تأزم الأوضاع فى «بلاد الاستثناء» - امال قرامى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تأزم الأوضاع فى «بلاد الاستثناء»

نشر فى : الثلاثاء 9 يونيو 2015 - 9:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 9 يونيو 2015 - 9:20 ص

أثار آخر تدخل لرئيس الحكومة «الصيد» أمام مجلس نواب الشعب بتاريخ 5 يونيو 2015 ردود فعل متباينة. دافع البعض عن سياسة الحكومة، ورأوا أنها تسير باتجاه الإصلاح الجوهرى، وركزوا على الجوانب الإيجابية التى وردت فى خطاب «الصيد» كإشارته إلى التحسن فى أداء المؤسسة الأمنية، وتوفر مناخ من الاستقرار النسبى مقارنة مع ما عرفته البلاد طيلة السنوات الماضية.

وفى المقابل شن أغلبهم حملة على الحكومة معتبرين أنها لا تملك تصورا ولا إرادة سياسية، ولا تكترث بمقاومة الفساد الذى استشرى فى جميع القطاعات بنسق سريع، ولم تلتزم بالوعود التى قدمتها فى أول ظهور لها. كما أنها لم تقطع مع المنظومة القديمة، ورفضت تنظيم حوار سياسى اجتماعى مع جميع «الأطراف»، ولجأت إلى توجيه خطاب قائم على الترهيب والتوعد متجاهلة السياق الاجتماعى الحالى الذى يتسم بالاحتقان خاصة فى الجنوب، وارتفاع نسب الاحتجاجات وقطع الطريق فضلا عن النتائج المترتبة عن حملة 'أين البترول'، وأهمها تهديد الوحدة الوطنية، وعودة الصراعات بين العروشيات (القبائل).

•••

يُشير الانتقاد الشديد الموجه لخطاب 'الصيد'، ومن ورائه حكومة الإئتلاف الرباعى بقيادة حزب النداء، إلى مجموعة من الهنات فى تسيير المرحلة، وهى راجعة بالأساس إلى أن حزب النداء قاد حملة انتخابية تركزت على الدفاع عن «نمط حياة حداثى» فى مقابل 'نمط الأسلمة' الذى تبنته حكومة الترويكا بقيادة النهضة ومن ثمة لم يكن 'النداء' قادرا على صياغة تصور دقيق لإدارة شئون بلاد تمر بأزمات حادة، وتتطلب وجود قائد ذى حنكة وشجاعة وإرادة وقدرة على ابتكار الاستراتيجيات والخطابات وغيرها.

وتكمن نقطة الضعف الثانية فى مرور الحزب بصراع داخلى نتيجة كثرة الطامعين فى المناصب القيادية، وتشتت المصالح بين الوجوه القديمة والوجوه الجديدة إلى غير ذلك من العوامل التى ساهمت فى إضعاف 'النداء'، وعدم انضباط أتباعه، والتفافهم حول مشروع موحد.

أما النقطة الثالثة فتكمن فى افتقار الحكومة إلى سند حزبى واسع فالأحزاب التى اشتركت معها فى إدارة المرحلة دعمت الحزب الحاكم صوريا، وظلت تتعامل معه على أساس أنه الخصم السياسى الذى أزاحها عن موقع الصدارة. ومعنى هذا أنها ظلت فى وضع المشاهد ولم تقم الدليل على تحمل للمسئولية وإنما آثرت إلقاء العبء على حزب النداء. وفى المقابل ظلت المعارضة تضطلع بدور المنتقد والمتبرم والمشهر بمواطن الخلل، والمؤلب للجماهير، والمهدد بإسقاط الحكومة.

ومهما يكن الأمر فإن خطاب «الصيد» الذى شخص الأزمات التى تمر بها البلاد اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وثقافيا، وعرض الإنجازات التى تحققت خلال 100 يوم، ووعد بإنجاز المزيد لم يستطع أن يقنع الجماهير ذلك أن توقعات التونسيين كانت أكبر من تصورات من صاغ خطاب رئيس الحكومة ولم يجد هؤلاء رسالة طمأنة ولا بصيص أمل.

•••

مرة أخرى بدت 'الخطة التواصلية 'هشة مفتقرة إلى إدراك حقيقى بالبنية النفسية للتونسيين فى هذه المرحلة حيث تنغلق دوائر الخوف من داعش، ومن الخصاصة، والتهميش، ومن ارتفاع الأسعار قبيل رمضان: شهر الاستهلاك بامتياز. ومرة أخرى يعجز رئيس الحكومة عن التأثير فى المتقبلين والوصول إلى قلوب الناس والتعبير عن احترامه لعقول شبان ملوا الوعود، والصبر، وتناول المسكنات، والتغاضى عن التلاعب بالمصالح، والتجاهل لآلام المكدودين، والبحث عن البديل: فإما الترحيب بداعش وهى على الأبواب، أو محاكاة البوعزيزى، أو 'الحرقة' أو....
فهل بإمكان حكومة الصيد أن تعيد النظر فى سياساتها وطريقة إدارتها للحكم، وأن تبادر باتخاذ مبادرات جريئة تبرهن على رغبة فى سد الفجوة بين الطبقات، والجهات، و«الحاكمين والمحكومين»... ؟وهل بإمكان أحزاب الإئتلاف أن تكون على قدر المسئولية فتشارك فعليا وجديا فى إدارة المرحلة؟

التعليقات