وزيرة سياحة «مستفزة» - امال قرامى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وزيرة سياحة «مستفزة»

نشر فى : الثلاثاء 4 مارس 2014 - 5:55 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 4 مارس 2014 - 5:55 ص

بالرغم من أن تشكيلة حكومة السيد مهدى جمعة لم تتلاءم هى أيضا مع طموحات المواطنات التونسيات الراغبات فى سدّ الفجوة الجندرية على مستوى التعيينات الوزارية، إلا أن أداء وزيرة السياحة آمال كربول استطاع إلى حد الآن، أن يشد الأنظار، وأن يثير إعجاب فئات من التونسيين، ويعيد الثقة إلى أصحاب الفنادق فى النهوض بقطاع السياحة. إنه الفرج بعد الشدة.

بيد أن هذه الوزيرة التى تؤثر العمل على أرض الميدان، وتتجنّب كثرة الظهور فى وسائل الإعلام، والحديث عن تصوّراتها المستقبلية لإنقاذ البلاد، قوبلت منذ اليوم الأوّل الذى تولّت فيه الوزارة، بحملة تشويه شديدة باعتبار أنّها زارت إسرائيل، ولكن سرعان ما فنّد هذا الزعم إذ إنّ زيارتها كانت مع وفد من الأمم المتحدّة لمناصرة الفلسطينيين.

•••

وبالرغم من تهافت هذه المزاعم فإنّ «كربول» مازالت إلى اليوم هدفا جوهريّا لدى كتائب النهضة الفايسبوكية وأتباع السلفية المتشدّدة، وهو أمر مفهوم فالوزيرة تقطع مع الصور المنمّطة، فهى تترك زوجها وبناتها فى بلاد المهجر وتقبل بالتضحية فى سبيل الوطن فى سياق ارتفعت فيه الأصوات مدافعة عن الأسرة والتكامل ورعاية الزوج والأبناء وفوائد الأمومة.. وهى لا تلبس الكعب العالى فى الزيارات الرسميّة، وإنّما تفضّل انتعال الحذاء الرياضى، فى سياق تحمّست فيه الأخوات لإبراز الصفات الأنثوية، وإقامة الحدود العازلة بين الرجال أصحاب القمصان واللحى.. والنساء صاحبات العباءات والحجب، وأناقة الوزيرة تعكس البساطة والمعاصرة والولع بالتراث التونسى، فى سياق احتدّ فيه الهوس الهوّياتى و«التمشرق»، والوزيرة دائمة الابتسامة فى سياق بات فيه العبوس والتجّهم علامة على العفّة، والوزيرة هى فى موقع صنع القرار: تصدر الأوامر والقرارات وتمتلك السلطة ولها صفات تنسب فى التصوّر المحافظ، إلى الرجال كحبّ التنافس، والجرأة، وصياغة التصوّرات، فهى تتوقّع زيارة 7000 سائح إلى تونس فى هذا الموسم.. والوزيرة تواجه التحديات بكلّ رباطة جأش، والحال أنّ من أغلب من سبقها من وزراء الترويكا افتقروا إلى رؤية مستقبلية.

وما إن أقدمت «كربول» على إعداد مهرجان كثبان الصحراء فى الجنوب التونسى، حتى انطلق النفير: «وا إسلاماه» فقد شاعت الفاحشة، ودنّس الجنوب بالليالى الحمراء، وتمّ الاعتداء على الأخلاق الحميدة، وبرز الشواذ من الشبان ليمارسوا الرقص والشرب والقمار فانتشرت الخلاعة والفسق والمجون..بدعم فرنكوفونى، هكذا حوّل التغريبيّون، وعلى راسهم وزيرة العهر التى تحلّ الخمر والدعارة «وزارة السياحة» إلى «وزارة الدياثة» فى سياق كان من المفروض أن تنتقب فيه ربّات الحجال العفيفات ويلزمن بيوتهن وتنتشر فيه الخيم الدعوية ودوريات «النهى عن المنكر» إنّ «الإسلام هو الحلّ».

•••

وأهم من يعتقد أنّ هدف هذه الحملة التشويهية الذود عن الإسلام وحماية المقدّسات والخصوصيّة التونسية، وقيم الثورة، وعادات سكان الجنوب.. فدعوات المطالبة بإقالة وزيرة السياحة تندرج فى إطار مسلك التشفّى من «بنى علمان»، وتجييش الرأى العامّ استعدادا للانتخابات بنفس الآليات المهترئة: استغلال العواطف وتحريك المشاعر والاستمرار فى تكريس الاستقطاب الحدّى، وتسييس الدين وتديين السياسة، بدل إقناع الناخبين بجديّة البرامج وقابليتها للإنجاز، وأهليّة أصحاب الأحزاب لإدارة الشأن السياسى.

ولئن كان العنف الموجّه إلى من راموا انتقاد حركة النهضة ظاهرة ملفتة للانتباه تستدعى التمحيص، لاسيما حين يصدر هذا السلوك عن أتباع حزب بمرجعيّة إسلاميّة، فإنّ ما يدعو إلى التدبّر الهشاشة التى حلّت بفئة من التونسيين. فما أكثر رقّة مشاعر صنف من الرجال التقليديين، المحافظين، المتشدّدين، الأصوليين، الإسلامويين، الأخلاقويين..إذ ما إن حلّت الثورة حتى باتوا ينفعلون ويغضبون بسرعة، مبرّرين ذلك باستفزاز النساء لهم.

•••

ومادامت احتجاجات الناشطات عهرا، وتبكيت المجادلات للخصوم فجورا، وتقديم المبادرات فسقا، وقيادة السافرات السيارات مستفزّة، ولبس «التنّورة»، وكشف الشعر، والرقص والضحك والفرح.. كلّها أفعال محرجة، وسلوك مربك، ونظرة إلى الحياة والكون مرعبة فإنّ مشروع العيش معا سيبقى شعارا. بيد أنّ هذه الحملات التشويهية التى تستأنس بتكنولوجيا التواصل، والمدعومة ببعض وسائل الإعلام التى تقدّم «خدماتها» للأحزاب لن تثنى عزم الراغبين والراغبات فى خدمة الوطن. خدعوكم بقولهم إنّ «الغوانى يغرهن الثناء». إنّ لفى تونس كفاءات تعمل ولا تلتف لا للمشيدين بالإنجازات، ولا للمشوّهين لأعمال وسير النساء.

التعليقات