ابتكر المصريون منذ عقود قديمة طرقا خاصة للاحتفال ببداية الربيع؛ كالتنزه في الحدائق العامة، وتناول وجبات خاصة برفقة العائلة والأصدقاء كالرنجة والبيض الملون، والفسيخ الذي أصبح تناوله طقسًا رسميًا، بل موروثًا ثقافيا لدى عموم المصريين، فلا يخلو بيت مصري منه كوسيلة احتفالية بقدوم "شم النسيم".
وفي إطار استعدادات المصريين للاحتفال بأعياد شم النسيم وجلب كميات هائلة من الفسيخ، تستعرض الـ"الشروق" جانبا من مخاطره الصحية، وبعض سبل الوقاية منها.
• قد لا يقتصر الأمر على التسمم الغذائي!
قد يبدو شائعًا أن تناول الأسماك النيئة، وعلى رأسها "الفسيخ" يسبب أضرارًا صحية متعددة ودرجات متفاوتة من التسمم الغذائي؛ لاحتوائه على أنواع متعددة من الطفيليات والبكتيريا والفيروسات السامة، مثل "بكتيريا الشيجيلا" أو "السلامونيا"، لكن الكثيرون لا يعرفون شيئًا عن أخطر هذه السموم البكتيرية التي يسببها تناول الفسيخ، مثل "البوتيوليزم" أو "البيتيولين"، الذي تصنفه منظمة الصحة العالمية كأحد أخطر السموم العصبية؛ إذ تكفي كمية ضئيلة منه إلى شلل تام عضلات التنفس؛ مما قد يؤدي إلى وفاة المصاب به في حال عدم تناوله المصل المضاد الفور.
• نصيحة طبية هامة!
تقدم الدكتورة مها غانم، الأستاذ المشرف على مركز السموم التابع لكلية الطلب جامعة الإسكندرية، كل ما يجب معرفته عن بكتيريا "البيتيولزم" القاتلة، خلال حديثها لـ"الشروق"، فضلًا عن عدة نصائح، لتلافي الإصابة بها.
1- لماذا يؤكد الأطباء أن "الفسيخ" محمل ببكتريا البيتويولزم القاتلة؟
تنشأ هذه البكتيريا في بيئة ينقص بها الأوكسجين، وهي البيئة التي يتم تحضير "الفسيخ" بها، حيث الصفائح المغلقة منعدمة التهوية؛ لذا فإن نسب تواجدها في الأسماك المملحة، تفوق الـ90%.
2- كيف تظهر أعراض الإصابة بـ"البيتيوليزم" ومتى؟
تظهر أعراض الإصابة ببكتريا "البيتيوليزم" التي يحملها "الفسيخ" عقب مرور نحو 18 إلى 36 ساعة من تناول الأسماك النيئة، وتبدأ الأعرض بالشعور بالغثيان ثم تشنجات في عضلات البطن، يليها أعراض عصبية مثل جفاف الفم والرؤية غير الواضحة، والشلل التنازلي المتماثل، الذي يبدأ بصعوبة البلع وصولًا لعدم القدرة على التنفس.
3- هل يمكن للإضافات الحارة والكحول قتل هذه البكتيريا؟
جرى العرف الشعبي على أن إضافة الفلفل الحار ورشفة كحول أو مادة حمضية يقوم بقتل السموم والبكتيريا التي يجملها الفسيخ، لكن الطب له رأي آخر، فهذه الإضافات لا يمكنها قتل معظم السموم البكتيرية التي يحويها الفسيخ، وخاصة بكتيريا البتيوليزم.
4- ما هو الإجراء الوقائي الأمثل قبل تناول "الفسيخ"؟
إذ كنت متمسكًا بتناول الفسيخ برفقة عائلتك وأصدقائك، فعليك القيام بغليه عند 100 درجة مئوية لمدة لا تقل عن 10 دقائق، لتجنب مخاطر ما يحمله من سموم بكتيرية وفيروسات، فضلًا عن الإسراف في تناول المياه والسوائل.
5- بعد الإصابة بـ"البوتيوليزم"، ما هي سبل التعافي؟
تعامل كل حالات تسمم البوتيولزم أو البوتيولين بوصفها حالات طارئة وتستدعي التدخل الفوري، بالإضافة للإسعافات الأولية وتناول المصل المضاد، وهو مصل باهظ الثمن، قد يكلف تناول 3 جرعات منه نحو 200 ألف جنيه، كما يتطلب الأمر استخدام جهاز التنفس الصناعي من فترة تتراوح بين الأسبوع إلى 10 أيام، كما يحتاج شلل العضلات عدة أسابيع للتعافي.
ويساعد تناول المصل المضاد لتسمم البوتيولين في وقت مبكر على تخفيف حدة المرض، لكنه قد لا يكون متاحًا نظرًا لتكلفته الباهظة؛ لذا فالوقاية هي الحل الأمثل.