عن الصراع والهزيمة والتسامح.. نظرة على موضوعات وقضايا أفلام يوسف شاهين - بوابة الشروق
الأربعاء 27 أغسطس 2025 11:37 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

عن الصراع والهزيمة والتسامح.. نظرة على موضوعات وقضايا أفلام يوسف شاهين

يوسف شاهين
يوسف شاهين
الشيماء أحمد فاروق
نشر في: الثلاثاء 28 يوليه 2020 - 1:33 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 28 يوليه 2020 - 1:47 ص

في 27 يوليو عام 2008، غادرت روحه عالمنا، ولكننا جميعاً نعرفه، ومنا يعشقه، فهو صاحب "الأرض" و"إسكندرية ليه" و"المصير" و"العصفور" و"عودة الابن الضال" وغيرها من الأعمال السينمائية الخالدة والمميزة في تاريخ السينما المصرية، فهو ابن الإسكندرية يوسف شاهين.

الحديث عن المخرج المصري يوسف شاهين قد شغل مساحات كبيرة من دراسات وأبحاث سينمائية ومقالات وكتب، حاولت جميعها الاقتراب من عالمه ووضع نقاط ضوء وتفسيرات مختلفة له، ومن بين هذه الكتابات المختلفة اخترنا في ذكرى رحيل شاهين دراسة تحليلة قدمها الباحث في التاريخ الثقافي والناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس، في مجلة "أبواب" عام 2002، والتي عنونها بـ"يوسف شاهين ومواضيعه".

- شاهين.. التغير الجذري

يسرد الناقد السينمائي إبراهيم العريس في هذا الجانب مراحل تغير شاهين سينمائياً ونقلاته، ويقول: "منذ عرض فيلمه إسكندرية ليه 1978 لم يعد من الممكن التحدث عن سينماه كما كان يجري قبل ذلك، فهذا الفيلم لم يكتف بأن يخلق نوعاً جديداً في السينما العربية، هو سينما السيرة الذاتية، بل إنه تجاوز هذا، فقد قدم محاولة فذة في المزج بين العام والخاص بين تاريخ الوطن والقضايا والتاريخ الفردي".

وقد واجه هذا الفيلم تضاربات مختلفة بين آراء النقاد والجمهور، ويفسر العريس ذلك: "من غير المنطقي الافتراض دائما أن بعض النقاد على خطأ والبعض على صواب هنا، لأن الأقرب إلى المنطق هو أن أفلام شاهين حملت وتحمل، مثل الواقع الذي تعبر عنه، كل تناقضات هذا الواقع وكل ارتباكه وهكذا يعرف شاهين الفن إنه مرآة للعصر لا تكشفه إلا عبر مرشح الذات".

ربما ينعت البعض يوسف شاهين بأنه "مخرج غير مفهوم" وأفلامه غير مفسرة، ولكن من يقول هذا الرأي ينظر إلى سينماه نظرة قاصرة دون النظر للاختلافات التي قدمها شاهين في السينما، والتنوع خلال سنوات عمره الفني.

ونذكر في هذا السياق ما قاله العريس: "شاهين خاض من باب الحديد حتى سكوت هنصور الأنواع السينمائية كافة، بما في ذلك السينما التاريخية، وطبعا سينما السيرة الذاتية والكوميديا الموسيقية ومن هنا من الصعب الوصول لفرز متكامل يربط مراحل شاهين خاصة أن الأنواع قد تتداخل في الفيلم الواحد".

ما هي المواضيع الشاهينية؟

كما ذكرنا في السطور السابقة أن يوسف شاهين قد قدم أنواع سينمائية مختلفة منذ عام 1949 وحتى وفاته عام 2008، فهو أيضاً قدم موضوعات مختلفة، اسماها العريس في دراسته بـ"المواضيع الشاهينية" وفسرها بأنها تتعلق بعدة نواحي مثل:

الصراع الطبقي، ونلاحظه في "صراع في الوادي" و"الأرض" و"عودة الابن الضال"، حتى وإن اتخذ هذا الصراع أشكال وتوجهات مختلفة.

الصراع الاجتماعي والوطني، ونلاحظه في "جميلة" و"الناصر صلاح الدين" و"وداعاً بونابرت" و"إسكندرية ليه"، وهو صراع سرعان ما يتخذ وجهة أساسية وهو التركيز على العلاقة مع الآخر، الغرب تحديداً.

الصراع النفسي المرتبط ببعد اجتماعي، ونلاحظه في "باب الحديد" و"الاختيار" و"فجر يوم جديد".

تعرية المجتمع من خلال تعرية الذات، وينطبق هذا خاصة على الثلاثية المؤلفة من "إسكندرية ليه" و"حدوتة مصرية" و"إسكندرية كمان وكمان".

الغوص في القضية السياسية وطرح تساؤلات عن معنى الهزيمة وآثارها ومسبباتها، كما شاهدنا في "العصفور" و"الاختيار" وحتى "عودة الابن الضال".

القضية الحضارية وتفاعلاتها، ونلاحظ أنها ممتدة من "الناصر صلاح الدين" و"وداعاً بونابرت" ولكنها خاصة في أفلامه "المهاجر" و"المصير" و"الآخر"، والتي تشكل نوعاً من ثلاثية جديدة معاصرة تتعمق في مسائل آنية مثل العولمة والاختلاف والإرهاب.

وتضمنت صفحات الدراسة تحليلاً لأفلام شاهين بشكل مستفيض، من ناحية القضايا التي طرحها في أفلامه، بداية من بابا أمين مروراً بتقلبات سينماه المختلفة، وقسم مراحل/ أو توجهات شاهين:

أفلام الهزيمة: الأرض وكذلك "الاختيار" و"العصفور" و"عودة الابن الضال".

أفلام المرحلة الذاتية: "إسكندرية ليه" و"حدوتة مصرية" و"إسكندرية كمان وكمان".

أفلام البحث عن التسامح: "وداعاً بونابرت" و"المهاجر" والمصير" و"الآخر".
وعلق العريس على هذه التقسيمات التي وضعها قائلا: "إن هذا التقسيم المتعلق بأفلام شاهين سيبدو أمام التدقيق عشوائياً ذلك أن المواضيع تختلط وتتداخل الأساليب، ولكن يمكن القول أن هذه الأفلام شهدت تطوراً كبيراً في لغته السينمائية وكذلك نظرته الفكرية وتعاطيه مع المسألة الثقافية".

- الهزيمة وإدانة المثقف في أعماله

إلى جوار تحليل الأفلام التي تقدمه الدراسة، يوجد نقاط إرتكاز أساسية يجب ألا نغفلها وهي قضية الهزيمة لدى شاهين وإدانته للمثقف في أفلامه التي تلتها، ثم التصالح مع هذا المثقف في أفلام تالية بعد سنوات.

ويقول العريس: "في الأفلام التي تلت الهزيمة، نرى شاهين لا يريد إطلاق حكم أخلاقي على المثقفين لأنه هو الآخر مثقف ومسئول بل يريد أن يطرح أسئلة حول دور المثقف وتركيبته الطبقية، وبعد أن يظهر المثقف مداناً نراه يتصالح معه خاصة في المصير والآخر، وذلك ليس لأن المثقف سبب الهزيمة بل لأنه سكت عن أسبابها".

فنجد شاهين يقول عن فيلمه الاختيار:"لقد صورت في هذا الفيلم تمزق المثقف المعاصر"، وقد وجه شاهين الإدانة إلى المثقفين عن طريق شخصيات تخون أو تنفصم أو تتردد، فإنه في عودة الابن الضال جعل المثقف بطل الفيلم، علي المناضل السابق، الذي خرج من السجن يوم وفاة عبدالناصر، والجميع ينتظر منه أن يخلصهم من الأخ الجندي السابق الذي استولى على كل شيء، وهو بذلك يروي جانباً من الصراع على السلطة في مصر، ووصلت إدانة شاهين في هذا الفيلم لذروتها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك