إسرائيل.. والمَخرج - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 10:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسرائيل.. والمَخرج

نشر فى : الأحد 28 أبريل 2024 - 7:30 م | آخر تحديث : الأحد 28 أبريل 2024 - 7:30 م

ديفيد شيلمان

بدأ الأستاذ الفخرى بالجامعة العبرية فى القدس، ديفيد شيلمان، مقاله بالإشارة إلى عنف المستوطنين بالضفة الغربية بعد هجوم حماس. إذ كان المستوطنون فى البؤر الاستيطانية يوقفون سيارات الفلسطينيين على الطريق السريع ويقولون لركابها إن أمامهم أربعا وعشرين ساعة لمغادرة منازلهم وأنهم سيُقتلون إذا رفضوا ذلك.

أما فى منتصف شهر مارس الماضى فى قرية المعرجات الفلسطينية فى الضفة، وبينما تتركز معظم العيون على غزة، مكث الكاتب هناك طوال الليل مع نشطاء آخرين فيما أسموه «الوجود الوقائى» لحماية القرويين الفلسطينيين من هياج المستوطنين الإسرائيليين المسلحين الذين يرهبونهم ليلا ونهارا.

قبل بضعة أسابيع، دخل هؤلاء المستوطنون إلى القرية وحفروا صفًا من القبور الفارغة بالقرب من مدرسة، وهى علامة على ما يريدون فعله بأهالى المعرجات. عمليات الاقتحام العنيفة التى يقوم بها مستوطنون ملثمون ومدججون بالسلاح، برفقة جنود فى كثير من الأحيان، أصبحت أمرا روتينيا الآن.

كما أضحى مصطلح «الجنود» فى غور الأردن وتلال جنوب الخليل يشير فى الواقع إلى وحدات شبه عسكرية، ترتدى الزى العسكرى، لكنها فى الحقيقة مكونة من مستوطنين تم تسليحهم من قبل إيتمار بن جفير، وزير الأمن القومى.

ناهينا عن إخلاء ما لا يقل عن ستة عشر قرية فلسطينية بسبب عنف المستوطنين، خلال الأشهر القليلة الماضية. تساءل الكاتب فى مقاله المنشور بمجلة The New York Review of Books هل من الممكن تصور نهاية للاحتلال وللمشروع الاستيطانى فى الضفة الغربية اليوم؟ أجاب بلا.

إذ النظام السياسى الإسرائيلى برمته، باستثناء الدائرة الانتخابية الصغيرة فى أقصى اليسار، مرهون بهذا المشروع. ومع ذلك، لم يحدث هذا العنف من فراغ.

بمعنى أنه يتعين على الجانب الفلسطينى أن يعيد النظر فى أفعاله كما يطالب نظيره الإسرائيلى. لقد دمر انتحاريون فى الانتفاضة الثانية (2000 ــ 2005) ــ بشكل أو بآخر ــ معسكر السلام الإسرائيلى ــ وهو الحليف الأكثر أهمية للشعب الفلسطينى فى التسعينيات ــ كما قضت الفظائع التى ارتكبتها حماس فى 7 أكتوبر على آخر اعتدال وأمل متبقيين فى إسرائيل.

• • •

يؤكد الكاتب أنه رغم نظر الحكومة الحالية إلى حرب غزة على أنها أداة فعالة لتحقيق الهدف طويل الأمد المتمثل فى الحفاظ على الاحتلال الإسرائيلى، إلا أنها ليست المشكلة الوحيدة التى تواجه تل أبيب، بمعنى إنه إذا أرادت إسرائيل أن تبقى على قيد الوجود، جسديا وروحيا، فيتعين عليها أن تخضع، بشكل جماعى، لتغيير جذرى فى رؤيتها للواقع ــ تغيير على غرار ما شهده نظام الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا ــ ومواجهة حقائق غير سارة، لكنها واضحة إلى حد ما:

أولا، الشعب الفلسطينى فى البداية والنهاية بشر، لا يختلفون عن اليهود أو أى شعب آخر.

وإذا كان لديهم نظام سياسى فاسد، فإسرائيل كذلك!

ثانيا، لن يذهبوا إلى أى مكان.

ثالثا، لا تستطيع إسرائيل قمع المقاومة الفلسطينية وغيرها من المقاومة العربية بالقوة وحدها.

رابعا، يعتمد بقاء إسرائيل على تقاسم الأرض بين الشعبين.

خامسا، المشروع الاستيطانى فى الضفة الغربية يجب أن ينتهى.

سادسا، المتطرفون من الجانبين سوف يقتلوننا جميعا إذا ما أتيحت لهم نصف الفرصة.

سابعا، من غير المرجح أن ينقذنا الله من أنفسنا.

يضيف الكاتب أنه لن يكون من السهل على الشعب الإسرائيلى استيعاب أى من هذه النقاط. بل إن معظمهم يجدون أنه من الأسهل التضحية بحياة أزواجهم وإخوتهم وأطفالهم من أجل قضية تافهة بدلا من تغيير ما يشعرون به وكيف يفهمون العالم!.

رأى شيلمان أن هناك طريقة واحدة فقط للخروج من المستنقع الحالى. بعبارة أكثر تفصيلا، إن ما نسميه الآن خطة بايدن من شأنها أن تحدث ثورة فى مكانة إسرائيل فى الشرق الأوسط وفى العالم بأسره.

والفكرة هى أن تصبح إسرائيل جزءا من نظام إقليمى تربطه روابط (تطبيع) وعلاقات دبلوماسية كاملة بينه وبين كل من الدول السنية المعتدلة، وبالتالى خلق حصن ضد إيران ووكلائها؛ ومن شأن التشكيل الجديد أن يتضمن بالضرورة، بل ويعتمد عليه، بعض الحلول المقبولة لتعطش الشعب الفلسطينى إلى الحرية. وهذا يعنى إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتفكيك الاحتلال. وفى غياب مثل هذا الحل النظامى، فإن إسرائيل سوف تستمر فى خوض حروب كارثية متكررة.

• • •

المفارقة هى أن نتنياهو، واليمين الإسرائيلى بشكل عام، يقولون إنه لا يوجد فرق بين حماس والسلطة الفلسطينية: فكل منهما لديه نفس الهدف وهو تدمير إسرائيل. وإذا تمكن رئيس الوزراء الإسرائيلى من البقاء فى السلطة حتى الانتخابات المقبلة، فسوف يترشح بلا شك على أساس برنامج مبنى على هذه الفرضية الخاطئة.

وقد يفوز، على الرغم من أن 15% فقط من الشعب الإسرائيلى يقولون إنهم يريدونه أن يبقى رئيسا للوزراء، وفقا لاستطلاعات الرأى التى أجريت فى شهر يناير الماضى. يضيف الكاتب: إنه إذا كان لا أحد يصدق كلمة يقولها نتنياهو، لكنه يصدقه عندما يقول إنه لن يسمح أبدا للشعب الفلسطينى بأن يكون له أى شىء ولو دولة.

وإذا نجح فى تحقيق مراده، فيمكننا أن نتوقع ظهور ما يعادل حركة حماس لكن فى الضفة الغربية. فحماس تتمتع بالفعل بمكانة عالية فى العالم العربى، وفقا لاستطلاعات رأى بعد حرب غزة، بما فى ذلك الضفة الغربية؛ ومن الواضح أنها تهدف إلى السيطرة على (الحركة الوطنية الفلسطينية)، ولن يعزز فرصها فى تحقيق ذلك سوى استمرار الرفض الإسرائيلى لصنع السلام مع الجانب الفلسطينى. ختاما، رغم تعارض مطالب الطرفين، فإن هناك نورا وسط هذا الظلام. فالنشطاء فى إسرائيل يجسدون أفضل المعانى الإنسانية، بما فى ذلك الشجاعة اللامتناهية والأسس الأخلاقية.

ناهينا عن الإسرائيليين والإسرائيليات الذين يتظاهرون فى احتجاجات مناهضة للحكومة، أسبوعًا بعد أسبوع، بعد أن سئموا من أكاذيب نتنياهو وأصبحوا قادرين على التعبير عن حلم المساواة والصدق والاعتدال والسلام. سوف يقاتلون من أجل تلك الأهداف. ومن الممكن أن تتضخم هذه المظاهرات ببطء، مثل التى كادت أن تطيح بنتنياهو قبل عام.

إعداد: ياسمين عبداللطيف

التعليقات