«مسيرة» الطاقة بين التوترات الجيوسياسية ورهانات الذكاء الاصطناعى - قضايا اقتصادية - بوابة الشروق
الأربعاء 8 أكتوبر 2025 10:02 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

«مسيرة» الطاقة بين التوترات الجيوسياسية ورهانات الذكاء الاصطناعى

نشر فى : الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 7:55 م | آخر تحديث : الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 7:55 م

مرحلتان زمنيتان استعرضهما تقرير «بريتيش بتروليوم» السنوى لدراسات اقتصاد الطاقة لعام 2050؛ الأولى تناولت تطورات الطاقة منذ بداية هذا العقد الذى صادف أيضًا انحسار «كوفيد-19» حتى عام 2025 الحالى؛ والثانية التوقعات المحتملة لقطاع الطاقة عمومًا حتى منتصف القرن.
لقد شملت الدراسة ما أصبح يعرف بـ«المرحلة الانتقالية» إلى عام 2050، حيث جرى التركيز على التحولات المتوقعة فى الطاقات الهيدروكربونية والمستدامة والهجينة. وبحث التقرير، تحديدًا، فى هذه المرحلة، التحولات الأساسية المتوقعة فى الطلب على النفط، والزيادة العالية المستمرة لكهربة نظام الطاقة العالمى، بالإضافة إلى الآثار المترتبة على تطور الذكاء الاصطناعى وانعكاساته على نظام الطاقة العالمى، سواء كان ذلك فى مساندة الذكاء الاصطناعى لبحوث الطاقة، أم لمتطلباته من إمدادات كهربائية ضخمة لتشغيل مراكز الأبحاث التابعة للذكاء الاصطناعى.
تبنى التقرير تعبير «المسيرة» لمرحلة تحول الطاقة إلى 2050، نظرًا لتعدد العوامل ومتغيراتها: مدى التطور التكنولوجى فى تطوير الطاقات المستدامة، أو تأثير الأوضاع الجيوسياسية المضطربة على العرض والطلب للطاقة.
تكمن الأهمية الرئيسية للدراسة المستقبلية فى محاولة الإلمام بمسيرة الطاقة المستقبلية فى مرحلة تحول دقيقة من نظام الطاقات الهيدروكربونية، إلى الطاقات المستدامة التى لا تزال فى مرحلة تقنية متغيرة، فالطاقات الهجينة.
ويشير التقرير إلى أن العالم اليوم يستهلك أعدادًا مزدادة من الطاقات بأنواعها المتعددة والمختلفة؛ إذ تستمر زيادة الطلب العالمى على الطاقة الهيدروكربونية لترتفع سنويًا بنحو 1 فى المائة ما بين 2019 و2025. كما نلاحظ فى الوقت نفسه، تحسن ترشيد استهلاك الطاقة بنحو 15 فى المائة سنويًا خلال الفترة ما بين 2019 و2024، مقارنة بنحو 2 فى المائة خلال الأعوام العشرة السابقة للمدة سابقة الذكر.
وفيما يتعلق بالانبعاثات، الكربونية، فهى مستمرة فى الارتفاع بزيادة سنوية معدلها 0.6 فى المائة خلال الأعوام من 2019 إلى 2024؛ وهو الأمر الذى لا يساعد فى تلبية التوقعات العلمية حول إمكانية تصفير الانبعاثات بحلول 2050، فى حال استمرار هذه المعدلات الانبعاثية.
كما يلاحظ التقرير زيادة عالية غير عادية فى تشنج العلاقات الجيوسياسية العالمية والنزاعات فى الآونة الأخيرة؛ منها الحروب فى أوكرانيا والشرق الأوسط، هذا بالإضافة إلى زيادة استعمال الحظر التجارى ورفع قيمة الضرائب الجمركية، الأمر الذى يزيد من أسعار سلع الطاقة العالمية.
وقد أدت أيضًا زيادة تدهور الأوضاع الجيوسياسية، وكذلك زيادة سياسات الحظر التجارى، إلى إعطاء أهمية وأولوية عالية للأمن الطاقوى فى بعض الدول، الأمر الذى يترك آثارًا متعددة على اقتصاد الطاقة؛ ومنها إعطاء أولوية للاعتماد على الطاقة المنتجة محليًا، وزيادة الاعتماد على سلاسل الإمدادات المحلية، بدلًا من السلاسل الدولية.
يتوقع التقرير أيضًا أن يترك تدهور التطورات الجيوسياسية والاقتصادية الأمنية آثارًا متعددة، بالذات فى الدول التى لديها الإمكانات الواسعة لإنتاج إمدادات طاقة داخلية واسعة النطاق، مما سيدفعها إلى الإنتاج والاعتماد على موارد الطاقة الداخلية، بدلًا من استيراد الطاقة؛ إذ إن هذا الأمر، سيؤدى إلى زيادة الفروقات ما بين الدول المستوردة والمصدرة.
ستلجأ فى هذه الحال الدول المستوردة للطاقة إلى زيادة سرعة تشييدها الطاقة الكهربائية المحلية، الأمر الذى سيعنى تقليص استيراد هذه الدول من موارد الطاقة الأحفورية ذات الانبعاثات.
فى الوقت نفسه، شهد ارتفاع الطلب على النفط منذ عام 2019، ارتفاعًا سنويًا معدله 600 ألف برميل يوميًا. يعود السبب فى هذه الزيادة إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك فى الدول ذات الاقتصادات النامية، بالذات الصين، التى بلغت حصتها نحو نصف الزيادة العالمية للطلب على النفط.
يؤكد تقرير «بريتيش بتروليوم» أنه من المهم فى دراسة المرحلة المستقبلية لعام 2050، الأخذ فى الاعتبار أهمية بعض العوامل الخارجية التى تؤثر على التوقعات، بالذات الصراعات الجيوسياسية والنزاعات المسلحة؛ إذ إن هذه العوامل تترك آثارًا سلبية على إمكانية التوصل إلى نظام الطاقة المتوقع بحلول منتصف القرن، ونظرًا كذلك إلى مدى إمكانية تحقيق اختراقات علمية لتوسيع رقعة استعمال الطاقات المستدامة بحلول 2050. ويشير إلى توسع ضخم جدًا فى مراكز المعلومات نتيجة بروز الذكاء الاصطناعى. فالتوسع فى استعمال الذكاء الاصطناعى سيعنى نشوء طلب جديد وضخم للطاقة، لتزويد مراكز المعلومات بالطاقة الكهربائية.


وليد خدورى
خبير اقتصادى عراقى
صحيفة الشرق الأوسط اللندنية

قضايا اقتصادية القضايا الاقتصادية العالمية والدولية والمحلية
التعليقات