جورجيا ميلونى سيدة روما.. هل تصبح سيدة أوروبا؟ - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 27 يوليه 2024 9:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جورجيا ميلونى سيدة روما.. هل تصبح سيدة أوروبا؟

نشر فى : الإثنين 10 يونيو 2024 - 7:40 م | آخر تحديث : الإثنين 10 يونيو 2024 - 7:40 م

مع ترسيخ أحزاب اليمين المتطرف أقدامها أكثر فى البرلمان الأوروبى، بدأت الأنظار ترنو إلى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلونى التى تقود حكومة يمينية متشددة منذ عام 2022، بوصفها الزعيمة الأوروبية، التى أثبتت قدرة على إمساك العصا من المنتصف والتعاطى ببراجماتية مدهشة مع المؤسسات القارية مثل الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى.
فى العام 2019، هتفت ميلونى زعيمة حزب «إخوة إيطاليا» ذى الجذور الفاشية، خلال مشاركتها فى مؤتمر للأحزاب المحافظة فى الولايات المتحدة: «أسقطوا الاتحاد الأوروبى»، الذى اعتبرته مسئولا عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التى تعانيها إيطاليا.
وعندما تصدر حزب ميلونى الانتخابات التشريعية فى 2022، حبست أوروبا أنفاسها وصار فى حكم المؤكد أن المرأة التى قالت ذات مرة إن سياسات الديكتاتور الإيطالى بينيتو موسولينى لم تكن كلها خاطئة، ستتولى رئاسة الوزراء فى ثالث أكبر دولة فى الاتحاد الأوروبى. وتوقع كثر أن تكون إيطاليا، بعد بريطانيا، هى الدولة المرشحة للخروج من الاتحاد.
خالفت سيدة روما الجديدة التوقعات، وإذ بها تقصد مقر الاتحاد الأوروبى فى بروكسل فى أول زيارة خارجية لها بعد تقلدها منصبها رسميا. كثر فسّروا ذلك، بأنه من قبيل إدراكها الحاجة الماسة لبلادها، التى أنهكها وباء كورونا وأثقلت عليها الديون، إلى المليارات من اليورو التى خصّصها الاتحاد كخطة لإنعاش اقتصادات الدول الأعضاء بعد مرحلة الإغلاقات فى زمن كوفيد-19.
وبمرور الأيام، أظهرت ميلونى انسجاما غير متوقع مع سياسات الاتحاد الأوروبى، ولم تنضم إلى رئيس الوزراء المجرى الشعبوى فيكتور أوربان فى التصدى لقرارات بروكسيل والخروج على الإجماع والتهديد بالفيتوات. بل كُلفت أكثر من مرة بإقناع الزعيم المجرى المشاكس بتليين موقفه، وتحديدا فى السياسات المتعلقة بتشديد العقوبات على روسيا وتعزيز حزمات المساعدات العسكرية والاقتصادية لكييف.
كل ذلك، يعكس نقلة فى مواقف ميلونى من اليمين المتشدد نحو اليمين بمعناه التقليدى، وغابت عن خطاباتها السياسية النبرة القومية والدولة - الأمة، ليحل محلها الانخراط فى بناء المشروع الأوروبى. وهذا ما أفسح فى المجال أمام قيام تعاون مجدٍ بين رئيسة الوزراء الإيطالية ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين المغرقة فى أوروبيتها. وإذ بها تجد نفسها فى تلاقٍ عن بعد مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى يتزعم التيار الوسطى فى أوروبا.
• • •
يُنظَر إلى ميلونى على أنها «صانعة الملوك» فى أوروبا، نظرا إلى الدور الذى ستلعبه فى دعم فون دير لاين فى البرلمان الأوروبى للفوز بولاية ثانية على رأس المفوضية الأوروبية. وهذا ما سيمنحها تأثيرا أكبر على القرارات التى ستتخذ فى بروكسل مستقبلاً.
وميلونى وفون دير لاين هما فى الموقع نفسه المؤيد لمواصلة الدعم الأوروبى لأوكرانيا، الأمر الذى يُوفّر مساحة أكبر للتعاون فى هذا المجال بين ماكرون وميلونى، أكثر مما هو متوافر بين الرئيس الفرنسى والمستشار الألمانى أولاف شولتس.
وفى وقت يحذر ماكرون من أن أوروبا، المتخلفة كثيرا عن الولايات المتحدة والصين، اقتصاديا وتكنولوجيا، «يمكن أن تذبل وتموت» فى حال لم تحدث تحولا فى سياساتها، فإن ثمة فرصة لتوحيد الجهود مع ميلونى«لإنقاذ القارة»، وفق ما يرى الكاتب لورنزو مارسيلى فى صحيفة «الجارديان» البريطانية، ويضيف أن لوبن وزعيم حزب «الحرية» الهولندى غيرت فيلدرز يعتبران «أن مشكلة أوروبا تكمن فى الإفراط فى المساجد وتوربينات الرياح، وليس فى الافتقار إلى السياسات الاقتصادية والخارجية الطموحة».
وفى استطلاع رأى أجرته صحيفة «سكومودو» الإيطالية تبين أن نسبة 65 فى المائة من الشعب الإيطالى تحت سن الـ35 يؤيدون توثيق العلاقات مع أوروبا. وقد تُفسّر هذه النتائج الانقلاب فى مواقف ميلونى، شرط أن «يكون الاتحاد الأوروبى شريكا للدول القومية، وليس بنية فوقية تخنق الدول القومية».
• • •
السؤال الآن، إلى أى مدى يمكن أن تُؤثر ميلونى على لوبن التى ستعزز كتلتها فى البرلمان الأوروبى وتتوقع استطلاعات الرأى أن تحرز ما فوق الـ50 فى المائة فى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2027؟
أصلا، تبنت لوبن فى الأعوام الأخيرة لهجة أقل عدائية ضد الاتحاد الأوروبى، وهى تقترب من التخلى عن فكرة طرح استفتاء على عضوية فرنسا فى الاتحاد أو على البقاء فى منطقة اليورو، مع احتفاظها بالحذر إزاء حلف شمال الأطلسى، وهو موقف يُميّز إجمالا مواقف الكثير من الساسة الفرنسيين، الذين يبدون أكثر طموحا إلى الاستقلال عن الحماية الأمريكية.
ويبقى أن اليمين المتطرف بكافة أطيافه وفروعه، قد يُمعن فى تغيير وجه أوروبا، كنتيجة لإخفاقات الحكومات المنتمية إلى تيارات اليمين ووسط اليمين ووسط اليسار على مدار عقود. وإذا بالقارة التى تقرع أبوابها أخطر حرب منذ الحرب العالمية الثانية، يقودها الاستياء من الحكومات الحالية إلى سياسات كان يُظَنُّ أنها دفنت مع أدولف هتلر وموسولينى وفرانشيسكو فرانكو، على ما رأى تحقيق مطول فى موقع «بوليتيكو» الإخبارى الأمريكى، الذى ينظر إلى تحولات أوروبا على أنها مقدمة لملاقاة «لحظة» دونالد ترامب فى الولايات المتحدة فى حال عاد الرئيس السابق إلى البيت الأبيض فى انتخابات نوفمبر المقبل.
أكثر ما شغل اهتمام الرئيس الأمريكى جو بايدن فى احتفالات الذكرى الـ80 لإنزال النورماندى فى فرنسا قبل أيام قليلة، هو التحذير من خطر عودة تيار «العزلة» فى الولايات المتحدة. وهذه رسالة تحذير لأوروبا التى صارت على اقتناع بأن عليها الاتكال أكثر فأكثر على حماية نفسها.
إن مجلة «الإيكونوميست» البريطانية توقعت أن يتوقف مستقبل أوروبا على ثلاث نساء هنّ جورجيا ميلونى وفون دير لاين ومارين لوبن.


سميح صعب
موقع 180
النص الأصلى:
https://rb.gy/7jur8e

التعليقات