الآثار المصرية: من نقل رمسيس إلى موكب المومياوات ومسيرة الكباش.. محطات خالدة أبهرت العالم - بوابة الشروق
الأحد 2 نوفمبر 2025 4:28 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

من يحسم السوبر المصري؟

الآثار المصرية: من نقل رمسيس إلى موكب المومياوات ومسيرة الكباش.. محطات خالدة أبهرت العالم

محمد حسين
نشر في: الجمعة 31 أكتوبر 2025 - 5:56 م | آخر تحديث: الجمعة 31 أكتوبر 2025 - 5:56 م

تضع مصر آخر اللمسات حفل المتحف المصري الكبير، السبت المقبل، والذى سيشهد حضور نحو 40 من رؤساء وملوك الدول، والعشرات من الوفود رفيعة المستوى من مختلف أنحاء العالم، ليكون ذلك تتويجًا لعقود من العمل في أحد أكبر اامشروعات المتحفية على وجه الأرض.

* المتحف الكبير.. صرح يروي قصة حضارة مصر القديمة

وبحسب وزارة الآثار، فقد اكتمل تشييد مبنى المتحف المصري الكبير عام 2021 على مساحة تتجاوز 300 ألف متر مربع، ليصبح أحد أضخم المؤسسات الثقافية في العالم، إذ يضم مجموعة واسعة من قاعات العرض المتحفي، تبلغ مساحة الواحدة منها أكثر من مساحة العديد من المتاحف الكبرى داخل مصر وخارجها.

ويُعد المتحف أحد أهم إنجازات الدولة المصرية الحديثة، حيث أُنشئ ليكون صرحًا حضاريًا وثقافيًا وترفيهيًا عالميًا متكاملًا، يجمع بين الحداثة المعمارية وعبق التاريخ المصري العريق، وليتحول إلى الوجهة الأولى لكل من يهتم بالتراث المصري القديم.

كما يمثل المتحف أكبر متحف في العالم مكرس للحضارة المصرية، إذ يروي عبر مقتنياته ومساحاته المتعددة قصة الإنسان المصري منذ فجر التاريخ وحتى العصور المتأخرة، مقدّمًا تجربة استثنائية تربط بين الزائر والحضارة المصرية عبر رؤية معاصرة توظف التكنولوجيا والعرض التفاعلي.

* ماذا ينتظر زوار المتحف؟

يحتوي المتحف على عدد كبير من القطع الأثرية المميزة والفريدة من بينها كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون والتي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922، بالإضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو مُشيد الهرم الأكبر بالجيزة، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو، فضلاً عن المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.

واتخذ وصف المتحف المصري الكبير "هدية مصر العالم" انتشارا وقبولا واسعا؛ لكنه لا يعد الحدث الأثري الأول الذي تتوجه أنظار العالم صوبه، فخلال السنوات الأخيرة أبهرت مصر العالم بفعاليات ضخمة تليق بتاريخ مصر وحضارتها.

*نقل رمسيس.. الملك يغادر ميدانه الأخير

ويأتي تمثال الملك رمسيس الثاني كأول مستقبلي زوار المتحف الكبير، والذى مر بمحطات عديدة قبل أن يستقر في موقعه الحالي في بهو الكبير للمتحف بقوة وشموخ.

ومن أبرز تلك المحطات كان نقله من ميدان رمسيس إلى موقع على مقربة من المتحف الجديد بهضبة الأهرام في أغسطس عام 2006 في رحلة عظيمة تابعتها عدسات الصحافة والمحطات العالمية، واحتشد عشرات الآلاف أمامها وفي شوارع القاهرة لمتابعة مسار رمسيس ألقوا عليه الورود كأنه في أحد مواكب عهد ملكه.

جاء قرار نقل تمثال الملك رمسيس الثاني من ميدانه الشهير بوسط القاهرة إلى ساحة المتحف المصري الكبير لحمايته من التلوث البيئي الناتج عن عوادم السيارات وحركة القطارات والاهتزازات المستمرة التي يسببها مترو الأنفاق المار أسفل موقعه القديم.

وشكّل وصول التمثال إلى مقره الجديد إيذانًا ببدء المرحلة التنفيذية في مشروع المتحف، إذ كان أول قطعة أثرية تُنقل رسميًا إليه.

وكان المرمم الراحل أحمد عثمان كان صاحب الفضل في إعادة التمثال إلى هيئته الأصلية، إذ تولى تجميع أجزائه واستكمال الساق والقدم الناقصتين، إضافة إلى ترميم التاج الملكي وبعض الأجزاء الصغيرة التي تضررت بفعل الزمن.

وأُقيم التمثال في ميدان رمسيس وهو في وضعية الوقوف الملكي المهيب، وأُنشئت أمامه نافورة كبيرة لتزيين الميدان الذي حمل اسمه لعقود طويلة، قبل أن يعود إلى موقعه الجديد أمام بوابة المتحف ليكون رمزًا لبوابة التاريخ واستقبال الزائرين إلى قلب الحضارة المصرية.

يروي الدكتور زاهي حواس كواليس واحدة من أكثر العمليات الأثرية جرأة في تاريخ مصر الحديث، وهي نقل تمثال الملك رمسيس الثاني من ميدانه الشهير وسط القاهرة إلى موقعه أمام المتحف المصري الكبير.

وقال حواس إنه اتفق مع الوزير فاروق حسني على أن يكون تمثال رمسيس أول قطعة أثرية تُنقل إلى المتحف المصري الكبير ليستقبل الزوار كرمز لعظمة الحضارة المصرية.

وأشار حواس إلى أن عملية النقل كانت مغامرة كبرى بكل المقاييس، إذ بلغ وزن التمثال 83 طنًا، واستغرقت أربع سنوات من الدراسات الدقيقة بالتعاون مع المهندس إبراهيم محلب رئيس شركة المقاولون العرب آنذاك. وقال: «صنعنا نموذجًا من التمثال بنفس الوزن لإجراء تجربة عملية من باب الحديد حتى المتحف، وابتكر أحد مهندسي جامعة عين شمس – وكان عبقريًا – فكرة هندسية فريدة لضمان تحريك التمثال دون أي أضرار».

وتابع حواس مبتسمًا: «قبل يوم النقل اتصل بي الوزير فاروق حسني وقال لي: لو التمثال حصل له حاجة كلنا هنقعد في بيوتنا!، فقلت له: اطمئن يا سيادة الوزير. وفي تمام الثانية عشرة ظهرًا يوم 26 أغسطس 2006 تحرك التمثال وسط مشهد مهيب، حيث اصطف المواطنون يصفقون وتغمرهم الدموع، حتى وصل إلى موقعه الجديد في السابعة صباح اليوم التالي بسلام».

 

*موكب المومياوات الملكية.. الأسر القديمة تقطع وسط القاهرة للفسطاط

وفي أبريل 2021، في مشهد أسطوري استثنائي، شهدت القاهرة واحدة من أكثر الفعاليات إبهارًا في تاريخها الحديث، حين انطلق موكب المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، حاملاً 22 مومياء لأشهر ملوك وملكات مصر القديمة، في حدث تابعه العالم بإعجاب وانبهار.

شارك في الموكب 18 مومياء لملوك 4 مومياوات لملكات من عصور الأسر السابعة عشرة والثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرين، من بينهم الملك سقنن رع، والملكة حتشبسوت، والملك تحتمس الثالث، والملك ستي الأول، والملك رمسيس الثاني، والملكة أحمس نفرتاري، والملكة تي، والملك مرنبتاح. وقد وُصفت هذه الرحلة بأنها «التحرك الأخير لأعظم ملوك العالم القديم».

جاء الاحتفال بحضور رئيس مجلس الوزراء والأمين العام لمنظمة السياحة العالمية ووزير السياحة والآثار وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين، إلى جانب سفراء وضيوف أجانب من مختلف دول العالم، بينما افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي القاعة المركزية بالمتحف القومي للحضارة، التي تضم نحو ١٦٠٠ قطعة أثرية تجسد مسيرة الحضارة المصرية عبر عصورها المتعاقبة؛ من ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث.

تم نقل المومياوات بعناية فائقة داخل عربات مزينة بالنقوش الفرعونية وتحمل أسماء أصحابها، وقد جُهزت تلك العربات بأنظمة خاصة للتحكم في الاهتزازات وأجهزة تعقيم متطورة، بما يضمن أعلى معايير الأمان والسلامة الأثرية المعمول بها علميًا، وفقا الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.

وعلى امتداد طريق الموكب من ميدان التحرير إلى الفسطاط، اصطف المواطنون وعلت الأنغام الفرعونية في أجواء مهيبة تخلد لحظة استثنائية في الذاكرة الوطنية، حيث تزينت الشوارع بالإضاءة الذهبية، ورافق الموكب استعراض موسيقي ضخم قدمته الأوركسترا الفيلهارمونية بقيادة المايسترو نادر عباسي.

وفي محطة الختام، استُقبلت المومياوات باستعراض عسكري مهيب تضمن إطلاق 21 طلقة تشريفية أمام المتحف القومي للحضارة، لتدخل الملوك إلى مثواهم الأخير وسط تصفيق الجماهير وإجلال الحاضرين، في مشهد أكد أن مصر لا تزال تكتب تاريخها بنفس اليد التي صنعته قبل آلاف السنين.

* تطوير الكباش.. الأقصر بلدنا بلد سواح

وبعد نحو 6 أشهر من الحدث العظيم، أعادت مصر إبهار العالم بحفل تطوير طريق الكباش بالأقصر، أقدم ممر تاريخي في العالم.

انطلق الحفل وسط أجواء احتفالية أعادت للأذهان موكب الملوك والآلهة في مصر القديمة، حيث صدحت موسيقى أنشودة آمون بينما تقدّم الموكب في محاكاة دقيقة للمواكب الفرعونية المنقوشة على جدران المعابد. شاركت في العرض عربات الخيول (الحناطير) الشهيرة في الأقصر، والتي تراقصت على أنغام أغنية «الأقصر بلدنا بلد سواح» لفرقة رضا، في مشهد جمع بين الأصالة الشعبية والرمزية التاريخية، واختُتمت بها فقرات الحفل في مشهد احتفالي مبهج.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك