عام انتفاضة المرأة وإنصافها - صحافة عربية - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عام انتفاضة المرأة وإنصافها

نشر فى : الخميس 4 يناير 2018 - 9:15 م | آخر تحديث : الخميس 4 يناير 2018 - 9:15 م

نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب «بكر عويضة» جاء فيه: كما هو معروف ومتداول، يُعطى كل عام يرحل من التوصيف ما يُذكر الناس بأبرز ما مر خلاله من جِسام الأحداث. تختلف صفات الأعوام وتتباين وفق اختلاف اهتمامات الأقوام. لذا، من المفهوم أن الأكثر أهمية عند قوم سيحتل مرتبة أقل لدى غيرهم. هنا، فى بريطانيا، وأغلب مجتمعات الغرب، الأرجح أن يحمل عام 2017 صفة العام الذى شهد انتفاضة المرأة وإنصافها. البعض ذهب أبعد، فرأى فيما حصل ثورة غضب نسائية حطمت جدران صمت رهيب. من منظور المتابع الوافد إلى هذه الديار، والمقيم فيها كمهاجر، يمكننى القول إن جُدر الصمت تلك كانت تخفى وراءها مآسى يصعب تصورها فى بلدان يُفترض أنها تجاوزت عُقد الكبت الجنسى، وما تخلف من آثار تشوِّه كل بشرٍ يعانى تبعاتها. إنما اتضح، بعدما أزيح الستار، أن كثيرَ «ماكياج» كان يجمل قبح أشياء كثيرة تجرى فى الخفاء. ولئن وجب توجيه شكر لمَن يُتهم بارتكاب جرمٍ ما يثير ردود فعل غاضبة على نطاق عالمى، مثلما حصل، يجوز القول إن المنتج هارفى وانستين يستحق الفوز بـ«أوسكار» مُرفق باشمئزاز تجاه ما واجهه من سيل اتهامات تحرشٍ بفنانات لكل منهن مكانتها المرموقة.

لم تكن أليسا ميلانو، الممثلة الأمريكية، تدرى حين أوت إلى النوم، منتصف أكتوبر الماضى، بعدما غردت بهاشتاج «أنا أيضا»، أنها أشعلت شرارة تلك الانتفاضة. لقد استيقظت لتكتشف أن أكثر من ثلاثين ألف امرأة تجاوبن مع تغريدتها. السيدة ميلانو ليست أول من أطلق الهاشتاج، بل يرجع الفضل للسيدة تارانا بيرك (Tarana Burke) الناشطة الأمريكية فى مجال الدفاع عن حقوق ضحايا العنف الجنسى، وهى كانت من اخترع فكرة «Me Too» وأطلقتها عام 2006 فى شكل هاشتاج بغرض تشجيع الصامتات بين المُعتدى عليهن كى يبحن بما تعرضن له، لأن فى ذلك ما يعين على التصدى لذلك العنف. لكن للممثلة ميلانو فضل التغريد بالهاشتاج ذاته فى حمأة ما انهمر من تفاصيل عن سلوك واينستين، وآخرين غيره، مع نساء كثر، سواء فى مجال السينما أو خارجه. المفاجأة ــ الصدمة تمثلت فى انهمار قصص الاعتداء والتحرش من مختلف بقاع الأرض.

صفعة عهد التميمى لوجه جندى إسرائيلى تمثل هى أيضا أحد أوجه انتفاضة المرأة ضد الغطرسة. صحيح أن الحالة هنا غير معنية بتحرش ذكورى ضد أنثى، وإنما بالتصدى لتغطرس احتلالى، إزاء التعامل مع غضب فلسطينى فجره قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن القدس، وصحيح أن تصدى نساء فلسطين للصلف الإسرائيلى قائم منذ عشرات السنين، وكذلك انخراطهن فى صفوف المقاومة، وهو ما أوصلهن إلى زنازين الأسر، أو شرف الشهادة، لكن جسارة الشابة عهد بدت تحديا من نوع مختلف. لقد أظهرت مدى صلابة اليد اللينة عندما تضع الخوف جانبا. وإذا جاز لى أن أستعير الصورة، فإن بالوسع تعميمها، أو إهداءها، إنْ شئتم، لكل ذكورية تغطرست، عبر أزمان التاريخ والقرون، بوهم ظنٍ مخادعٍ صور لصاحبه أن ضعف بنية الأنثى، فى حد ذاته، يجيز لأى رجل، أنى شاء ومتى أراد، استغلال ذلك الضعف فى أى مجال، داخل البيت أو خارجه، بمقر وظيفة أو دار عمل، ثم بلا أى وزن لأحاسيسها، أو فهم لموقفها، أو تقدير لظروفها، وربما تجتمع هذه كلها معا.

الحق أنه ليس مقبولا التقليل من قيمة المرأة، باعتبارها إنسانا، تحت أى ظرف، وأيا كان المبرر. وفى هذا السياق، واضح أن عام 2017 شهد أيضا أكثر من حالة إنصاف للمرأة فى العالم العربى. بين أبرز تلك الحالات قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إعطاء المرأة فى المملكة العربية السعودية حق قيادة السيارة. معروف لكل مراقب للتعامل الغربى مع الشأن السعودى كم استغل حظر قيادة السيارة من قِبل كثيرين تعمدوا دائما تجاهل ما تحقق لنساء السعودية، وما حققن، فى مجالات عدة، داخل المجتمع السعودى وعلى صعيد دولى، بقصد التشويه.

يبقى أن العام الراحل سوف يدخل سجلات غيره من أعوام سبقته بكل ما شهده من خضات فى غير مجال، لكنه سيحمل معه، بشكل خاص، بصمات الانتفاضة على الصمت إزاء التحرش الجنسى بالمرأة، وأيضا خطوات مهمة على صعيد إنصاف حقوق النساء فى مجتمعات عدة.

التعليقات