سحر الموجي: «مسك التل» روايتي الأصعب.. وأفضل النهايات المفتوحة - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 7:25 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سحر الموجي: «مسك التل» روايتي الأصعب.. وأفضل النهايات المفتوحة

شيماء شناوي - تصوير زياد أحمد
نشر في: الثلاثاء 29 يناير 2019 - 4:26 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 29 يناير 2019 - 4:26 ص

ناقشت الأديبة سحر الموجي، روايتها الأحدث "مسك التل" الصادرة عن دار الشروق، والفائزة بجائزة ساويرس الثقافية، مع جمهور معرض القاهرة للكتاب، في دورته الـ50، بقاعة الندوات والحفلات.

أدارت اللقاء د. مها السعيد، أستاذة الأدب الأمريكي بجامعة القاهرة، التي أعربت عن سعادتها بمناقشة الرواية بعد فوزها بالجائزة، مشيرة إلى أن أهم ما يميز "مسك التل"، هو طرحها لعدة أسئلة شديدة الأهمية منها: "ماذا يحدث لو أن في حياتك العادية وجدت نفسك تخطو إلى عالم مختلف؟، وماذا يحدث لو سقطت بضعة حيطان فتجاوزت الأزمنة؟ ومتى يبطئ الزمن؟ ومتى تتصاعد سرعته؟ ومتى يقرر أن يلملم أشياءه ويرحل؟ وهل هناك موت؟ وكيف نخلق لأنفسنا إيمانا جديرا بالحياة؟

وأكدت أن الرواية تطرح المزيد من الأسئلة عبر حكايات بطالتها الثلاثة: "مريم" و"أمينة" و"كاثرين"، لافتة إلى أن الرواية ممتعة ومتمردة في ذات الوقت، ومن العسير إخضاعها لقالب نقدي معين، أو التكهن بالزمن الذي كُتبت من أجله، وفي أي ظرفًا كانت.

وأشارت إلى أن "مسك التل" تعد رواية مركبة تعبر بالقارئ حدود الزمان والمكان ببساطة متفردة، لافتة إلى أن مؤلفاتها استطاعت تحطيم الجدران والأزمنة، وكل ما هو منطقي، وأنها فعلت ذلك ببساطة وسلاسة مدهشة، حيث لا يشعر القارئ بهذه المسافة الكبيرة بين الأزمنة والأمكنة والأحاسيس المختلفة في الرواية.

وأردفت: "نجحت سحر الموجي في جعل الرواية وكأنها أحد السيرنينتات التي تحكي عنها الرواية، وكأن صفحات الرواية بذاتها أصبحت "النداهة" أو "السيرينت" التي تجذب القارئ فتأخذه حيث شاءت في الأزمنة والأمكنة".

وقالت الأديبة سحر الموجي، أن رواية "مسك التل" تُعد المغامرة الروائية الأكبر في رصيدها السردي، حيث بدأت كتابتها وهى لم تكن تملك مفاتيح الحبكة الدرامية، ولا تعرف إلى أين تقودها البطلات، لكنها قررت المغامرة، لافتة أن إلى أن شخصية الست "أمينة" ظلت لسنوات طويلة تشغلها، ويشغلها معها سؤال لماذا جعل منها المجتمع المصري "أيقونة المرأة"، على الرغم من أنها لم تكن النموذج الوحيد لشخصية الست المصرية، مستشهدة بجدتها التي تصغر "أمينة" بسنوات قليلة، وبالرغم من ذلك كانت شخصية تختلف عنها كليًا، مشيرة إلى أنها أيضًا كانت "أمينة" في لحظة من لحظات حياتها.

ونفت صاحبة "مسك التل" أن تكون قصدت من وراء كتابتها شخصية "أمينة"، الانتصار لها بعدما ظُلمت من حيث المساحة الروائية المخصصة لها في ثُلاثية محفوظ، قياسًا بشخصية "سي السيد" قائلة "من البديهي أن يفرد نجيب محفوظ، مساحة أكبر لأحمد عبد الجواد بحياته وتفاصيلها، لأن الكاتب دائمًا ما يكتب عن ما هو أقرب له وما يعلمه، وهذا يفسر لماذا لم تأخذ أمينة حقها في الكتابة، وبخاصة أن والدة نجيب محفوظ، لم تكن من نمط شخصية "أمينة"، لكنها كانت شخصية قوية تخرج من المنزل وتذهب بأبنها إلى زيارة المتاحف والسينما"، لافتة إلى أنها كانت بالأساس مهتمة بالكتابة عن الثلاثة نساء وانكساراتهن والاكتئاب الذى عانين منه، والتحديات الكبيرة أمامهن، وإعادة تشكيل حياتهن.

وعن أختيارها شخصية "كاثرين" قالت "الموجي" أنها كانت مرتبطة بها نفسيًا، حيث تُعد رواية "مرتفعات وذرنج"، من أول الرويات التي قرأتها في طفولتها وتأثرت بها، وتسألت دائمًا كيف لمن تعيش بمجتمع منغلق مثلها أن تصبح فتاة متمردة إلى هذه الدرجة، وأن تدفع حياتها ثمنُا لهذا التمرد؟، مشيرة إلى أنها اسمتعت بالكتابة والجمع بين البطلتين.

وحول أختيارها لأسطورة "بيت السيرينت" الذي يعج ببطلاته الروايات، وهل تم أختيارهم بشكل عشوائي أم عن قصد؟، أوضحت "الموجي" أنها لجأت إلى حيلة "بيت السيرينت" لحاجتها إلى وجود بيت افتراضي يجمع نساء الروايات من أزمنة ودول مختلفة، فيصبح لقاء "كاثرين" التي عاشت في أوائل القرن الـ19 و"أمينة" التي عاشت في في أوائل القرن الـ20، شيء منطقي يجمع بينهم، لافتة إلى أنها لا تعترف بموت الشخصيات الروائية، والدليل أننا ما زلنا نقرأهم على مر العصور وتعيش حكايتهم بيننا، وكأن "بيت السيرينت" يرسلهم إلى عالم الواقع كل فترة.

وعن اللغة المستخدمة في الرواية؟ قالت "الموجي" أنها أختارت لغة مختلفة عن ما قدمته في أعمالها الأدبية الأخرى، ولهذا حاولت كتبتها بلغة أقرب إلى اللغة الموسيقية، وكأنها لغة طفل يحكي بوعي عالي، ويسلم الحكايا للقارئ بين شخصية وأخرى، مشيرة إلى أن الصعوبة في الرواية لم تكن في لعبة اللغة، بل في لعبة الزمن، معتبره أيها عمل مرهق ومن الصعب إخضاعها للمنطق، قائلة: "بداخل كل إنسان أزمنه مختلفة من ماضية وحاضره ومستقبلة، ودائمًا ما يبقى الحاضر لحظة مضغوطة ما بين الماضي والحاضر، ومشيرة إلى أن يوميات "أمينة" كانت من أهم مرتكزات الزمن داخل الرواية.

وأختتمت الموجي حديثها بأنها تفضل النهايات المفتوحة لمؤلفاتها، قائلة أن لكل نهاية بداية جديدة.

وفي سؤال حول أسباب أختيار الكاتبة تناول شخصيات بعينها دون غيرها مثل "كاثرين أرنشو بطلة رواية مرتفعات وذرنج، التي عاشت في القرن الـ19"، و"الست أمينة، بطلة ثلاثية نجيب محفوظ، التي عاشت في القرن الـ20"، والطبيبة النفسية مريم بنت القرن الـ21، على الرغم من أختلاف ثقافتهم وأزمنتهم الروائية؟

فتقول "الموجي"، أنها لم تختار الكتابة عن هذه الشخصيات بشكل عقلاني، بل أن فكرة الرواية بالأساس كانت مجرد لعبة أنشأها خيالها، ثم جذبتها الفكرة إلى عوالمها أكثر وأكثر، وبدأت تتفاعل مع الشخصيات وتحاورها، وتتسأل ماذا يحدث لو أجتمعوا سويًا؟ والتقت "كاثرين أبنة المجتمع الفيكتوري الإنجليزي المحافظ، والست أمينة أبنة المجتمع المصري المحافظ أيضًا، والطبيبة النفسية مريم أبنة الألفية" ومن تلك الفرضية وضعت خيوط شخصياتها، تاركة لهم حرية التحرك، وأختيار مسارتهم الروائي، مشيرة إلى أن استعانتها بمذكرات "أمينة" كانت لترسخ فكرة الزمان والمكان التي تكتب فيها.

وبدورها تحدثت أميرة أبو المجد: مدير النشر بـ"دار الشروق"، عن أهمية دور الأدب في تشكيل الوعي المجتمعي، مستشهدة بحديث "الموجي" عن تأثرها ببعض الشخصيات الروائية مثل "أمينة" بطلة الثلاثية و"كاثرين" بطلة "مرتفعات وذرنج" إلى الدرجة التي جعلهتا تفكر في الكتابة عنهن مرة أخرى، مؤكدة على أن ذلك هو ما يدل على أهمية الأدب في تشكيل وعينا وتفكيرنا.

ولافتت "أبو المجد" إلى أنه لا يمكن أعتبار الأدب عمل ترفيهي بحت، وكذلك لا يمكن أعتباره شيئًا واحدًا، وبأن علينا إدراك ذلك عندما نقرأ عملًا أدبيًا أو نشاهد إبداعًا فنيًا، قائلة: "الفن ليس شيء واحد، بل أنواع متعددة".

وأشادات مدير النشر بدار الشروق، بالفرص التى أصبحت متاحة للقاء بين الكاتب وجمهوره، الأمر الذي يتيح الفرصة للمناقشة والتعرف على ما كتبه الكاتب ومناقشته حوله ومعرفة كواليسه، والإجابة عن ما يشغل ذهنه من أسئلة.

كما قدمت الشكر للكاتبة سحر الموجي قائلة "أشكرك على كتابة رواية ممتعة حافزتني على إعادة قراءة ثلاثية نجيب محفوظ، وإعادة قراءة مرتفعات وذرنج.

ورأت أستاذة الأدب أن تصنيف رواية "مسك التل"، أمر شديد التعقيد، حيث يمكن أعتبرها رواية تنتمي إلى أدب "الواقعية السحرية"، كما يمكن النظر لها من منطلق "الأدب النسوي"، بأبطالتها الثلاثة، وكذلك يمكن تصنيفها من حيث "التحليلات النفسية" التي تزخر بها الرواية وتُعد جزء أصيل فيها، مضيفة: "لكنها لا تسمح بتطويعها في قالب ما، فهي تكسر كل القوالب حتى النسوية منها، بالرغم من هدوئها إلا أنها تظل رواية متمردة، تُكسر الأنماط" مشيرة إلى أن عبقرية الكاتبة تكمن في قدرتها على تطويع الزمن من أجل كسره، وتطويع الشخصيات ثم تكسير قوالبها، وكذلك كسر مستويات اللغة قوالب اللغة لنسج لغة تجمع ما بين الشعر والنثر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك