«النهج الابراهيمى»: الخطر الاستراتيجى القادم على العرب - فيس بوك - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«النهج الابراهيمى»: الخطر الاستراتيجى القادم على العرب

نشر فى : الإثنين 13 ديسمبر 2021 - 9:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 14 ديسمبر 2021 - 11:16 ص
نشر الكاتب الأردنى لبيب قمحاوى مقالا على صفحته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، تحدث فيه عن الفلسفة الصهيونية التى تهدف إلى ربط العرب واليهود معا لإعادة تشكيل المنطقة وتحويلها إلى مجموعة إقليمية واحدة... نعرض منه ما يلى:
يقول الكاتب إن المخططين الاستراتيجيين الإسرائيليين يسعون إلى تكريس النهج الإبراهيمى بأبعاده المختلفة كفلسفة المستقبل لمنطقة الشرق الأوسط عموما والعالم العربى خصوصا. وهذا النهج يهدف إلى العودة بالمنطقة الشرق أوسطية إلى التاريخ البعيد بحثا عن عوامل جامعة لسكان المنطقة كما كانت قبل آلاف السنين والانطلاق منها إلى الوقت الحاضر فى محاولة بائسة لإسقاط البسيط الذى كان قائما فى الماضى على المعقَد القائم فى الحاضر. الأمر ليس خياليا أو مستحيلا بالصورة التى يبدو فيها، كونه فى أصوله محاولة شيطانية ذكية لاستغلال النصوص الدينية والثغرات التاريخية والأصول العرقية فى محاولة لربط جميع أطراف معادلة العلاقة العربية ــ اليهودية معا كمدخل لإعادة تشكيل تلك العلاقة وتحويلها من علاقة صراع إلى إطار جامع للأطراف المعنية وتحويلهم بالتالى إلى مجموعة إقليمية واحدة بهدف الحفاظ على المكاسب الإسرائيلية فى فلسطين والعالم العربى.
تعتبر صفقة القرن وما تلاها من اتفاقات التطبيع العربى ــ الإسرائيلى تحت عنوان «الاتفاقات الإبراهيمية» وما تمخض عنها من إجراءات تطبيعية سريعة، والمحاولات الجادة والمتسارعة التى نشهدها الآن لتخفيف الصبغة العربية والإسلامية للعديد من تلك الدول والإجراءات المختلفة التى اتخذت فى ذلك الاتجاه، ، كل هذا وذاك والكثير مما هو قادم هو فى حقيقته جزء من «المسار الإبراهيمى» وتمهيد لما هو أكبر وأخطر من خطوات وإجراءات قادمة.
ويضيف الكاتب أن إعادة تشكيل الفكر الدينى والعبث بالعقل العربى وقناعاته وهويته كانا دائما فى ضمير المستتر لجميع السياسات والإجراءات التى تبناها أعداء العرب فى مختلف المجالات وبمختلف الوسائل انتهاء بالدعوة إلى «الإبراهيمية» بأبعادها المختلفة.
إن المحاولات الجارية حاليا لتبسيط قضية معقدة مثل قضية فلسطين، وواقع مشتبك ومتناقض فى مصالحه مثل العلاقات بين العرب وإسرائيل كدولة احتلال، وذلك من خلال العودة بضعة آلاف من السنين إلى الوراء بهدف البحث عن عوامل مشتركة جامعة، مهما كانت بسيطة أو مُخْتَلقة، هو أمر يُخفى فى طياته نوايا شريرة تجاه الشعب الفلسطينى خصوصا والعرب عموما. الفلسفة الإبراهيمية هى فى واقعها استدعاء الماضى السحيق لتبرير واقع جديد ينافى المنطق كونه يسعى إلى إضفاء الشرعية والقبول على الكيان الإسرائيلى مما يتناقض والمصلحة العربية العامة بغض النظر عن موقف الأنظمة العربية المعنية ومدى توافق مصالحها مع النهج الإبراهيمى.
ويستكمل الكاتب قائلا أن الدعوة الروحية الخيالية الغيبية والمشبوهة تحت مسمى «العقيدة الإبراهيمية» أو «الديانة الإبراهيمية» والتى تهدف إلى ربط الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية معا من خلال «أبو الأنبياء ابراهيم» وهو الأقرب زمنيا إلى اليهودية، بهدف الخروج بمنظور دينى ابراهيمى واحد يجمع أتباع الديانات الثلاث، تترافق هذه الدعوة مع دعوات أخرى مشابهة وسابقة لها تنتمى إلى الشق السياسى من معادلة الصراع مع إسرائيل وتتمثل بالدعوة إلى «شرق أوسط جديد» بحيث تصبح «الهوية الشرق أوسطية» بديلا عن الهوية العربية. وبالإضافة إلى ذلك فإن هنالك محاولات واضحة للعودة إلى التركيز على الأصول العرقية السامِيَة (Semitic Origin) للعرب والعبرانيين اليهود باعتبارهم «أبناء عم» من نفس الأصول العرقية، كوسيلة للتأكيد على أولوية هذه العلاقة على الهوية العربية ورابطة العروبة والاستعاضة عنها بهوية أو رابطة دينية أو مذهبية أو عرقية أو جغرافية لا تعنى شيئا مثل الهوية الشرق أوسطية أو الأصول العرقية السامية أو العقيدة الدينية الابراهيمية، ولكنها تسعى فى جوهرها إلى قبول إسرائيل ودمجها فى المنطقة وتهدف إلى تبرير وتكريس بقاء الوجود اليهودى الإسرائيلى على أرض فلسطين، بل وحق اليهود التاريخى فيها.
•••
أشار الكاتب إلى أن «النهج الابراهيمى» هو الطريق السريع لنقل التطبيع مع إسرائيل من حالته الفردية المبعثرة والمتفرقة، إلى مسار عام يشمل معظم الدول العربية وإسرائيل ويغطى معظم أوجه الحياة خصوصا الانتماء الدينى والهوية السياسية ومشاريع التنمية والتكنولوجيا الاستراتيجية والتعاون العسكرى. القيام بمشاريع استراتيجية مشتركة تكون إسرائيل فيها طرفا أساسيا قد يكون أحد أهم الوسائل للسيطرة الإسرائيلية على مستقبل المنطقة وعلى الثروات والمصادر الطبيعية فيها وإخضاع اقتصادات الدول العربية المعنية للمصالح الإسرائيلية وجعلها امتدادا للرؤية السياسية والاقتصادية والأمنية الإسرائيلية وبشكل يغنى الإسرائيليين عن القيام بأى جهد عسكرى لفرض رؤيتهم تلك. إن ربط دول المنطقة بذيل التبعية لإسرائيل من خلال تلك المشاريع الاستراتيجية المشتركة هو نوع جديد من الاحتلال يمكن أن ندعوه «احتلال المصالح العربية» كبديل عن الاحتلال العسكرى التقليدى للأرض وما عليها.
إن ترجمة بعض الأنظمة العربية لمسار التطبيع وتحويله إلى تعاون أمنى عسكرى يأتى فى السياق الذى حول إسرائيل فى عام واحد من عدو معلن إلى جار مقبول ثم صديق ثم حليف استراتيجى.
ويستطرد الكاتب بقوله ان التسارع غير المتوقع فى مسار التطبيع العربى مع إسرائيل من خلال المسار الابراهيمى يؤكد على وصول بعض الأنظمة العربية المعنية والراغبة إلى قناعة تامة بأن لا قيمة لأى تحرك مضاد للمسار الابراهيمى مهما بلغ ذلك المسار من تمادٍ وتهور فى تقديم التنازلات لإسرائيل. الأمر لن يقف عند ذلك بل قد يتطور إلى حدوده القصوى من خلال تواجد قواعد عسكرية إسرائيلية وأمريكية فى تلك الدول تحت أعذار مختلفة تجعل من تلك الدول العربية توابع تدور فى الفلك الإسرائيلى وتحت القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وتتجسد بذلك الرؤيا الإسرائيلية الحالمة، دون الحاجة إلى خوض حروب لتحقيق ذلك.
إن كل ما جرى ويجرى يعكس تسليما رسميا عربيا وقبولا عمليا بالرواية الصهيونية بأن فلسطين هى أرض يهودية منذ الأزل وهى وطن لليهود، وأن الوجود العربى الفلسطينى على أرض فلسطين إنما هو حالة طارئة مما يجعل من طرد شعبها العربى الفلسطينى منها أمرا مبررا. هذه هى الترجمة الوحيدة للمسار المخجل للطبيعة الصهيونية العدوانية العنصرية لذلك المسار الابراهيمى.
ومع ذلك فإن فضح هذه الأفكار والأساليب والمخططات والفلسفات مثل «العقيدة الابراهيمية» هى الخطوة الأولى على طريق رفضها ومقاومتها وإفشالها، وليس قبولها والخضوع لها والتسليم بها كأمر واقع.
التعليقات