النساء فى قلب العملية الانتخابية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النساء فى قلب العملية الانتخابية

نشر فى : الأربعاء 2 أكتوبر 2019 - 8:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 2 أكتوبر 2019 - 8:50 م

نشرت جريدة المغرب التونسية مقالا للكاتبة «آمال قرامى» ونعرض منه ما يلى:
هل قدر النساء أن يكن على الدوام موضوعا للصراع والجدل حول مجموعة من القضايا كالهوية الوطنية والهوية العربية الإسلامية والقومية وآليات التحديث، وسن التشريعات الوضعية، وبناء صورتى السياسى، والدولة وغيرها من المسائل المثيرة للجدل؟
يبدو أن هذه التصورات والممارسات ستستمر بالرغم من المشاركة السياسية المكثفة للنساء من أجل انتزاع حقوقهن المواطنية. ففى مجتمعات تغلب عليها النزعة المحافظة، ويهيمن فيها الفكر الذكورى لا ينظر إلى المرأة باعتبارها مواطنة كاملة الحقوق تترشح وتنتخب بملء إرادتها وتمارس حقها فى التعبير عن آرائها والدفاع عن اختياراتها بكل مسئولية إنما هى فى نظر أغلب الفاعلين السياسيين، رقما فى المعادلة السياسية وخزانا انتخابيا لا يستهان به، ووسيلة لطمأنة الناخبين «المرعوبين» أو المترددين. ولذلك وجدنا من يطلب منها الترشح فى قائمة «عائلية» خدمة لمصالح، العشيرة، الأمة، وعثرنا على من تُؤمر بخلع الحجاب أو التمسك بلبسه وفق السياق: الانتخابات البلدية أو الانتخابات التشريعية، وعاينا كيف تُختار هذه المترشحة لتتكلم باسم الحزب وتقصى أخرى لأسباب تتصل بـ«التكتيك» لكسب معركة الظهور الإعلامى، ورأينا من يمنع النساء اللواتى يخضعن لقوامته من زوجة وابنة وأخت من التصويت الحر ويجبرهن على انتخاب من يرى أنه الأفضل موسطا سلطة النص المقدس لضمان طاعة النساء.
وبما أن العلاقات الجندرية قابلة للتغيير وفق الرهانات الجديدة والسياقات المتعددة وموازين القوى فإن وسائل فرض إرادة الرجال قد تنوعت من دورة انتخابية إلى أخرى. فقد استمعنا إلى من يهدد بقطع النفقة، ومن يدعو إلى سرقة بطاقات التعريف الخاصة بالنساء «المتمردات» إذ لابد من تنزيل عقوبة على العاصيات/الناشزات. والواقع أن العلاقات القائمة على التسلط والهيمنة لم تقتصر على الفضاء الأسرى إذ استمر العنف المسلط على المترشحات والناخبات على حد سواء فى الواقع اليومى وفى الفضاء الافتراضى. فكم من رئيس حزب فرض ترشيح رجل على رأس القائمة ضمانا للانتصار، وكم من رجال هددوا بالانسحاب من الحزب إن اختيرت امرأة على رأس القائمة أو كانت الناطقة الرسمية باسم الحملة الانتخابية، وكم من سياسى سخر من ترشح النساء لمنصب رئاسة الجمهورية، وكم من مؤامرات حيكت لتشويه هذه المترشحة لإزاحتها من موقع الصدارة.
بيد أن التدخل فى إرادة الناخبات ومصير المترشحات له أكثر من بعد ويتجلى فى صور مختلفة: من الأمر والنهى، والتهديد إلى التلاعب بعقول من ينظر إليهن على أساس أنهن ناقصات عقل ودين أو أميات أو جاهلات أو مكدودات لا يعين ما يجرى من حولهن...، وهو تدخل لا يقتصر، فى الواقع، على الرجال. فمن خصوصيات انتخابات 2019 أنها كشفت عن هيمنة أنثوية معبرة عن دخلنة النساء للمعايير والقيم الذكورية. فرأينا من تتآمر فتسطو على حزب أنشأته أخرى، وتابعنا من توظف الخطاب العدائى لإزاحة الخصم، ورصدنا من تستبد بالرأى وتفرض إرادتها مبررها فى ذلك أن من يملك المال يهيمن...
ولئن عرفنا بروز بسمة الخلفاوى ومباركة البراهمى على الساحة السياسية فى محاولة للضغط على السياسيين حتى تُكتشف الجهة التى «هندست» الاغتيالات فإن خروج «سلوى السماوى» كان لاستكمال مسار زوجها السياسى «الضحية»، وهو حضور نوعى قائم على مهارة الأداء، وبلاغة التواصل مع المنسيات.
وهو أمر يلفت الانتباه إلى مسألتين: أولاهما: تفوق المرأة على زوجها على مستوى المحاججة، ولغة التخاطب مع الكادحات، وقرب المسافة التى توحى بسد الفجوة بين الطبقات، وثانيتهما دخولها فى لعبة تبادل الأدوار وانتزاع السلطة حتى أن بعضهم/هن اعتبر أنه كان من الأجدى أن تكون هى مرشحة حزب قلب تونس.
وبقطع النظر عن نوايا «السماوى» وتمثلها للمهمشات، واستغلالها لهن من عدمه فإن «الدهاء» السياسى لا غبار عليه إذ كانت التمثلات التى تقرن المرأة بالطبيعة/العاطفة/الرعاية حاضرة بقوة فى أدائها على أرض الواقع، وكان إصرارها على التسربل بثوب «مرت نبيل» العطوفة على المساكين والمبلغة لرسالة زوجها إلى المكدودات «نبيل يسلم عليكم ويقوللكم آش عاملين فى رجوع أولادكم للقراية» مطمئنا المجتمع المحافظ/ البطريكى الذى يخشى امرأة دخلت عالم السياسية الذكورى بامتياز، فاستأسدت.
وبين أنموذج استدرار العطف والحنان وأنموذج «الاسترجال»، وإرادة الهيمنة مسافة واضحة تدعونا إلى التدبر بجدية فى أشكال حضور النساء فى المعارك السياسية القادمة فهل بإمكان التونسيات أن يبتدعن أنموذجا جديدا يعبر عن فهم مغاير للسياسة يتأسس على قيم المساواة والمواطنة الكاملة؟.

التعليقات