار الرسمية، إلا أن شركات الصرافة عاودت التلاعب بالسوق السوداء مرة أخرى من خلال طرق جديدة تمكنها من الهروب من قبضة البنك المركزى وعمليات التفتيش المستمرة خلال الفترة الأخيرة.
وقامت «الشروق» بجولة نهاية الأسبوع الماضى للتعرف على ما تقوم به شركات الصرافة للهروب من قبضة البنك المركزى وتوصلت إلى بعض الإجراءات التى تلجأ لها الشركات وهذه الإجراءات نضعها أمام البنك المركزى والجهات الرقابية للوصول إلى الشركات التى لا تلتزم بالقانون فى بداية الأسبوع الماضى توقفت جميع الشركات عن التعامل مع أى شخص لا تعرفه، واقتصر الشراء بالأسعار الرسمية خوفا من وقوعهم تحت قبضة البنك المركزى، وسيطرت حالة من الخوف والارتباك على المتعاملين فى السوق السوداء للدولار تأثرا بضربات البنك المركزى المتلاحقة التى أسفرت عن إغلاق 4 شركات صرافة وسحب تراخيصها بشكل نهائى.
ودفعت حالة الخوف شركات الصرافة لرفع شعار «الشراء بالسعر الرسمى» أمام حائزى الدولار من الأفراد الذين كانوا يلجئون إليها فرارا من الأسعار الرسمية لدى البنوك التى تقل بنحو 1.25 جنيه تقريبا عن السوق الموازية.
ورفضت العديد من شركات الصرافة بيع أى كمية من الدولارات بالسعر الرسمى وتعللت بعدم توافر دولار لديها وفى نفس الوقت رفضت الشراء الا بالأسعار الرسمية.
وفى الوقت الذى توقفت فيه الشركات عن البيع والشراء إلا بالأسعار الرسمية، عاودت مع نهاية الاسبوع عمليات التلاعب مرة أخرى، إذ قامت بإلزام بعض من موظفيها بالجلوس بصالة الشركات على أساس انهم عملاء ويتم وضع حصيلة اليوم اولا بأول معهم للهروب من مباحث الاموال العامة فى حالة قيامها بأى مداهمات وعلى أساس انهم عملاء والاموال التى معهم تخصهم فقط والشركة ليس لها علاقة بهذه الاموال وهذه الحيلة الجديدة لم تكن موجودة قبل الاجراءات التى قام بها البنك المركزى.
ولجأت بعض الشركات إلى حيل اخرى منها وقف عمليات البيع من خلال الشركات واقتصر على المعارف فقط وعلى أن يتم التوصيل للأشخاص عن طريق التليفون للاماكن المتواجدين بها واقتصرت هذه الحيلة على المعارف فقط والاشخاص الذى سبق التعامل معهم.
كما لجأت بعض الشركات إلى تأجير شقق قريبة منها، وبعيدة عن اعين البنك المركزى وتتم جميع التعاملات من خلال هذه الشركات.
وقال محمود عيد الخبير المصرفى إن البنك المركزى مطالب بضرورة الاسراع بانتداب مصرفيين للعمل بهذه الشركات لمدة 6 شهور على الاقل للسيطرة على هذه الشركات ومنع التلاعب الذى تقوم به.
واقترح عيد ايضا اغلاق هذه الشركات لمدة ثلاثة شهور ايضا وقصر التعامل من خلال البنوك فقط لحين استقرار اسعار الدولار.
واضاف إن غالبية شركات الصرافة تعمل خارج النطاق الرسمى للسوق، لتقود بذلك أغلب علميات السوق السوداء للعملة، مما يجعلها مسئولا رئيسيا وراء انتشار السوق غير الرسمية وتفاقم ما تجره من أضرار.
ولفت عيد إلى أن اجمالى عدد شركات الصرافة بالقاهرة يقدر بنحو 500 شركة، أكثر من 90 % منها يعملون خارج السوق الرسمية.
وطالب الجهاز المصرفى بضرورة سن عقوبات مغلظة ضد شركات الصرافة التى تعمل خارج السوق الرسمية للصرافة، مقترحا أن تصل العقوبة لحد اغلاق الشركة، وذلك لما من شأنه أن يحد من النشاط غير الرسمى لشركات الصرافة ودورها فى دعم السوق السوداء.
وأشار إلى أن مساعى الحكومة لتوفير العملة الصعبة لابد أن يأتى على رأسها القضاء على السوق السوداء وعلى نشطائها، وذلك من خلال وضع ضوابط حاكمة لأسواق الصرافة تضمن ممارسة نشاطها فى الاطر الرسمية فقط.
وقال إن إجمالى قيمة واردات العام الماضى 2015 والتى بلغت نحو 70 مليار دولار، تم تدبيرها كاملة من السوق المصرى سواء الرسمى أو غير الرسمى، ما يؤكد توافر العملة بالبلاد، إلا أن تلاعبات تجار السوق السوداء بأسعار العملة، يؤدى إلى صعوبة تدبيرها، واستغراق الحصول عليها وقتا طويلا.
واكد إن شركات الصرافة تتحمل جزءا كبيرا من أزمة الدولار فى السوق خلال الفترة الماضية، مشددا على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة مع شركات الصرافة المخالفة، مشيرا إلى أن كثيرا من الشركات الصرافة فى السوق تضرب السوق فى مقتل فى ظل عدم توافر الدولار بالشكل الكافى مشيرا إلى أن البنك المركزى معذور فى تدابيره حتى لو عجز عن توفير الدولار إلا فى الطلبات والسلع الأساسية، مؤكدا أن ارتفاع أسعار الصرف ليست مشكلة طالما توافرت العملة بينما يمثل عدم توافر العملة أزمة حقيقية وهو ما لم تشهده السوق المصرية فى ظل تلبية الطلب على العملات الأجنبية سواء كان من الأسواق الرسمية أو الموازية.
وتوقع عيد أن تشهد الأيام المقبلة إجراءات مكثفة من قبل البنك المركزى المصرى ضد تلك الشركات المتلاعبة ولاسيما فى ظل بعض المضاربات التى تختلقها تلك الشركات، مشيرا إلى أن عددا من شركات الصرافة أعلنت أنها ستقوم بتقديم طلب إلى البنك المركزى المصرى لإخطاره بنيتها التوقف عن العمل، فى ظل تشديدات البنك المركزى وقيامه بإجراء رقابة صارمة ضد تلك الشركات.
وقال أحمد عبدالمجيد المدير العام بأحد البنوك انه على الرغم من الإجراءات التى اتخذها البنك المركزى لمحاربة السوق السوداء وقصر التعامل على الدولار من خلال البنوك وشركات الصرافة، إلا أن التعامل على الدولار بالسوق غير الرسمية تتزايد يوما بعد يوم ولم يقتصر الأمر على ذلك بل يسعى بعض أصحاب المصالح فى التحكم فى خروج ودخول الدولار من مصر بعيدا عن القنوات الشرعية والتحويلات الرسمية، حيث تضاعفت خلال الفترة الأخيرة عمليات التهريب بعيدا عن البنوك وشركات الصرافة هى اللاعب الاول فى هذه التلاعبات.
وطالب بضرورة التصدى لعمليات التلاعب التى تتم عن طريق بعض شركات الصرافة والتى تتلاعب بالفواتير والأوراق الرسمية لتتمكن من الاحتفاظ بالعملة الأجنبية، وتهريبها إلى الخارج، وهو ما كان له بالغ الأثر فى تأجيج أزمة الدولار خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أن الصرافة ليست مسئولة فقط عن التلاعب فى السوق السوداء بل تقوم بعمليات تهريب العملة الأجنبية إلى خارج البلاد هى السبب الرئيسى فى نقص الدولار، مطالبا الحكومة بالتصدى لعمليات التهريب خارج البلاد للقضاء على أزمة الدولار التى انفجرت خلال الفترة الأخيرة.
وطالب عبدالمجيد بضرورة وضع إطار تنظيمى لشركات الصرافة لوقف عمليات التلاعب التى تتم، مؤكدا أن الوضع الحالى لشركات الصرافة غير سليم ويضر بالاقتصاد المصرى، وشدد على ضرورة إعادة تنظيمها ووضع برنامج لإعادة هيكلتها.