فرصة نضالية يجب ألا تضيع - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الخميس 9 أكتوبر 2025 5:31 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

فرصة نضالية يجب ألا تضيع

نشر فى : الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 8:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 8:25 م

يسأل الإنسان نفسه يوميًا، المرة تلو المرّة: ترى متى ستنتهى تلك التمثيلية السَّمجة التى ما إن حاكها الرئيس الأمريكى وعرضها على العالم بصورة مسرحية فكاهية بكائية حتى انبرى من نصَّب نفسه نبيًا يهوديًا جديدًا بشطب هذا الفصل، وتفسير تلك الفقرة، وإدخال تلك التصورات التوراتية الصهيونية الشيطانية، ورفض هذا الشرط وذاك الحل.
لم يبق نتنياهو نيَّة أو أملًا أو تمنِّيًا إلا وعصر رحيقها واستبدل بها السموم الصهيونية المعتَّقة عبر ثمانية عقود من الاحتلال. وإذا بنا أمام كتابين أمريكى وصهيونى لا يلتقيان إلاَّ فى أساليب المراوغة والوعود الكاذبة والغموض المستهزئ بذكاء القرّاء.
الأمران اللذان كانا واضحين بشكل صارخ هما ما قاله ترامب بنبرة نيرونية من أنه إذا لم تقبل المقاومة الفلسطينية بكل مكونات العرض المقدّس فإن أمريكا ستسحق وتدمّر كل مكوناتها، بما فيها كل أفرادها، وما قاله المجرم نتنياهو باعتزاز بأن كيانه لن يسمح قط بوجود دولة فلسطينية فوق ذرّة من أرض فلسطين.
لكن المقاومة بقلبها الوطنى الكبير قلبت الطاولة على ثرثرات الاثنين. ما كان باستطاعتها تجاهل دموع وانكسار أطفال ونساء غزة، وهم يتراكضون بين الأنقاض، ويعيشون عيشة الجوع والعطش طيلة أكثر من سنتين، ويصرخون طلبًا لنجدة إخوة عرب ومسلمين لهم ليل نهار، دون جدوى ودون استيقاظ ضمير. فكان أن قدَّمت الرَّد المتوازن العقلانى الوطنى الإنسانى الذى هو الآخر كتب كتابًا آخر فى ملحمة فلسطين الدامية التى فضحت وعرّت حضارة هذا العالم اللاَّهى المجنون. ولأنه كتاب مغلَّف بالنبل والتضحية والسمو سيحتاج إلى عمل الكثير والكثير من أجل الإبقاء على نقاء نبله وتضحياته وأهدافه.
لا نجرؤ أن نلقِّن أحدًا درسًا، بعد أن لقَّـنت غزة الرائعة العالم ألف درس ودرس، ولكنا فقط نريد أن نلفت نظر الإخوة الفلسطينيين المجتمعين فى مصر لمناقشة تفاصيل بقية المشوار، أن نلفت نظرهم إلى الآتى: وبكل تواضع وانحناء أمام الأبطال الذين كتبوا تعريفًا جديدًا للبطولة:
أولًا، إياكم أن تنقسم الرؤية الفلسطينية على نفسها فى هذه المرحلة. فهذا كل ما يتمنَّاه التحالف الأمريكى ــ الصهيونى ليدخل من خلال أى انقسام لإعادة لعب مسرحية أوسلو الكاذبة والمخادعة تحت مسمى جديد.
بل لنكن أكثر وضوحًا: إذا لم تقنع مآسى غزة جميع مكونات الجسم الفلسطينى بضرورة قيام قيادة وطنية واحدة ممثلة لجميع الفصائل والمكونات، هى التى تقود وهى التى تقرّر وهى التى مجتمعة تحارب، فإن كل ما حدث فوق غزة وكل فلسطين كان عبثًا فى عبث، بل ونصرًا مؤزَّرًا للصهيونية المجرمة الخبيثة، ما عاد مقبولًا عدم وجود قيادة واحدة، بالطريقة التى تراها الأغلبية الفلسطينية، تقود النضال فى كل فلسطين وخارج فلسطين وترفع صوتًا واحدًا مجلجلًا فى وجه الاستعمار الصهيونى وأعوانه.
أى خلافات عقائدية وفكرية أو تكتيكية من أى نوع كان يجب أن تؤجَّل إلى ما بعد انتهاء معركة تحرير الأرض والإنسان الفلسطينيين.
ثانيًا، يجب أن يدفع ويساهم الفلسطينيون بكل جهد لقيام كتلة شعبية تاريخية عربية لتقف بجانبهم وتحارب معهم وتنشر النضال ضد الصهيونية فى كل الأرض العربية.
سيكون مخجلًا أن يقوم الغير بكل جهد لتكوين تلك الكتلة التاريخية الضرورية، فى حين أن قيامها بالنسبة للنضال الفلسطينى مسألة حياة أو موت.
ثالثًا، من أجل أن لا يتعرض النضال الفلسطينى الموحَّد لأى ابتزاز آن عند قيام القيادة الواحدة أن توجد تلك القيادة وتشرف على صندوق تطوعى شعبى تدخله تبرعات دائمة عربية وغير عربية.
لقد خبر الفلسطينيون فى الماضى عشرات أنواع الابتزازات المالية من أجل إخضاعهم لهذه الإرادة أو تلك، فآن أن يتحرروا من ذلك.
إن هناك نداء لشابات وشباب فلسطين: لا تدعوا هذه المرة الفرصة التاريخية التى أمامكم أن تضيع مثلما ضاعت الكثير من أمثالها فى الماضى، والخلافات بين الأجيال الماضية يجب أن تنتهى. العبوا دورًا حاسمًا فى النقاشات واتخاذ القرارات وأصِّروا على وجود حدٍّ أدنى من الأهداف والسلوكيات النضالية التى ينضوى تحتها كل الشعب الفلسطينى وكل القوى المساندة الشعبية النضالية الشريفة العربية والإسلامية.
مفكر عربى من البحرين

علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات