حالة من الصدمة انتابت محبي الكينج محمد منير، بسبب مزاعم سرقة أشعار ولحن أغنية "للي" المطروحة مؤخرا والتي حققت نحاحا جماهيريا كبيرا، وذلك بعد اتهام الشاعر الصعيدي عادل صابر الفنان أكرم حسني مؤلف الأغنية، بسرقة الكلمات من أبيات كتبها صابر في وقت سابق عبر صفحته الشخصية.
وبرر الشاعر عادل صابر اتهامه للفنان أكرم حسني حول سرقة كلمات الأغنية، بأن الكلمات تشابهت في الوزن والقافية ونفس نهايات الأبيات، وانها مكتوبة بفن الواو أو المربعات، وهو نوع شعر فريد يتميز به شعراء الصعيد ويحمل كلمات وطابع من الثقافة الصعيدية.
وأوضح صابر أن بعض أبيات الأغنية تشابهت مع أشعاره، التي كتبها في وقت سابق، حيث تقول كلمات الأغنية: "سألته هل داق الولع كان الجواب صدّه.. اللي فتح باب الوجع واجب عليه ردّه"، وهي تتشابه مع وزن وقافية أشعار صابر التي تقول: "صنف الطحين يتعرف ويبان من ردُّه.. واللي فتح باب الخراب واجب عليه ردُّه".
وما زاد الطين بلة هو حذف موقع "يوتيوب" الأغنية، بعد تقديم الفنان حمود المنسي، طلبا لمنصة يوتيوب بحذفها بزعم اقتباس لحنها من أغنيته «ولد الهلالية» التي قدمها عام 2017، والمفارقة أن يوتيوب حذف أغنية الهلالية أيضا مساء الأربعاء.
وتواصلت" الشروق" مع مجموعة من شعراء الصعيد من مؤلفي فن الواو أو فن المربعات الصعيدي، للتعرف على هذا النوع من الشعر، وهل يمكن لأي شخص تأليفه أم هناك مؤهلات يجب توفرها للقدرة على تأليف هذا النوع من الفن الشعري.
فن الواو يصعب على أي أحد تأليفه
يعرف شاعر العامية عبيد أبو الري، المحاضر المركزي للشعر في محافظة قنا، فن الواو أو فن المربعات أو الموال بأنه فن شفهي قولي سماعي.
وعن إمكانية تأليف أي شخص لفن الواو أكد أنه يصعب على أي فرد تأليفه لأنه فن موروث شعبي: "نحن نتعايش معه ونكتسبه من خلال البيئة المحيطه بنا وفن الواو له وزنه الشعري وهو (مستفعلن فاعلاتن)".
يقول أبو الري صاحب ديواني "طرح الكروم" و"فجر الغلابه" من فن الواو، إن هذا النوع من الفن يتألف من أربع شطور، يتناسب الشطر الأول مع الثالث والثاني مع الرابع ويُكتب بالجناس التام والجناس الناقص.
وتعليقا منه على تشابه أغنية للي مع أشعار الشاعر عادل صابر يقول: "يوجد في الأغنية غصن من كلمات الشاعر الجنوبى عادل صابر التي ألفها في ديوان بحر الدميرة عام 2014، ونشرها على صفحته الشخصية فيس بوك عام 2011".
ألفاظ ومصطلحات فن الواو لا يعرفها إلا الصعيدي
قال الدكتور سليمان جادو، أحد هواة كتابة شعر فن الواو، من محافظة قنا، والمتخصص في البحوث الأدبية والنقدية، ومحاضر مركزي بالهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية، في تصريحات خاصة للشروق، إن فن الواو نوع من ألوان الفنون القولية الشعبية الشفاهية، التي انتشرت في صعيد مصر الجواني خاصة، وتحديداً محافظة قنا، وسمي بذلك الإسم لكثرة الواوات العطفية فيه.
وأضاف جادو أن فن الواو يكثر انتشاره في مدينة "قوص" في قنا بصفة خاصة، وهي بلد الشاعر أحمد بن عروس الذي عاش في زمن حكم المماليك وظهر على يده هذا النوع من الفن الذي دائماً ما يصاحبه عزف موسيقي رائع على آلة الربابة.
وأوضح أن صعوبة فن الواو تكمن في كونه فن موروث يتم تأليفه من خلال البيئة الصعيدية، بما تمتاز به من مفردات وألفاظ ومصطلحات خاصة لا يعرفها سوى من تربى في تلك البيئة أو المجتمع الصعيدي، وليس من خارج تلك البيئة.
وأشار جادو إلى أن فن الواو هو فن أدبي ليس حكراً على أحد، ولكن يشترط على مؤلفه أن يتغلغل ويندمج في البيئة أو المجتمع الصعيدي، واكتساب ما تعج به الحياة من مواقف حياتية متعددة، كي يصوغ بمهارة فائقة هذا الفن، مع توافر الوزن والمضمون.
وتابع: "بالنسبة لهذا الموضوع لا يمكن أن نحكم عليه بالسرقة أو توارد خواطر أو حتى التناص، فالمفردات متاحة للجميع، ولكن بشرط أن تصاغ بروح المبدع وتكون غير تقليدية، ولكن أود القول انه على حد علمي يوجد تشابه لفظي واضح جداً في بعض الكلمات والقالب فهناك اتفاق واضح للعيان، وتشابه كبير بين كلمات الأغنية واشعار صابر".
المربعات فن مستقل بذاته
يقول عمر خضيري، شاعر المربعات والمواويل وكاتب القصائد، من أبناء مدينة إسنا بمحافظة الأقصر، إن الشعر الصعيدي لا يحتاج لدراسة بل يُكتسب بالفطرة، وأن جميع بلدان الصعيد بها من يتقن فن الواو لكن يتفاوتون في القوة والحبكة والملكة والثقافة.
وأوضح خضيري أنه لا بد أن تتوافر مؤهلات في الشخص حتى يستطيع كتابة فن الواو الصعيدي، أهما المخزون اللغوي، قراءة المربعات، حضور البديهة، ثقافة عميقة، ودراية بالوزن الموسيقي للمربع، مضيفا أن تأليف الشعر للأشخاص العاديين الذين لم يتربوا في حضن هذا الفن الصعيدي هو شيء يحتاج لجهد.
ويرى أن فن المربعات مستقل بذاته وأنه حين يتم سرقته يُسرق بقالبه: "هناك كثير من السرقات وأغلبها في المسلسلات والأغاني ذات الطابع الصعيدي لكني لا أستطيع الإشارة لها لأنه لا مستندات لدينا إلا المحفوظ من قدماء الشعراء وما تربينا عليه من موروث فني".
وأضاف أنه هناك الكثير من رواد فن الواو قديما وحديثا لا حصر لهم، منهم على سبيل المثال ابن عروس أول من أنشأ هذا الفن، وعلي النابي، أبوكراع، عبد الستار سليم، عادل صابر، عبد الناصر أبو بكر، أبو أيمن، حمادة الفارسي والعجمي، وغيرهم الكثيرين.