كوارث فيسبوك الخارجية - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كوارث فيسبوك الخارجية

نشر فى : الثلاثاء 9 نوفمبر 2021 - 8:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 9 نوفمبر 2021 - 8:45 م

نشر موقع بروجيكت سينديكيت مقالا للكاتب إريك بوسنر تناول فيه كيف أن الفيسبوك لعب دورا فى التحريض على أبشع الفظائع التى ارتكبت فى الدول النامية، ويرى أن على أمريكا كبح خطر الفيسبوك على العالم.. نعرض منه ما يلى.

«الأمريكى القبيح» هو عنوان رواية نُـشِـرَت عام 1958 للكاتبين يوجين بورديك وويليام ليدرير، وقد دخل هذا التعبير اللغة للإشارة إلى المسئولين الأمريكيين الأفظاظ غير المثقفين الذين سعوا إلى تحسين حياة المواطنين الأصليين دون أن يكلفوا أنفسهم عناء تعلم لغتهم، أو التعرف على ثقافتهم أو احتياجاتهم. الواقع أن سلسلة طويلة من الأمريكيين البغيضين، أغلبهم من الساسة والمسئولين الحكوميين من كلا الحزبين، تصوروا أن تطبيق وصفات بسيطة تستند إلى نسخ مثالية من المؤسسات فى الولايات المتحدة ــ الديمقراطية، والأسواق، وحقوق الإنسان ــ من الممكن أن تنجح فى تحويل أماكن عانت طويلا، مثل أفغانستان والعراق، إلى يوتوبيا استهلاكية على الطريقة الغربية. وقد تسبب هؤلاء الأمريكيون حتما فى إحداث أضرار فاقت أى نفع تحقق على أيديهم.

أشد الأمريكيين قبحًا اليوم ليس مسئولا حكوميا بل هو أحد المواطنين العاديين. إنه الرئيس التنفيذى لشركة فيسبوك، مارك زوكربيرج. تلقى زوكربيرج فيضا لا نهاية له من الانتقادات بسبب تأثير فيسبوك المؤسف على السياسة الأمريكية والثقافة الأمريكية. وكان الاهتمام أقل بالتأثير الذى خلفته شركة فيسبوك على الأسواق الأجنبية، التى اخترقها زوكربيرج بتهور دون أن يبدى أدنى قدر من القلق إزاء العواقب المحتملة التى قد تترتب على إجراء تجارب اجتماعية ضخمة فى بلدان؛ حيث المؤسسات ضعيفة وحيث التاريخ الذى يغلب عليه عدم الاستقرار.

فى عام 2015، انضم زوكربيرج إلى الموسيقار بونو فى الدفاع عن حق الإنسان فى الوصول إلى الإنترنت. الواقع أن الاعتقاد الشائع بين النخبة من رجال الأعمال فى أمريكا بأن مصلحة الفرد الذاتية الاقتصادية تتوافق مع الصالح العالمى بدا وكأنه أنشودة للفضاء الإلكترونى كتبها الثنائى لصحيفة نيويورك تايمز:
فى إثيوبيا وتنزانيا، على سبيل المثال، يتصل المزارعون بالإنترنت للحصول على أسعار أفضل، وتتبع المخزون وسداد أقساط التأمين عن طريق الأجهزة المحمولة فى حالة الطقس السيئ.. فى جواتيمالا، تنبئ الهواتف الخلوية الأمهات بكيفية الحفاظ على حَـمـل صحى.

ولكن تبين أن الواقع مختلف بعض الشيء. ففى إثيوبيا نجد أن منشورات فيسبوك «تحرض على عنف الغوغاء، والصدامات الـعِـرقية، والتدابير القمعية ضد الصحافة المستقلة أو الأصوات الصريحة». وفى نيجيريا، تداول مستخدمو فيسبوك صورا بشعة لجثث أموات، والتى قُـدِّمَـت زورا وبهتانا للإيحاء بأن أعضاء إحدى المجموعات الـعِـرقية ذبحوا أعضاء مجموعة عِـرقية منافسة، فأثار ذلك موجة من عمليات القتل المروعة. فى بلد حيث يبلغ عدد مستخدمى فيسبوك 24 مليون شخص، تم توظيف أربعة أشخاص فقط للتحقق من منشورات فيسبوك.

فى ميانمار، اسـتُـخـدِمَـت حسابات على فيسبوك لإثارة العنف الـعِـرقى ضد الروهينجا، الذين قُـتِـل عشرات الآلاف منهم ودُفِـعَ بأعداد أكبر إلى الخروج إلى المنفى. وفى الهند، أثار مستخدمو فيسبوك أعمال عنف طائفية، بما فى ذلك عمليات إعدام خارج نطاق القانون ضد مسلمين. كما تُـسـتَـخـدَم حسابات مماثلة على فيسبوك لتأجيج الصراع والتحريض على المذابح فى سريلانكا، واليمن، والعراق، وبنجلاديش. وفى بلدان أخرى كثيرة، من فيتنام إلى بولندا، استخدمت الحكومات أو أنصارها فيسبوك لاستهداف ومضايقة وتهديد المنشقين والمعارضين السياسيين والأقليات الضعيفة.

فى مقال التايمز، كان زوكربيرج يروج للوصول إلى الإنترنت، وليس موقع فيسبوك ذاته. لكننا بتنا نعلم الآن أن الوصول إلى الإنترنت وفيسبوك أمران مترابطان متشابكان. فى العديد من البلدان، يُـعَـد موقع فيسبوك ولوازمه، إنستجرام، وواتساب، بين منصات الوسائط الاجتماعية المهيمنة، كما هى الحال فى الولايات المتحدة.

كان أداء كل من الإنترنت وفيسبوك جيدا للغاية منذ نُـشِـرَت تلك المقالة. فمنذ عام 2015 إلى يومنا هذا، ازدادت نسبة سكان العالَـم من القادرين على الوصول إلى الإنترنت من 41% إلى 66%، فى حين ازدادت قاعدة المستخدمين النشطين شهريا على فيسبوك من 1.49 مليار شخص إلى 2.89 مليار شخص. ورغم أن مدى مساهمة فيسبوك فى تآكل الديمقراطية وحقوق الإنسان على مدار هذه الفترة غير معلوم، فمن الواضح أن هذه المنصة لعبت دورا فى التحريض على بعض من أبشع الفظائع حول العالم.

ولكن فى حين أن هدف زوكربيرج المتمثل فى «بناء مجتمع عالمى»، على حد تعبيره فى عام 2017، يشبه السياسة الخارجية الأمريكية (أو على الأقل السياسة الخارجية الأمريكية قبل أن تحترق جثتها فى العراق وأفغانستان)، فإن شركة فيسبوك كيان خاص بطبيعة الحال. وهى خاضعة للسلطة القضائية الأمريكية وليس العكس. وقد تدرس مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية الملومة، جنبا إلى جنب مع الكونجرس والرئيس، ما إذا كانت أمريكا مدينة للعالم بكبح جماح فيسبوك، إلى أقصى درجة ممكنة، فى البلدان التى تفتقر إلى القدرة المؤسسية لكبح جماحها بذاتها.

تشير بعض الإصلاحات الممكنة إلى ذاتها. فبوسع الكونجرس الأمريكى أن يُـقِـر قانونا يلزم شركات وسائط التواصل الاجتماعى الأمريكية بتخصيص بعض مواردها لرصد ومراقبة المحتوى والتحقق منه فى الدول الأجنبية بما يتناسب مع المبالغ التى تنفقها على هذه الأنشطة فى الولايات المتحدة.
قانون آخر محتمل قد يسمح للأجانب بإقامة دعاوى قضائية فى محاكم الولايات المتحدة عندما تنشر شركات وسائط التواصل الاجتماعى معلومات مضللة وخطاب يحض على الكراهية، على النحو المحدد بموجب القانون المحلى. ومن الممكن أن يستن الكونجرس قانونا يفرض عقوبات على شركات وسائط التواصل الاجتماعى التى يثبت أنها ساهمت بشكل متهور فى فظائع كبرى عملت منصاتها على تسهيلها أو فشلت فى منعها.
النمط الطالح من الأمريكيين فاق النمط الصالح عددا بدرجة عظيمة. والآن، بفضل سياسة فيسبوك الخارجية جزئيا، أصبح الأمريكى القبيح فى كل مكان.

النص الأصلي هنا

التعليقات