ثلاثة أخطاء شائعة تتعلق بالضم - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثلاثة أخطاء شائعة تتعلق بالضم

نشر فى : الخميس 4 يونيو 2020 - 9:05 م | آخر تحديث : الخميس 4 يونيو 2020 - 9:05 م

النقاش العام بشأن الضم تحرك بتأخير كبير، بداية بسبب الشك فى جدية الخطوة، وبعد ذلك بسبب الكورونا. الوقت القليل المتبقى للنقاش يزيد من خطر أن يغرق الجمهور فى أخطاء ومفاهيم خاطئة تتعلق بمضامينه، وفيما يلى نموذج عن ثلاثة أخطاء توطنت داخل الجمهور، وجزء منه أيضا من اليسار العميق.
الخطأ الأول والأكثر خطورة هو الادعاء أن الضم عمليا لن يغير شيئا، لأنه «أصلا هناك فى أرض الواقع»، وأنه «حتى من دون ضم هناك أذى يلحق بالفلسطينيين»، هذا الفهم يؤدى إلى تحول يسارى خطر ــ تأييد صامت للضم من أجل «إزالة الأقنعة»، هذه المقاربة تفتقر إلى فهم تداعيات فرض القانون الإسرائيلى على الضفة الغربية، الضم سيؤدى بالتأكيد إلى مصادرة ضخمة، جزء منها تلقائى، لأراض وأملاك فلسطينية، وإلى خطوة اقتلاع أفراد وعائلات وجماعات كاملة من المنطقة المضمومة بالقوة، وزيادة دراماتيكية فى قوة السلطات المحلية للمستوطنين، التى هى اليوم مخلوق إدارى ضعيف يسيطر عليه الجيش.
الضم سيوسع عملية نهب أراضى الفلسطينيين وتطوير إسرائيلى لها بأحجام وبوتيرة ليست ممكنة قبل الضم، وستكون هذه الخطوة مرتبطة أقل بكثير بالحكومة وسياستها، وأكثر كثيرا بزعماء المستوطنات، انتبهوا مثلا إلى ما قاله بنيامين نتنياهو عن غور الأردن فى المقابلة مع «يسرائيل هيوم» فى نهاية الأسبوع الماضى: «[البلدات الفلسطينية فى الغور] ستبقى كجيوب فلسطينية. أنت لا تضم أريحا، هناك مجموعة أو مجموعتان»، هذا الكلام لم يكن صدفة، فى الواقع يوجد نحو 50 قرية ومجموعات من الرعيان الفلسطينيين. بالنسبة إلى إسرائيل، أغلبيتهم غير شرعية، لذلك هى لن تتحول إلى جيوب عند الضم، وسيتحول آلاف السكان الذين يقطنون فيها إلى مقيمين غير شرعيين فى «إسرائيل»، لذلك سيكونون عرضة للاقتلاع والنقل بالقوة إلى خارج الغور، ومثل هذه الخطوة ستحدث أيضا فى منطقة القدس.
الخطأ الثانى الذى توطن هو أنه بحسب خطة ترامب، فى المنطقة غير المعدة لضم إسرائيلى، ستقوم دولة فلسطينية. اقرأوا الخطة، تخطوا اللغة الاستعمارية التى تتناول الشروط التى سيكون فيها الفلسطينيون متطورين بما فيه الكفاية من أجل الحصول على دولة، وتصلون إلى المقطع الذى يصف ما سيحصلون عليه. المقصود هو كيان لا سيطرة له على حركة الأشخاص والبضائع منه وإليه (لإسرائيل سيطرة)، ولا سيطرة له على مجالها الجوى (لإسرائيل سيطرة)، ولا يحق له توقيع اتفاقات ومعاهدات من أنواع معينة، وحقه فى الانضمام إلى منظمات دولية مقيد، وحتى صلاحياته فى مجال التخطيط والبناء خاضعة لفيتو إسرائيلى فى مناطق قريبة من حدودها (تقريبا فى كل مكان)، إنها دولة تشبه طيرا من الدجاج لديه جناحان ومنقار، لكن ليس لديه فعلا القدرة على الطيران.
نتنياهو يدرك ذلك، فى مقابلته مع «يسرائيل هيوم» قال: «يجب أن يعترفوا بأن لنا السيطرة الأمنية على كل المنطقة. إذا وافقوا على هذا كله، سيكون لهم كيان خاص بهم، الرئيس الأمريكى يصفه كدولة، سياسى أمريكى قال لى: لكن بيبى، هذا لن يكون دولة. قلت له سموا ذلك ما تريدون»، فقط أصوليون مثل المستوطنين يقدسون الرموز والرمزية، فى إمكانهم معارضة خطة ترامب لأنه يسمى البنتوستان الفلسطينى «دولة».
الخطأ الثالث الذى تحول إلى قاسم مشترك، هو الإجماع على أننا إذا نجحنا فى منع الضم، ستعود سياسة الصراع إلى النقطة التى كانت فيها قبل أن يقتحم فرض السيادة حياتنا، أى صراع بين مؤيدى الدولتين وأنصار الضم، يتجاهل هذا التحليل الارتداع السياسى الذى سينشأ جراء إحباط الضم. فى السنوات الماضية كان لليمين حظ مذهل: دخول ترامب إلى البيت الأبيض، أوروبا أضعفتها الأزمات والبركسيت، ملفات نتنياهو غيرت حساباته السياسية، والكورونا غطت على الحديث قبل أن تقوم إسرائيل بحركة تكتونية أحادية الطرف. بالنسبة إلى معسكر الضم، كل الكواكب انتظمت، وما كان يبدو سابقا خياليا أصبح واقعيا، تخيلوا الآن أن الضم أحبط، بالنسبة إلى أنصار اليمين، معنى ذلك أن المسيح جاء ودق على الباب، لكنهم لم ينجحوا فى فتح الباب له.
إذا لم يدخل الضم فى حيز التنفيذ فى الأشهر القريبة المقبلة، من المحتمل جدا ألا يكون على جدول الأعمال لسنوات عديدة، وأن يتحول إلى خيار غير متصل بالموضوع. فى اليوم التالى لإحباط الضم، سيبقى الاحتلال عينه، القديم والسيئ، والذى يجب محاربته، لكن الوضع السياسى سيكون جديدا. ومثل كل تغيير، من الممكن أن يفتح الباب لإمكانات لم تكن موجودة قبل ذلك.

التعليقات