تحتفل مصر اليوم بمرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد، و223 عاما على اكتشافه، كونه مفتاح الكشف عن أسرار الحضارة المصرية القديمة، بعد حل لغز اللغة الهيروغليفية القديمة المنقوشة عليه، لتشرح ما تركه الفراعنة من كتابات ورسومات على جدران المعابد والمقابر.
223 عاما على اكتشاف حجر رشيد
اكتشف حجر رشيد بمدينة رشيد وسمي على اسمها، وهي تتبع حاليا محافظة البحيرة الواقعة شمال الدلتا، وعثر عليه الضابط الفرنسي "بيير فرانسواه بوشار" عام 1799، خلال الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت (1798– 1801).
وعقب العثور على الحجر تم نقله إلى القاهرة، حيث أمر نابليون بونابرت بإعداد عدة نسخ منه ليدرسها المهتمون بالحضارة المصرية في أوروبا بوجه عام، وفي فرنسا بوجه خاص.
والحجر عبارة عن قطعة من حجر الديوريت، يبلغ ارتفاعه 113 سم وعرضه 75 سم وسمكه 27.5 سم، تضمن رسم مدينة ممفيس عاصمة مصر عام 196 قبل الميلاد، في عهد الملك بطليموس الخامس (204- 185 ق.م)، ويحتوي على 3 نصوص، النص العلوي كتب باللغة الهيروغليفية، والنص الأوسط باللغة الديموطيقية، والأخير باللغة اليونانية القديمة.
وما سهل فك رموز الحارة المصرية القديمة، هو أن نفس النص كتب باللغات الثلاث مع بعض الاختلافات الطفيفة بينها، مما مكن العالم الفرنسي جيان فرانسوا شامبليون من تفسير اللغات المنقوشة على الحجر بعد مقارنتها بالنص اليوناني ونصوص هيروغليفية أخرى، الأمر الذي شكل نقلة حضارية قادت إلى اكتشاف أسرار الحضارة المصرية القديمة.
وكان محتوى النص عبارة عن تمجيد لملك مصر وإنجازاته الطيبة للكهنة والشعب المصري، وقد كتبه الكهنة ليقرأه العامة والخاصة من كبار المصريين والطبقة الحاكمة.
والنص عبارة عن 14 سطرا باللغة الهيروغليفية و32 سطرا باللغة الديموطيقية و54 سطرا باليونانية، ويرجع سبب كتابة نفس النص بثلاثة لغات إلى أن الهيروغليفية كانت اللغة الدينية المقدسة المتداولة في المعابد، واللغة الديموطيقية كانت لغة الكتابة الشعبية (العامية المصرية)، واليونانية القديمة كانت لغة الحكام الإغريق.
الفرنسيون باعوا حجر رشيد للإنجليز بعقد باطل!
قال الدكتور وسيم السيسي، عالم المصريات، إنه عقب هزيمة الحملة الفرنسية في مصر، تم نقل حجر رشيد وآثار أخرى إلى إنجلترا، حيث يُعرض حتى اللحظة داخل المتحف البريطاني منذ عام 1802.
وأشار السيسي، في تصريحات خاصة لـ"الشروق"، إلى نقل حجر رشيد خارج مصر بعد هزيمة الحملة الفرنسية، وتوقيع اتفاقية العريش بين إنجلترا وفرنسا في عام 1802، والتي بموجبها اتفق الفرنسيون مع الإنجليز على نقل الجنود الفرنسيين على البوارج الإنجليزية للخروج من مصر، بعدما حُطِمت كل البوارج الفرنسية خلال هزيمة الحملة في موقعة أبو قير البحرية، وكان مقابل ذلك تسليم الفرنسيين حجر رشيد لإنجلترا.
وأوضح أن العقد الذي وقعته فرنسا لبيع حجر رشيد للإنجليز يعتبر "باطلا"، لأنه موقع بين فرنسا وإنجلترا فقط، ولأن مصر آنذاك لم يكن لها رأي كونها كانت محتلة، وأيضا لعدم وجود أي قوانين مصرية للآثار القديمة في ذلك الوقت، إلا بعد خروج الحملة بـ30 عاما، عندما تولى محمد علي حكم مصر، وأمر بإنشاء "الأنتك خانة" في عام 1835 لجمع الآثار المصرية وحمايتها، وبالتالي بدأ عصر القانون المنظم للآثار في مصر.
وأأوضح أن نفس أسلوب سرقة حجر رشيد حدث أيضا مع رأس نفرتيني عندما سرقته ألمانيا، ووقف هتلر لساعات أمامها مصابا بالذهول والتأمل، ليعلن بعدها أنه مستعد للدخول في حرب مع مصر إذ استمرت في مطالبتها برأس نفرتيتي، ورغم معاودة الحكومة المصرية طلب الرأس في عام 1945 فإنها لم تحصل على شيء حتى الآن.
متاحف مصر بالمجان
وفي إطار الاحتفالات التاريخية بمرور 200 عام على فك رموز حجر رشيد، قررت وزارة السياحة والآثار دخول المصريين والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر جميع المتاحف والمواقع الأثرية، المفتوحة للزيارة والتابعة للمجلس الأعلى للآثار، مجانا أمس الثلاثاء، والتي يزيد عددها على 120 موقعا أثريا مفتوحا للزيارة، بينها المتحف المصري في ميدان التحرير.