منظمة التحرير الفلسطينية.. عود على بدء أم ماذا؟ - فيس بوك - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

منظمة التحرير الفلسطينية.. عود على بدء أم ماذا؟

نشر فى : الثلاثاء 5 أكتوبر 2021 - 7:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 5 أكتوبر 2021 - 7:05 م
نشر الكاتب الأردنى لبيب قمحاوى مقالا على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعى «فايسبوك» ينتقد فيه من يطالب بالعودة إلى منظمة التحرير الفلسطينية كحل للأزمات الراهنة، من عمليات الاستيطان الشرس والتفريق العنصرى، فالمنظمة كانت نتاج حقبة مضت ولن تستطيع التعامل مع الواقع الجديد... نعرض منه ما يلى:

الحديث فى قضايا منظمة التحرير الفلسطينية وعنها أمرا أصبح مُستهلكَا نظرا للاهتمام العام السابق بالمنظمة وما آلت إليه الأمور على الساحة الفلسطينية خصوصا بعد الخروج من لبنان وما تبع ذلك لاحقا من توقيع اتفاقات أوسلو.
كانت منظمة التحرير الفلسطينية هى كبش الفداء لنوايا وأخطاء وسياسات القيادة الفلسطينية التى استعملت المنظمة للوصول إلى أهدافها فى أوسلو، ولم تتردد بعد ذلك فى التضحية بها على مذبح السلطة الفلسطينية كبديل لمنظمة التحرير، والحكم الذاتى كبديل للتحرير.
إن فشل السلطة الفلسطينية فى تحقيق أى إنجاز وسقوطها الملحوظ عقب حرب غزة الرابعة والمطالبة الشعبية بإسقاطها نتيجة لذلك قد دفع البعض إلى إعادة فتح ملف منظمة التحرير الفلسطينية والمطالبة بإعادة إحيائها كبديل عن السلطة الفلسطينية وكإطار جامع للعمل الفلسطينى مجددا فى حقبة ما بعد إسقاط السلطة الفلسطينية.
منظمة التحرير الفلسطينية، ومنذ نشأتها، كانت تشكل بالنسبة للفلسطينيين هدف التحرير كما كانت تجسد مفهوم الدولة الفلسطينية الغائبة والتى يسعى جميع الفلسطينيين إلى رؤيتها تتجسد على أرض فلسطين. لقد أدَت اتفاقات أوسلو إلى استبدال حقائق وواقع القضية الفلسطينية بوهم الدولة. وهكذا، فإن استبدال الحقيقة بالوهم هو ما أدى إلى ما يعانيه الفلسطينيون الآن فى بحثهم المضنى عن دولتهم من جهة وعن قضيتهم أو ما تبقى منها من جهة أخرى، فلا هذا موجود بمفهومه التقليدى ولا ذاك بعد أن فقدت القضية معظم معالمها.
يعكس هذا النمط من التفكير فى العودة إلى حاضنة منظمة التحرير الفلسطينية سذاجة واضحة وافتقارا إلى الرؤية السليمة، لأن منظمة التحرير الفلسطينية كانت نتاج حقبة مضت وانتهت بما لها وما عليها وتم تفكيك مؤسساتها أو إضعافها ودمجها عمليا ضمن إطار السلطة الفلسطينية. المطالبة بإحياء منظمة التحرير الفلسطينية هى محاولة يائسة للتشبث بالماضى المُشَرِف وبحقبة النضال الفلسطينى فى وقت تغيرت فيه الظروف والمعطيات الفلسطينية والعربية، وكذلك طبيعة القضية الفلسطينية وواقع العلاقة بين أطراف الصراع وهم بشكل أساسى الفلسطينيون والإسرائيليون والعرب بشكل لم يعد يسمح باللجوء إلى خيار مثل خيار منظمة التحرير الفلسطينية ونهجها المعلن فى الكفاح المسلح بعد أن تنازلت القيادة الفلسطينية والعرب علنا عن هذا النهج وقبلوا بتصنيفه ضمن لائحة الإرهاب.
البحث عن مخرج للأزمة لا يأتى من خلال التعلق بحبال الهواء، مثل المطالبة بالعودة إلى أيام وعهد منظمة التحرير الفلسطينية، بل يأتى من خلال إعادة تأكيد الالتزام بمبادئ الميثاق القومى الفلسطينى الذى قامت منظمة التحرير على أساسه. وهذا ما قد يشكل بحد ذاته المدخل الصحيح والضمانة المطلوبة لأى محاولة لخلق بديل جامع ومقبول للسلطة الفلسطينية، أو للتقدم بمسار بديل عن مسار أوسلو وفلسفتها.
السلطة الفلسطينية قامت نتيجة لاتفاقات أوسلو كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية وكترجمة لفلسفة أوسلو، حيث تم استبدال هدف التحرير بالحكم الذاتى تحت الاحتلال، وتم استبدال الدولة بسلطة تابعة للاحتلال تعكس وهم الدولة بديلا عن الدولة، وتم العبث بالميثاق القومى الفلسطينى، وتم تحويله إلى الميثاق الوطنى الفلسطينى، ومن ثم تم العبث به وتجريده من مفاصله الأساسية، وتم تجنيد المؤسسات الوطنية الفلسطينية لصالح فلسفة السلام القائم على الاستجداء والمستند إلى هدف الحكم الذاتى عوضا عن التحرير والاستقلال الناجز.
تشهد الحقبة الحالية والمقبلة واقعا جديدا متفاقما للفلسطينيين يستند إلى الاستيطان الشرس والقوانين العنصرية المرافقة له بحيث يتم التعامل مع الفلسطينيين تحت الاحتلال باعتبارهم أدنى درجة من اليهود حتى ولو كان بعض أولئك الفلسطينيين يحملون صفة المواطنة. وهذا يرفع من درجة التحديات التى يجابهها الفلسطينيون والتى تضيف إلى حقب الاحتلال المختلفة؛ حقبة التمييز العنصرى المستند إلى قانون يهودية الدولة وإلى الممارسات العنصرية للحكم الإسرائيلى.
إسرائيل إذا ليست دولة احتلال فقط، بل هى دولة عنصرية باعتبارها دولة لليهود فقط وليس لمواطنيها مهما كانوا. وهذا الواقع يتطلب التعامل مع دولة الاحتلال وإلى أن يتم التحرير، باعتبارها أيضا دولة عنصرية لا يمكن أن تتسع لكل مواطنيها، مما يعنى أن السلام هو شعار غير قابل للتنفيذ فى ظل منظومة من القوانين العنصرية وكذلك الممارسات العنصرية التى تتجاوز ممارسات الاحتلال الدموية والجائرة إلى ممارسات التمييز العنصرى التى تمس كل وجه من أوجه الحياة.
الصعوبات أمام الفلسطينيين فى ازدياد فى حين أن الإمكانات المتاحة فى تناقص. والفلسطينيون أمام خيارات مفروضة كونها محكومة للظروف المحيطة بقضيتهم وبواقعهم كشعب تحت الاحتلال، أكثر من كونهم أمام خيارات مفتوحة تسعى إلى تحقيق آمالهم وطموحاتهم أو حتى جزءا منها. والعودة إلى الماضى من خلال منظمة التحرير الفلسطينية يجب ألا يشكل ضمن المعطيات السائدة هدفا أمام الفلسطينيين للمرحلة المقبلة.
التعليقات